كريم سعيد يتعهد بالنأي بمصرف لبنان عن أي تأثير سياسي وإعادة أموال المودعين

حاكم مصرف لبنان يؤكد أن أي نشاط يخالف قانون النقد والائتمان بقبول ودائع نقدا أو بإصدار قروض سيُمنع.
السبت 2025/04/05
رسائل واضحة

بيروت - وجه حاكم مصرف لبنان الجديد كريم سعيد خلال تسلمه مهامه الجمعة جملة من الرسائل إلى الداخل والخارج، أهمها أنه سيحرص على أن تكون قرارات المصرف بعيدة عن أي تأثير سياسي كما كان يحصل في السابق، وأن ملف إعادة أموال المودعين سيكون في صدارة أولوياته.

وعين مجلس الوزراء سعيد في منصب حاكم مصرف لبنان عن طريق التصويت الأسبوع الماضي، بعد خلاف حوله بين رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الجمهورية جوزيف عون، وهو أول اشتباك سياسي بين الطرفين، في مستهل العهد الجديد الذي وعدا فيه اللبنانيين باستعادة الاستقرار وتطبيق الإصلاحات المؤجلة.

وكان رئيس الحكومة أبدى تحفظات على تولي سعيد المنصب، معتبرا أن اختياره لا يتماشى مع خطط الإصلاح، لكن رئيس الجمهورية تمسك به، ليجري الذهاب إلى التصويت بشأنه. وتعهد سعيد، خلال تسلمه منصبه رسميا من القائم بأعمال حاكم المصرف المركزي المنتهية ولايته وسام منصوري، بحماية استقلالية المصرف المركزي من أثر الضغوط السياسية ومنع تضارب المصالح.

وقال “سأحرص على أن تبقى هذه المؤسسة الوطنية مستقلة في قراراتها، محصنة من التدخلات.. ومرتكزة على المبادئ الأساسية وضمان المحافظة على استقلالية عمل مصرف لبنان من الضغوط السياسية وتأثير نفوذ القطاع المصرفي والهيئات الاقتصادية لمنع تضارب المصالح.” وأوضح سعيد أن أهم أولوياته الرئيسية هي “مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب” والكشف عن أصحاب النفوذ السياسي والمالي وأقاربهم ومن يرتبط بهم.

وأدرجت مجموعة العمل المالي العام الماضي لبنان على القائمة الرمادية، في خطوة أثارت قلقا من أنها قد تثبط الاستثمار الأجنبي الذي يحتاج إليه لبنان للتعافي من الأزمة المالية التي يتخبط فيها منذ سنوات.

◙ سعيد أكد أن مصرف لبنان سيعمل على إعادة هيكلة الدين العام وسداد أموال صغار المودعين كما دعا البنوك الخاصة إلى زيادة رؤوس أموالها

وتمويل الإرهاب وغسل الأموال من أبرز مخاوف الولايات المتحدة، التي تريد منع حزب الله من استخدام النظام المالي والتدفقات النقدية عبر البلاد لإعادة بناء قدراته. وأشار سعيد إلى أن أي نشاط يخالف قانون النقد والائتمان بقبول ودائع نقدا أو بأي طريقة أخرى أو بإصدار قروض هو غير قانوني وغير مشروع وسيُمنع.

ويدير حزب الله المدعوم من إيران منذ مدة طويلة مؤسسة مالية خاصة هي “مؤسسة القرض الحسن” التي تقدم قروضا وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية. وتعمل الجمعية بموجب ترخيص من الحكومة اللبنانية لكن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عليها عقوبات منذ عام 2007. وأحجم متحدث باسم مصرف لبنان عن التعليق لدى سؤاله عما إذا كان سعيد يشير بتصريحاته إلى مؤسسة القرض الحسن.

وقال سعيد إن مصرف لبنان سيعمل على إعادة هيكلة الدين العام وسداد أموال صغار المودعين، كما دعا البنوك الخاصة إلى “زيادة رؤوس أموالها بإضافة أموال جديدة تدريجيا، وعلى أي بنك لا يرغب في ذلك أن يندمج مع بنوك أخرى،” وإلا ستتعرض للتصفية بطريقة منظمة مع إلغاء تراخيصها وحماية حقوق المودعين فيها.

وأشار إلى أن الأولوية يجب أن تكون سداد أموال صغار المودعين، وقال إن المسؤولية في ذلك تتشارك فيها البنوك التجارية مع مصرف لبنان والدولة اللبنانية. وأوضح أن عملية سداد الودائع ستبدأ بـ”صغار المودعين، ثم المودعين من الفئات المتوسطة، ثم الآخرين،” في إشارة إلى أصحاب الودائع الكبيرة.

ويتولى سعيد رئاسة مصرف لبنان في وقت لا تزال تعاني فيه البلاد من تداعيات أزمة مالية بدأت في 2019 عندما أدت عقود من هدر الإنفاق والفساد إلى تخلف الدولة عن سداد ديونها الضخمة، وانهيار العملة، وتوقف النظام المصرفي.

وجاء تعيينه في إطار تغييرات جذرية في المناصب العامة بعد حرب استمرت نحو عام بين إسرائيل وحزب الله الذي تمتع بنفوذ كبير في لبنان لكن الحرب أضعفته بدرجة كبيرة. وتُقدر الخسائر في النظام المالي اللبناني نتيجة انهيار عام 2019 بنحو 72 مليار دولار.

ولم تحرز حكومات متعاقبة تقدما يذكر في تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنعاش الاقتصاد منذ الانهيار المالي، وأُلقي اللوم أساسا على المصالح الخاصة التي عرقلت التغيير. وقال البنك الدولي في 2022 إن الانهيار جاء بسبب نخبة حاكمة أساءت استغلال موارد الدولة لمدة طويلة.

وطلبت الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام من صندوق النقد الدولي التفاوض على برنامج دعم مالي. وقال الصندوق إن لبنان بحاجة إلى إستراتيجية شاملة لإحياء الاقتصاد.

2