"كل المحترمين سيساعدونه": تعيين قائم بأعمال محافظ المركزي المصري

عبدالفتاح السيسي: العمل على توفير مصادر متنوعة للموارد من العملات الأجنبية.
الجمعة 2022/08/19
العمل على مواكبة المتغيرات الاقتصادية العالمية

القاهرة – استقبلت الأوساط الاقتصادية والمالية المصرية الخميس تعيين حسن عبدالله قائما بأعمال محافظ البنك المركزي، خلفا لطارق عامر الذي عُين مستشارا للرئيس، بالكثير من التفاؤل وذلك بالنظر إلى خبرته الطويلة في إدارة الأعمال المالية.

وقالت الرئاسة إن الرئيس عبدالفتاح السيسي “أصدر قرارا بتعيين قائم بأعمال محافظ البنك المركزي” بعد الاستقالة المفاجئة لعامر الأربعاء الماضي.

وأشارا المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي في بيان مقتضب إلى أن السيسي التقى عبدالله وأكد له “على ضرورة تطوير السياسات النقدية لتتواكب مع المتغيرات الاقتصادية العالمية”.

كما شدد الرئيس المصري على “العمل على توفير مصادر متنوعة للموارد من العملات الأجنبية وضرورة العمل على توفير المناخ المناسب للاستثمار”.

وائل زيادة: الاستثمار أولوية لحسن عبدالله ويتحدث مع الأجانب جيدا

واستقال عامر قبل أكثر من عام على انتهاء مدته الثانية في بلد تواجه عملته أزمة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل خمسة أشهر. وشغل محافظ المركزي المستقيل موقعه في أكتوبر 2015، لفترة مدتها أربع سنوات.

ووصف هشام عز العرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي سابقا، عبدالله بأنه “عقلاني” و”يفهم السوق الدولية”. وأوضح أن أمامه مهمة صعبة، لكن “بالتأكيد كل المحترمين سيساعدونه”.

وكان حسن، الذي قوبل تعيينه بردود فعل أولية إيجابية، رئيس الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المملوكة للدولة والتي تتحكم في حصة كبيرة في هذا المجال، سواء في التلفزيون أو الراديو أو الصحف وصولا إلى إنتاج الدراما والسينما.

وقبل ذلك شغل عبدالله منصب الرئيس التنفيذي للبنك العربي الأفريقي في مصر في الفترة الفاصلة بين 2002 و2018، كما عين سابقا عضوا بمجلس إدارة البنك المركزي المصري، بحسب ما أفاد به موقع صحيفة “أخبار اليوم” الحكومية.

وقال وائل زيادة رئيس شركة الاستثمار زيلا كابيتال عن عبدالله إن “الاستثمار الأجنبي المباشر في صدارة اهتماماته ويتحدث بشكل جيد مع الأجانب”.

وشهد الجنيه المصري في ظل تولي عامر موجتين من التعويم أمام العملة الأميركية، في نوفمبر 2016 وفي مارس الماضي، ليصل حاليا إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 5 سنوات؛ إذ سجل سعر الدولار 19.1 جنيها، بحسب بيانات المركزي.

كما تسعى القاهرة إلى مواجهة ارتفاع الأسعار بعد أن وصل معدل التضخم السنوي تقريبا إلى 13.6 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 3 سنوات، مما يسهم في إثقال كاهل المستهلكين في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.

وتتفاوض مصر حاليا مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض جديد لتخفيف تداعيات الحرب في أوكرانيا على اقتصاد البلد الذي تصل فيه نسبة الفقر إلى نحو 30 في المئة من مجمل تعداد السكان الذي يتجاوز 103 ملايين نسمة.

وشهدت مصر بالفعل في مايو الماضي أكبر زيادة لسعر الفائدة خلال نحو نصف عقد، كواحدة من الخطوات العديدة التي قامت بها السلطات المعنية لاحتواء تأثيرات الحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصاد المصري.

فقد أدت الحرب إلى ارتفاع صاروخي في أسعار القمح والوقود، وهو ما أضر كثيرا بالاقتصاد المصري نظرا لاعتماد مصر على القمح المستورد في تغطية نحو نصف احتياجاتها.

كما تضررت السياحة بهذه الحرب، وهو ما أدى إلى خروج نحو 20 مليار دولار من الاقتصاد المصري، مما أسهم في زيادة الضغوط على الجنيه.

ويقول زياد داوود، كبير خبراء الاقتصادات الناشئة في بلومبرغ، إن استقالة عامر قد تشير إلى تحول في سياسة سعر الصرف في مصر.

وأدى تثبيت سعر الصرف تقريبا منذ 2017، رغم الوباء وزيادة أسعار الفائدة في العالم وارتفاع أسعار الوقود والغذاء، إلى زيادة الضغوط على الجنيه. وقد يتم تعديل سعر الصرف المطلوب في مصر خلال الفترة المقبلة.

وأشار داوود إلى أنه قد تتم أيضا زيادة أسعار الفائدة نظرا لاستمرار معدل التضخم المرتفع في مصر التي أصبحت مهتمة بجذب الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية.

مصر تتفاوض حاليا مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض جديد لتخفيف تداعيات الحرب في أوكرانيا على اقتصاد البلد

وتسبب ارتفاع معدل التضخم في انخفاض سعر الفائدة الحقيقية بالبلاد بعد حساب معدل التضخم إلى أقل من صفر في المئة، وهو ما يقلص جاذبية السندات المصرية للمستثمرين الأجانب.

وتقول مونيكا ماليك كبيرة المحللين الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري “نرى ضرورة لتشديد جديد للسياسة النقدية” في ظل سعر الفائدة السلبية في مصر بالنسبة إلى معدل التضخم “واحتمال المزيد من ارتفاع معدل التضخم خلال الأشهر المقبلة”.

وجاء الارتفاع في معدل التضخم خلال الشهر الماضي جزئيا نتيجة ارتفاع أسعار النقل بنسبة 17 في المئة بسبب قرار الحكومة زيادة أسعار الوقود. ومن المحتمل زيادة أسعار الوقود مجددا خلال الفترة المقبلة.

ويتوقع أن تؤدي زيادة الفائدة إلى تحسين جاذبية أدوات الدين المصرية لدى المستثمرين الأجانب الذين بدأوا العودة إلى هذه السوق.

وبحسب البيانات الرسمية سجلت استثمارات الأجانب في سندات الخزانة المصرية خلال يونيو الماضي أول زيادة لها منذ أشهر.

وقال محمد أبوباشا رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار المصري إي.أف.جي هيرمس إن “تشديد السياسة النقدية أمر مناسب في هذه المرحلة، في ظل توقع ارتفاع أسعار الوقود واستمرار تراجع قيمة الجنيه”.

10