كلما وقع خطأ نبحث عن شخص نلقي عليه اللوم

أبوظبي – أصدر مشروع “كلمة” للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي كتاب “صناعة اللوم: المساءلة ما بين الاستخدام وإساءة الاستخدام” للباحث البريطاني ستيفن فاينمان، ونقله إلى العربية ماهر الجنيدي، وراجع الترجمة فخري صالح.
ويتناول الكتاب مختلف جوانب مسألة إشكالية هدامة وبناءة في الآن ذاته في حياة البشر، ألا وهي اللوم، الذي يشكل حياتنا، أفرادا ومؤسسات وشعوبا، ويعد أحد أحدث كتب الثقافة المؤسسية المعاصرة التي ألفها ستيفن فاينمان، البروفيسور في السلوك المؤسسي في مدرسة الإدارة في جامعة باث، بأسلوب أدبي سلس، مبني على انطباعاته ورصيده المعرفي.
وينطلق كتاب “صناعة اللوم” من مسألة أن الأمور كلما اتخذت مسارا خاطئا، قادتنا الغريزة الأولى في الكثير من الأحيان إلى البحث عن شخص نلقي عليه اللوم، فاللوم يقسم مجتمعنا بطرق لا حصر لها، إذ يغرس بذور الحقد والانتقام، ويباعد بين العشاق، ويفصم عرى الصداقة بين زملاء العمل، ويبعثر المجتمعات، ويشرخ الأمم، ومع ذلك، فإن اللوم إذا ما تم وضعه وإدارته بشكل مناسب، يحمي النظام الأخلاقي ويعزز المسؤولية القانونية.
ويستكشف ستيفن فاينمان في هذا الكتاب تلك الثغرة الكامنة في اللوم، ويأخذنا في رحلة رائعة عبر مشاهد اللوم المريرة أحيانا والمستحقة أحيانا أخرى.
وانطلاقا من رحلة تاريخية وفكرية وثقافية ممتعة، يركّز الكتاب على جذور اللوم ومظاهره، بدءا من “صيادي الساحرات” في الماضي وصولا إلى أكباش الفداء وحالات الوصم التي مازلت قائمة حتى يومنا هذا، من الغضب الصحي الذي ينتاب الفرد إلى ثقافات بأكملها صاغتها القوة الغاشمة، مخاطبا عصرنا الذي تتزايد فيه حالات الضجر والاضطراب والقلق. وبعين الناقد، يدرس فاينمان القضية المحيّرة المتمثلة بالمساءلة العامة وحلبة السياسة، والتي غالبا ما تميز سياسيينا ومؤسساتنا المنغمسة في “ألعاب اللوم”.
وفي نهاية هذا الكتاب الرشيق الممتع، الذي يتألف من حوالي 200 صفحة من القطع المتوسط، يسأل فينمان سؤالا شائكا حول الكيفية التي يمكن لنا بواسطتها أن نخفف من آثار اللوم المسببة للتآكل، ثم يطرح أسئلة حاسمة وفي الوقت المناسب حول حدود الندم والغفران، وعن دور الاعتذارات التي تقدمها الدول عن أخطائها التاريخية، وما إذا كان بمقدور العدالة التصالحية أن تنفع.