كساد الأسهم المصرية رغم رخص أسعارها

استراتيجية الحكومة المصرية في البيع المكشوف لم تفض إلى نتيجة إيجابية بل دفعتها نحو الخسارة مما يستدعي وضع برامج جديدة.
الاثنين 2019/12/16
البورصة تتكبد خسائر

تفاقمت مخاوف الأوساط الاقتصادية من تراجع مردود البورصة المصرية وفقدانها بريقَها، في ظل تراجع الإقبال عليها رغم انخفاض أسعارها، في وقت تزداد فيه المخاوف من شح السيولة وغياب الطروحات الحكومية الواعدة.

القاهرة - أثار تراجع البورصة المصرية الشكوك حول جدوى البرامج الحكومية لدعم طروحات البورصة بآفاق واعدة نظرا لفقدان عدد كبير من المستثمرين الأجانب وازدياد الدعوات إلى هيكلة الشركات.

وأفادت أحدث البيانات عن الموقع الرسمي للبورصة المصرية بأنها سجلت تداولات بنحو 46.254 مليار ورقة تداول منذ بداية العام حتى نهاية نوفمبر الماضي، حيث سجلت انخفاضا من 60.771 مليار في 2018 ونحو 77.946 مليار في 2017.

وائل عنبة: الأفراد هم من تكبدوا الخسائر، وبالتالي لن يضخوا سيولة جديدة
وائل عنبة: الأفراد هم من تكبدوا الخسائر، وبالتالي لن يضخوا سيولة جديدة

وكانت الحكومة المصرية قد كشفت في مارس الماضي عن عزمها طرح حصص أقلية في 23 شركة بالبورصة في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه (حوالي 4.98 مليار دولار) في غضون 24 إلى 30 شهرا.

ولكن مر نحو 21 شهرا منها ولم تطرح الحكومة فيها سوى نحو 4.5 بالمئة من أسهم الشركة الشرقية للدخان في وقت سابق من العام الجاري.

ونسبت رويترز إلى منى مصطفى، مديرة التداول في “عربية أون لاين”، قولها إن “المنتجات لدينا قليلة والتنوع بها قليل والأسهم ذات السيولة قليلة والمستثمر المحلي فقد الثقة تماما في البورصة والقائمين على المنظومة بشكل عام”.

وأضافت مصطفى ”لدينا برنامج طروحات حكومي لا نفهمه ولا نعلم توقيته… ولدينا آلية بيع على المكشوف ولا أحد يعرف كيفية تطبيقها”.

ويرى خبراء أن استراتيجية الحكومة المصرية في البيع المكشوف لم تفض إلى نتيجة إيجابية بل دفعتها نحو الخسارة مما يستدعي وضع برامج جديدة لعمل البورصة وإلغاء الضريبة على السوق نظرا لعدم وجود تداولات.

وتراجع رأس المال السوقي للبورصة من 824.9 مليار جنيه في 2017 إلى 749.7 مليار جنيه في 2018 وإلى 705.1 مليار جنيه منذ بداية العام الحالي.

وحاولت مصر التسويق لبورصتها من خلال آلية البيع على المكشوف بما يتيح اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع، لكن حتى الآن لم تتعد العمليات المنفذة العشرات وسط عدم معرفة المتعاملين ولا حتى بعض العاملين بشركات السمسرة كيفية العمل بالآلية.

وقال وائل عنبة، رئيس مجلس إدارة شركة رويال لتداول الأوراق المالية، “السوق احترقت… وأموال الناس احترقت والاكتتاب أخذ أموال الناس وأخرجها من السوق”.

ودخلت شركتان من القطاع الخاص سوق الأسهم هذا العام، إذ طرحت فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، أكبر شركة مدفوعات إلكترونية في مصر، 36 بالمئة من أسهمها في البورصة في أغسطس الماضي ولاقت إقبالا كثيفا من المستثمرين.

وطرحت راميدا للأدوية نحو 49 بالمئة من أسهمها في بورصة مصر الأسبوع الماضي، وتراجع سهمها نحو عشرة بالمئة عند التداول لينزل عن سعر الطرح.

وقال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنغ للاستثمارات المالية، “الأفراد هم المسيطرون على البورصة وهم من تكبدوا الخسائر في الفترة الماضية، وبالتالي لن يضخوا سيولة جديدة”.

منى مصطفى: لدينا برنامج طروحات حكومي لا نفهمه ولا نعلم توقيته
منى مصطفى: لدينا برنامج طروحات حكومي لا نفهمه ولا نعلم توقيته

وتابع ”السوق تحتاج إلى سيولة جديدة من المستثمرين، وهو ما قد يحدث عندما تنزل الحكومة شركات جديدة حيث سيكسب منها الناس ويكون هناك هامش ربح يوظفه المستثمر من جديد.

وينتقد أغلب المعنيين بالقطاع عدم تركيز السلطات على الدور الكبير للبورصة في دعم الاقتصاد المحلي، وهو ما تجلى في إقرار رشاد بعدم وجود ”تركيز من الحكومة على أهمية دور البورصة في الاقتصاد”.

ومنذ بداية العام حتى نهاية الأسبوع الماضي شهدت بعض الأسهم الكبرى تراجعات كبيرة، فقد هبط سهم حديد عز نحو 38 بالمئة وهبط  سهم سيدي كرير للبتروكيماويات أكثر من 44 بالمئة.

وقال إبراهيم النمر، من شركة نعيم للوساطة في الأوراق المالية، “من المفترض عندما تكون السوق رخيصة أن يزداد الإقبال على الشراء ولكن لدينا في الحقيقة عكس ذلك، فالسوق رخيصة ولا توجد رغبة في الشراء”.

ورغم رخص مداولات البورصة المصرية مقارنة بأسواق المنطقة فقد قلّ الإقبال عليها، ويعكس انخفاض أحجام وقيم التداول زهد المستثمر وعدم رغبته في الشراء.

وعانت السوق المصرية أيضا من توجيه المستثمرين العرب السيولة صوب طرح أرامكو في وقت سابق من الشهر الحالي والذي شهد زخما كبيرا نظرا للإقبال المكثّف عليها من المستثمرين الأجانب.

وقال عمرو الألفي، رئيس البحوث في شركة شعاع لتداول الأوراق المالية، إن “الناس متخوفون منذ سبتمبر الماضي في ظل تغطية المراكز المكشوفة التي حدثت… طرح أرامكو أيضا سحب سيولة المستثمرين العرب من بورصة مصر، السوق لا تعكس أي شيء إيجابي ولا حتى انخفاض الفائدة”.

10