كلام في الممنوع

فشل برشلونة في الاختبار الأخير، لم يحقق النتيجة المرجوّة في معقله “الكامب نو” ضد الريال، بل أفلت من الخسارة، هي من المرات النادرة التي يعاني خلالها الفريق على ملعبه، ربما كشفت مباراة الكلاسيكو “عورة” فريق المدرب إرنستو فالفيردي.
في تلك المباراة كان الريال الأقرب إلى الفوز، أتيحت له العديد من الفرص، كان الفريق الأبيض أكثر اندفاعا ورغبة في الفوز، كانت لديه حلول أكبر ورؤية فنية أوضح.
لقد نجح المدرب زين الدين زيدان وتفوق رغم التعادل، حيث قدم فريقه رسائل مطمئنة لمحبيه مفادها أن الفريق يسير على الطريق الصحيح.
لكن بالمقابل، ماذا فعل برشلونة؟ كيف كان تعامل مدربه فالفيردي مع هذا الاختبار؟ هل ثمة في الأفق ما يوحي بأن برشلونة ما زال يملك خصوصياته المميزة التي جعلته خلال حقبة طويلة من الزمن أقوى وأعتى فريق في أوروبا وفي العالم بأسره؟
ربما الأجوبة عن هذه الأسئلة الحائرة لا يحتملها لقاء “الكلاسيكو” فحسب، بل قد تدفعنا إلى العودة كثيرا إلى الوراء علّنا نظفر بالأجوبة المقنعة.
خطوات قليلة إلى الخلف، ولتكن بداية تحليل أداء برشلونة ومدى نجاحه في تحقيق أهدافه منذ لحظة التعاقد مع فالفيردي سنة 2017 قادما من فريق أتلتيكو بيلباو الذي حقق معه بعض النجاح.
كان التعاقد مع هذا المدرب مرتبطا أساسا بثقة إدارة برشلونة في قدرة هذا المدرب على المحافظة على “روح برشلونة” وطريقه لعبه المميزة، كان الهدف من التعاقد معه هو التتويج من جديد بلقب دوري الأبطال.
لكن الصورة التي تكشّفت مع الوقت برهنت على أن هذا المدرب غير مؤهل إلى حد الآن لتحقيق هذا الاستقرار الفني والوصول إلى الأهداف المنشودة.
سقطة تلو الأخرى، وضربة تتلوها ضربات وخاصة في دوري الأبطال، لكن فالفيردي صامد في مكانه، لم تعصف به رياح التغيير.
في موسمه الأول مع الفريق تلقى المدرب الإسباني صفعة موجعة للغاية أمام روما الإيطالي رغم تقدمه بفارق عريض في لقاء الذهاب ضمن منافسات دوري الأبطال، لكن الحصول على لقب “الليغا” أنقذه من الإقالة.
في الموسم الماضي، حصل السيناريو ذاته ضد ليفربول، ومرة أخرى ينجو هذا المدرب من “حبل الإقالة”، فالتتويج مجددا باللقب المحلي أعطاه جرعة حياة إضافية.
في كل هذه التفاصيل المتتالية ووصولا إلى المباراة الأخيرة لبرشلونة ضد الريال، بدا واضحا أن “زعيم كتالونيا” بصدد فقدان هوّيته، بدا شبحا لماضيه القريب.
قطعا فالفريق لم يخسر نجومه الرائعين وفي مقدمتهم الأسطورة ليونيل ميسي، بل ربما بات الفريق أكثر قوة مع استقدام عدد جديد من اللاعبين، غير أن فالفيردي لم يحسن حبك فصول قصة مجد مستمر لبرشلونة، بدا مصيره في كل مرة مرتبطا بما يقدمه العبقري ميسي، فهذا اللاعب لوحده يساوي فريقا، وهذا اللاعب بمساعدة متواصلة من سواريز أساسا حافظ على بعض خصوصيات الفريق التي ميزته في السابق.
مع فالفيردي لم يسر برشلونة على درب المدربين السابقين على غرار بيب غوارديولا والراحل تيتو فيلانوفا وكذلك لويس إنريكي.
مع فالفيردي لم يعد برشلونة بتلك القوة الرهيبة خاصة على مستوى التحكم في الكرة والسيطرة والاستحواذ. ومع فالفيردي باتت الشكوك تساور الجميع بخصوص قدرة الفريق على المراهنة بجدية على لقب دوري الأبطال وكذلك الدوري المحلي.
في خضم كل هذه المعطيات، ما زال فالفيردي ينعم في كتالونيا، ما زال ثابتا في منصبه، وإدارة النادي لم تجرؤ إلى الآن على إقالته، ظلت صامتة صامدة أمام قلق الجماهير، حتى بات الأمر وكأنه كلام في الممنوع، نعم ربما أصبح الحديث عن إقالة هذا الفني ممنوعا وغير مقبول.
لا جدل مقبولا، ولا المزيد من المطالب برحيل فالفيردي داخل “المعسكر” الكتالوني، فهل مازالت إدارة النادي تؤمن بأن الوضع قد يتغير وأن هذا المدرب ما زال لم يجد الوقت الكافي كي يحسّن ويطوّر؟
ربما تريد إدارة برشلونة أن تمنح وقتا أطول لهذا المدرب فربما يأتي الفرج ومعه الفرح الأوروبي هذا الموسم، ربما تتغير الأوضاع كليا.
لكن في خضم كل ما يجري داخل الفريق، واستنادا إلى كل ما قدمه برشلونة خاصة في بعض المواعيد الهامة، يمكن التأكيد على أن فالفيردي لن يكون أبدا مثل غوارديولا ولن يقدر بالمرة على أن يسجل اسمه ضمن قائمة المدربين الرائعين.