كلمة عبداللطيف رشيد غارقة في العموميات وبعيدة عن الواقع

بغداد- جاءت كلمة الرئيس العراقي الجديد عبداللطيف رشيد غارقة في العموميات وبعيدة عن الواقع، ما يكشف أن الرئيس الذي جاء في سياق قطع الطريق على سلفه برهم صالح لا يمتلك رؤية واضحة عن الدور الذي سيلعبه في المرحلة القادمة، خاصة أنه لا يمكن أن يتحرك خارج مربع الإطار التنسيقي الذي سيحدد له سقف تحركاته.
وقالت أوساط سياسية عراقية إن ما جاء في كلمة رشيد، خلال مراسم تسلّمه منصبه في قصر السلام في بغداد، بشأن تشكيل حكومة جديدة “بسرعة” وتكون “قوية” و”تلبي طموحات الشعب” كلام عام وفضفاض يمكن أن يقوله أي شخص، خاصة أن الرجل كان على هامش العملية السياسية وجيء به في آخر لحظة كـ”مرشح تسوية”، وهو ما ينطبق أيضا على حديثه عن التقريب بين القوى السياسية وبناء علاقات متينة مع دول الجوار.
واعتبرت هذه الأوساط أن العراق غارق في أزماته السياسية التي أوصلت إحداها بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني رشيد نفسه إلى الرئاسة، متسائلة كيف لرئيس هو في الأصل نتاج لهذه الأزمات أن يجترح لها حلولا أو يقدر على مناقشتها في ظل عملية سياسية لم تفعل شيئا سوى مراكمة الأزمات منذ 2003 إلى حد الآن.
ولفتت إلى أن إدارة مسألة العلاقة مع دول الجوار أكبر من رئيس اللحظة الأخيرة، فهي في أحسن أحوالها احتلالات جزئية وتواجد عسكري مثل ما تفعل تركيا في المناطق الكردية، وفي أسوئها هيمنة كاملة لإيران التي احتمى رشيد بحلفائها في العراق للوصول إلى السلطة، لذلك من الصعب أن يقدر على طرح أي سؤال بشأن وجودها، فما بالك بإبداء رأي معارض لدورها ودور أذرعها في العراق من أحزاب وميليشيات.
ولا يمكن لرشيد أن يتحدث عن دور أكبر على المستوى الداخلي أو الإقليمي خاصة أن منصب رئيس الجمهورية شرفي في الغالب ويقف عند حدود تسمية رئيس الحكومة، والظهور في الصورة مع رئيس الحكومة ورئيس البرلمان في المناسبات السياسية، ويتوقف أمر الخروج عن هذا الدور على شخصية الرئيس مثلما هو الحال مع برهم صالح الذي نجح في أداء دور لافت في التعاطي مع أزمات العراق خلال السنوات الأخيرة، كما نجح في بناء علاقات تفاهم وتواصل مع دول الجوار، لكن نفوذ أحزب إيران حال دون تحقيق أي نتائج لذلك الجهد.
وبعد عام من الشلل السياسي انتخب البرلمان العراقي الخميس مرشح التسوية عبداللطيف رشيد (78 عاما) رئيسا للجمهورية، خلفا للرئيس المنتهية ولايته برهم صالح. وجاء هذا الانتخاب ضمن تحالف بين الإطار التنسيقي الموالي لإيران وكتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والكتل السنية.
وفور انتخاب رشيد كلّف محمد شياع السوداني (52 عاما)، مرشح الإطار التنسيقي، بتشكيل حكومة جديدة، وهو منصب يقتضي العرف الدستوري في العراق أن يعود إلى الطائفة الشيعية. وأمام رئيس الحكومة المكلّف الجديد 30 يوما منذ يوم تكليفه لطرح التشكيلة الحكومية الجديدة.
ورُشّح السوداني لهذا المنصب من قبل الإطار التنسيقي، الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران. ويهيمن الإطار على البرلمان العراقي مع 138 نائبا من أصل 329.
ويأتي تكليفه بعد عام من انتخابات أكتوبر التشريعية المبكرة في 2021، وأزمة سياسية خطيرة تجلّت عنفًا دمويّا في الشارع.
وشكّل ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني في الصيف شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر خلال الصيف.
وبلغ التوتر ذروته في 29 أغسطس، حين قتل 30 من مناصريه في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش وفصائل الحشد الشعبي، وهي فصائل مسلحة شيعية موالية لإيران ومنضوية في أجهزة الدولة.