كلمة "كازي" قضية رأي عام في تونس بعد توقيف صحافي بسببها

صحافيين ومدونين ونشطاء في تونس تجري ملاحقتهم بجرائم متصلة بأنظمة الاتصال والمعلومات.
السبت 2023/12/30
توقيف جديد يمنع حق التعبير

تونس - أصدر قاضي تحقيق في تونس قرارا بتوقيف الصحافي زياد الهاني، في أعقاب انتقادات علنية وجهها إلى وزيرة التجارة التونسية كلثوم بن رجب في برنامج إذاعي، بينما ذكر محاميه أنه تم إيقاف الهاني على خلفية عبارة “كازي” مؤكدا أن موكله أعلمه بملازمة الصمت.

وأوقفت السلطات الأمنية الهاني، مساء الخميس، في مقر سكنه لإخضاعه للتحقيق بتهمة “الإساءة إلى وزيرة التجارة”، وفق ما أفادت به نقابة الصحافيين التونسيين.

وانتقد الهاني في برنامج بإذاعة “آي أف.أم” الخاصة وزيرة التجارة كلثوم بن رجب بسبب البيروقراطية المعطلة لمشاريع التنمية، وطالب بتنحيها عن منصبها. وأثارت كلمة “الكازي” جدلا واسعا في البلاد، إذ استنكر الكثيرون أن يتم توقيف صحافي بسبب هذه الكلمة باعتبارها لفظا معتادا بين التونسيين لا تحمل إساءة، وفق وصفهم.

وتفاعل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع إيقاف الهاني، وكتبت صحافية:

وقالت صحافية أخرى على تويتر:

واستنكر المحلل نجيب الدزيري في برنامج على راديو “آي.أف.أم” الواقعة، وتساءل لماذا تم الاحتفاظ بزياد الهاني لأجل كلمة قالها والحال أن من سرق ونهب البلاد في حالة سراح لعشرات السنين، معتبرا أن إيقافه من أجل كلمة “كازي” كان ناتجا عن سوء فهم.

وانتقل الجدل حول كلمة “الكازي” إلى مواقع التواصل الاجتماعي ليكشف الكثير من التونسيين أنهم لا يعرفون معناها، وأنها متداولة بينهم وتستعمل سلبا أحيانا وإيجابا أحيانا أخرى.

وقالت القاضية كلثوم كنو:

وذهب العديد من الناشطين إلى ملاحقة معنى الكلمة لغويا، ووجدوا أن “كلمة كازي (وجمعها كوازي)” تستعمل للإشارة إلى شخص لا نكن له الاحترام. وهي مستعملة في اللهجة الليبية بمعنى الشخص الممقوت وغير المرغوب فيه، وهي من أقدم الاستعمالات الموثقة التي عثرت عليها من اللهجة الليبية وهي عبارة ترحاب بالدكتاتور الإيطالي موسوليني أثناء زيارته إلى ليبيا سنة 1937: “مرحبتين بكازي روما من غيره ما فيش حكومة”.

وأضافوا أن “من السياق يبدو أن للكلمة معنى إيجابيا إذ تمجد العبارة مسيرة موسوليني المسلحة إلى روما ومسكه بزمام أمورها، وهناك من رجح أن كلمة كازي “تعود إلى كلمة gazi التركية وأصلها غازي بالتركية العثمانية، من العربية غازي، بمعنى المنتصر. وهي من الألقاب التي كانت تسند للسلاطين والقادة العسكريين العثمانيين. كما أسندت لمصطفى كمال باشا (أتاترك) سنة 1921 إثر معركة صقاريا. ثم اكتسبت الكلمة معنى سلبيا على الأرجح لدى من قاوموا الاستعمار الفاشي خاصة بعيد سقوط الدكتاتور الفاشي وسقوط أنصاره ومن تواطأ معه في ليبيا”.

وكتب ناشط على فيسبوك:

وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها توقيف الصحافي زياد الهاني. وقالت نقابة الصحافيين في بيان لها إن التتبع لا يكون إلا وفق شكاية يقدمها المتضرر وفق شروط حددها الفصل 69 وما بعده من المرسوم 115. وأضافت أنها “ترفض الملاحقات القضائية المتواترة للزميل زياد الهاني والتي تهدف إلى إخراس صوته الناقد، وتدعو النيابة العمومية إلى الإطلاق الفوري لسراحه”.

وتجري ملاحقة صحافيين ومدونين ونشطاء في تونس عبر المرسوم الرئاسي 54 الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيد في 2022، لتحديد الجرائم المتصلة بأنظمة الاتصال والمعلومات. ويتضمن الفصل 24 بالخصوص من هذا المرسوم، عقوبات بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية بخمسين ألف دينار ضد كل من يقوم بالتشهير أو الاعتداء أو الإساءة للغير عبر أنظمة الاتصال والمعلومات.

وقال المحامي العياشي الهمامي في مداخلة على إذاعة “آي.أف.أم”، “إن الإشكال في تونس أن هناك قانونا صدر يسمح للنيابة العمومية بهضم جانب المواطن التونسي وإيداعه السجن دون وجه حق وهذا القانون هو المرسوم عدد 54 سيء الذكر وخاصة الفصل 24 الذي يفتح الباب على مصراعيه لاجتهاد النيابة العمومية مثلما تريد بتعليمات من وزارة العدل لتضع مواطنا في السجن لأنه قال مثلا كلمة ‘كازي’ والإشكال ليس في النيابة العمومية وإنما في القانون الذي يسمح للنيابة العمومية بهذا …”.

5