كريم خان يقدم إحاطته لمجلس الأمن من قلب العاصمة الليبية

إحاطة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تمثل لحظة فارقة في التعاون بين السلطات الليبية والمحكمة الدولية لتحقيق العدالة والمصالحة.
الاثنين 2024/11/18
اهتمام دول متزايد بتحقيق العدالة ومساءلة مرتكبي الجرائم

طرابلس - وصل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إلى العاصمة طرابلس، صباح اليوم الاثنين، في زيارة رسمية، من المقرر أن يقدم خلالها إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي بشأن التطورات المتعلقة بالوضع في ليبيا.

وتأتي هذه الزيارة في إطار متابعة تطورات الوضع القانوني والإنساني في البلاد، بما يعكس اهتماما دوليا متزايدا بتحقيق العدالة ومساءلة مرتكبي الجرائم.

ومن المنتظر أن يعقد خان سلسلة لقاءات مع شخصيات بارزة، تشمل النائب العام الليبي الصديق الصور، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة. وتركز هذه اللقاءات على تعزيز التعاون بين السلطات الليبية والمحكمة الجنائية الدولية، ومناقشة قضايا تتعلق بإنهاء الإفلات من العقاب.

وسيقدم كريم خان إحاطة مباشرة لمجلس الأمن الدولي من داخل طرابلس. وتعد هذه الخطوة انعكاسا للتطورات التي تشهدها ليبيا ورغبة المجتمع الدولي في دعم مساعيها لتحقيق العدالة.

وتعتبر إحاطة كريم خان المرتقبة هي الثانية من نوعها على مستوى ليبيا والمنطقة، بعد إحاطة قدمها في طرابلس في نوفمبر 2022.

ومن المتوقع أن تشمل إحاطة خان ملفات حساسة، أبرزها جهود المحكمة في متابعة الجرائم المرتكبة في ليبيا، وتقييم التدابير القائمة لضمان المحاسبة، إلى جانب تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان، والاعتقالات التعسفية، والانتهاكات المستمرة. وتمثل هذه الإحاطة لحظة فارقة في التعاون بين السلطات الليبية والمحكمة الدولية لتحقيق العدالة والمصالحة.

وتوجد حاليا قضية واحدة مفتوحة أمام المحكمة الجنائية تتمحور حول سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي حسب موقع "سكيوريتي كاونسيل ريبورت" التابع لمجلس الأمن الدولي.

وفي 27 يونيو 2011 اتهمت المحكمة القذافي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأصدرت مذكرة اعتقال بحقه. وفي نوفمبر 2021 أعلن القذافي الذي لا يزال طليقا أنه سيكون مرشحا في الانتخابات الرئاسية الليبية التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر 2021 ولكن تم تأجيلها لاحقًا.

وفيما يتعلق بالخط الثاني من التحقيق فيتعلق بمذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، في أكتوبر الماضي بحق ستة ليبيين يشتبه في انتمائهم الى ميليشيا ارتكبت جرائم وحشية في مدينة ترهونة كبرى مدن جنوب شرق العاصمة.

وقال المدعي العام للمحكمة حينها إن ثلاثة من المشتبه بهم هم أعضاء بارزون في ميليشيا "الكانيات" التي سيطرت لسنوات على ترهونة وروعت سكانها.

وأوضح خان أن الثلاثة الآخرين كانوا مرتبطين بميليشيا "الكانيات" التي أعدمت معارضين لها بشكل منهجي وقتلت عائلاتهم بالكامل.

من بين المشتبه بهم عبدالرحيم الكاني، أحد الإخوة الذين قادوا الميليشيا التي كانت تجوب المدينة في استعراض للقوة، مستخدمة أيضا أسدين مقيدين لبث الرعب في النفوس.

ولفت كريم خان إلى إنه جمع أدلة على أن سكان ترهونة تعرضوا لجرائم حرب من بينها القتل والتعذيب والعنف الجنسي والاغتصاب.

وقال "خلال زيارتي إلى ترهونة عام 2022، سمعت روايات عن أشخاص احتجزوا في ظروف مروعة وغير إنسانية، ورأيت مزارع ومواقع مكبات نفايات تحولت إلى مقابر جماعية".

وهذه الأدلة من شأنها الضغط أكثر على الجيش الوطني الليبي المشير خلفية حفتر لاعتقال ومحاكمة قيادات في قواته، لتجنب تسليمها للمحكمة الجنائية، لكن ذلك من شأنه تفجير أزمة داخل قواته، مثلما حدث عندما اعتقل محمود الورفلي، بضغط من الجنائية الدولية، فخرج أنصار الأخير للاحتجاج وقاموا بقطع الطرق.

وتقدّر منظمة هيومن رايتس ووتش أن ما لا يقل عن 338 شخصا اختطفوا أو أُبلغ عن فقدانهم خلال فترة سيطرة "الكانيات" التي استمرت خمس سنوات.

وبعد سقوط نظام معمر القذافي ومقتله في ثورة مدعومة من حلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 2011، برزت مجموعة من الجماعات المسلحة لملء الفراغ الأمني.

وفي ترهونة تأسست ميليشيا الكاني المعروفة أيضا باسم "الكانيات"، وسيطرت عام 2015 على المدينة الواقعة على بعد نحو 80 كيلومترا جنوب طرابلس ويبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة.

وتردد أن الأسدين اللذين احتفظ بهما الإخوة الكاني كانا يتغذيان على لحوم ضحاياهم.

وكانت الميليشيا منحازة لفترة للمجموعات المسلحة الناشطة في طرابلس. لكن عندما شنّ المشير خليفة حفتر هجوما من شرق البلاد للسيطرة على العاصمة، غيرت الميليشيا ولاءها وجعلت ترهونة قاعدة خلفية لقواته.

وعندما هُزمت قوات حفتر، اختفى الإخوة الكاني، ويُعتقد أن بعضهم قُتل، بينما يختبئ آخرون.

وفي نوفمبر الماضي 2020 أدرجت الولايات المتحدة جماعة الكانيات وزعيمها على القائمة السوداء وذلك بعد أن منعت روسيا لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي من فرض عقوبات على هذه الجماعة تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان.

وجاءت العقوبات الأميركية في إطار قانون "غلوبال ماغنيتسكي" الذي يسمح للحكومة الأميركية بملاحقة منتهكي حقوق الإنسان حول العالم عن طريق تجميد أصولهم وحظر تعامل المواطنين الأميركيين معهم تجاريا.

وفي مارس 2021، أصدرت بريطانيا قرارا بفرض عدد من العقوبات على عائلة الكاني، بدعوى ارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع في ليبيا.

وكان عبدالرحيم الكاني، المطلوب الآن من قبل المحكمة الجنائية الدولية، "زعيما للكانيات وكان مسؤولا بشكل مشترك عن ما أشار إليه أحد الأشخاص بـ'الجناح العسكري'"، وفق مذكرة الاعتقال. وصدرت أوامر الاعتقال في أبريل 2023 ولكن تم الكشف عنها.