كشك صحف متجّول يرضي اهتمامات القراء في إيطاليا

اتحاد غرف التجارة الإيطالية يؤكد أن البلاد خسرت بين عامي 2009 و2019 ما يقرب من ربع متاجر بيع الصحف التي تراجع عددها من 18 ألفا إلى 14 ألف متجر.
الخميس 2020/02/06
نموذج توزيع يواكب التغيرات

ميلانو (إيطاليا) - تتزايد ظاهرة إغلاق أكشاك بيع الصحف في إيطاليا، منذ سنوات، ما دفع أحد أصحاب هذه الأكشاك ليحول الكشك إلى عربة بثلاث عجلات يركنها في إحدى ساحات ميلانو فاتحا بابيها لقراء يزدادون تناقصا يوما بعد يوم.

وقد أتت أندريا كاربيني صاحبة الثانية والخمسين هذه الفكرة للتصدي لزوال أكشاك بيع الصحف. ويتنقل من شارع إلى آخر مقترحا على الزبائن شراء الصحف متسلحا بالبسمة والكلمة الطيبة كالباعة المتجولين في الماضي.

وتقول ماريا ريتشياردي (77 عاما) “آتي إلى هنا يوميا. الكشك أقفل في يوليو لكن لحسن الحظ هذه العربة تأتينا منذ شهر لا أحب الإنترنت، رغم أنه قد يكون ضروريا إلا أن الثقافة الحقيقية تكمن في الكتب والصحف”.

وترى ماريا مالزاني (72 عاما) المولعة مع زوجها بقراءة الصحف أن هذه المبادرة “مذهلة”، حيث كانت مضطرة “للمشي مسافة طويلة” لابتياع الصحف منذ إغلاق الكشك في الصيف الماضي.

وخسرت إيطاليا بين عامي 2009 و2019 ما يقرب من ربع متاجر بيع الصحف التي تراجع عددها من 18 ألفا إلى 14 ألف متجر، وفق اتحاد غرف التجارة الإيطالية.

ويصاحب هذا التراجع، تدهور كبير في مبيعات الصحف إذ لم يعد يباع في إيطاليا سوى حوالي 2.2 مليون صحيفة يوميا في مقابل 5.5 مليون عام 2007 وفق هيئة متخصصة.

ويشير جوزيبي فيراوتو المدير العام لمجموعة “كايرو إيديتوره” إلى أن هذا التراجع ليس ناجما عن الطفرة في الوسائط الرقمية وتقلص اهتمام الفئات الشابة بالصحافة فحسب، بل أيضا إلى “النقص في نقاط البيع”… ما يعني وجود حلقة مفرغة. ويقول “من هذا المنطلق فإن مبادرة الكشك الجوال أمر علينا نحن كناشرين دعمها”.

وحتى اليوم، لا يعمل أندريا كاربيني الوافد من عالم المكتبات سوى على “خط” واحد مع أربع محطات في أحياء مختلفة قرب نقاط كانت تضم أكشاكا أغلقت أبوابها. إلا أنه يحلم بتوسيع نشاطه. ويؤكد كاربيني “ما أقوم به خطوة تحفيزية وآمل أن يحذو شباب حذوي. رميت حجرا في نطاق لم يكن أحد يتحرك فيه”.  ويوضح “الناس يميلون للقول إن المعركة خاسرة. لكني أعتبر أن سوق الصحف الورقية لها مستقبل أمامها رغم أنها آخذة في الانحسار”، لافتا إلى أهمية “الحفاظ على حرية الصحافة والإنتاج الثقافي”.

ويلفت كاربيني إلى أنه من خلال العمل اليومي واختيار الأحياء التي يسلكها بصورة جيدة، من الممكن كسب 1800 يورو إلى 2000 شهريا. ونقطة القوة مقارنة مع الأكشاك العادية هي في تفادي دفع تكاليف ثابتة باهظة وتركيز العمل على ساعات محددة.

وأكثرية زبائنه هم فوق سن الخمسين لكن ثمة أيضا أشخاصا في الثلاثينات أو الأربعينات من العمر وكذلك أطفال يأتون بحثا عن صور من إنتاج شركة “بانيني” الإيطالية الراعية للمشروع.

وتستقطب هذه العربة أنظار المارة. ويقول كاربيني إن هذه المركبة “لها قيمة رمزية شديدة الأهمية في إيطاليا إذ تمثل الطفرة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في خمسينات وستينات القرن العشرين”.

من جهته، يقول دييغو أفيرنا من اتحاد النقابات العمالية الإيطالية “قبل عشر سنوات، كان هناك 650 كشكا في ميلانو، أما اليوم فلم يعد عددها يتجاوز الـ450″، لافتا إلى أن كثيرا من هذه الأكشاك “بالكاد تستطيع الصمود” بفضل بيع تذاكر النقل العام أو المأكولات الخفيفة.

وترى ماريانا ساراسينو وهي مدرّسة متقاعدة في السادسة والستين من العمر أن “بائع الصحف هو صديق الحي. لا يمكن أن تزول الأكشاك هكذا على غرار المتاجر الصغيرة. هذا إفقار عام للثقافة والتلاقي الاجتماعي والعيش المشترك”.

18