كركوك ميدان منازلة سياسية بين حزبي بارزاني وطالباني قبل انتخابات إقليم كردستان العراق

الحزب الديمقراطي يظهر طموحا جديا للحصول على منصب المحافظ في كركوك معولا على قدرته على تشكيل التحالفات وعقد الصفقات.
السبت 2024/08/10
شركاء بحكم الضرورة

كركوك (العراق) - تحوّل التنافس على المناصب القيادية في الحكومة المحلية لمحافظة كركوك بشمال العراق إلى اختبار قوّة  بين الحزبين الرئيسيين والغريمين السياسيين في إقليم كردستان العراق، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة أفراد أسرة بارزاني وحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني بقيادة ورثة الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، اللذين سيتنافسان بعد أشهر قليلة في انتخابات برلمانية رهانها تحديد موقع كل منهما ومكانته في السلطة بالإقليم.

وأذكى الصراعَ في كركوك، حسمُ صراع مماثل على الحكومة المحلية في محافظة ديالى كان قد دار بين منظمة بدر بقيادة هادي العامري وائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي تمكّن أخيرا من الحصول على منصب المحافظ.

وجعل إغلاق ملف حكومة ديالى من إغلاق ملف حكومة كركوك أمرا محتّما تطالب به السلطات الاتّحادية وتدفع الأطراف المتنافسة باتّجاهه بعد أن استعصى الأمر طيلة أكثر من ثمانية أشهر مضت على إجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق.

وبات الحزب الديمقراطي يظهر طموحا جديا للحصول على منصب المحافظ في كركوك معوّلا على قدرته على تشكيل التحالفات وعقد الصفقات على الرغم من أن ميزان القوة الانتخابية في المحافظة مال إلى مصلحة غريمه الاتّحاد ومنحه خمسة مقاعد في مجلس المحافظة في مقابل معقدين فقط لحزب آل بارزاني. ويرى الحزب الديمقراطي أنّه أصبح في موقع قوّة إزاء غريمه الاتحاد الوطني بعد أن استعاد توازنه وجدّد تحالفات داخل العراق وخارجه.

وكشفت زيارة قام به رئيس الحزب مسعود بارزاني مؤخّرا إلى بغداد وأجرى خلالها لقاءات موسّعة مع أبرز الفاعلين السياسيين في السلطة الاتّحادية مدى نفوذ الرجل وأهمية موقع حزبه في تحالف إدارة الدولة المساهم في تشكيل الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني.

وتمتدّ شبكة علاقات الحزب الديمقراطي إلى خارج البلاد، وإلى تركيا تحديدا التي نجح في جعل نفسه شريكا لها ليس فقط في مجال الاقتصاد ولكن أيضا في مجال الأمن بما يقدّمه لها من خدمات في مواجهة حزب العمال الكردستاني المتمركز في عدد من أنحاء إقليم كردستان العراق لاسيما في مناطق نفوذ الحزب مثل محافظة دهوك حيث يجري الجيش التركي في الوقت الحالي عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ مسلّحي حزب العمّال بمباركة من قيادات الحزب الديمقراطي وبتعاون من الأجهزة الأمنية والعسكرية الخاضعة لإمرتهم.

غياث سورجي: توجيهات إقليمية لأربيل بإخراج الاتحاد الوطني من المعادلة
غياث سورجي: توجيهات إقليمية لأربيل بإخراج الاتحاد الوطني من المعادلة

كما حقّق الحزب الديمقراطي اختراقا مشهودا في تحسين علاقته بإيران التي لم تكن تعتبره من أصدقائها في  العراق وتتهمه بالتعاون مع أعدائها وبفتح مناطق نفوذه للنشاط الاستخباري لهؤلاء الأعداء ضدّها. وعلى الطرف المقابل لا يبدو حزب الاتّحاد الوطني في أحسن أحواله وهو يواجه ضغوطا تركية كبيرة واتهامات من أنقرة بالتعاون مع حزب العمال وإيواء عناصره في مناطق نفوذه بالإقليم.

ويحظى الحزب عادة بدعم القوى الشيعية الرئيسية في الحكومة الاتّحادية، لكن الأخيرة أصبحت أميل إلى التعاون مع تركيا ضدّ حزب العمال وذلك حماية لشراكة اقتصادية متنامية مع الجانب التركي. أما محليا فيواجه حزب الاتحاد أوضاعا اجتماعية صعبة في مناطق نفوذه بالسليمانية بدأت تثير تململ الشارع ضدّ الحزب وطريقه إدارته لتلك المناطق.

وترى قيادات حزب الاتّحاد  الوطني في مساعي الحزب الديمقراطي للحصول على منصب محافظ كركوك استفزازا لها وتعدّيا على حقّ أصيل لحزبها باعتباره صاحب العدد الأكبر من مقاعد مجلس المحافظة. واتهم غياث سورجي العضو بحزب الاتحاد رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني بمحاولة انتزاع منصب محافظ كركوك وتهميش الاتحاد الوطني من خلال اجتماعه برئيس تحالف السيادة خميس الخنجر وممثلين للعرب والتركمان.

وقال سورجي لوسائل إعلام محلية ان “حزب الاتحاد الوطني يمتلك العدد الأكبر من المقاعد في كركوك، بينما الحزب الديمقراطي لديه مقعدان فقط في مجلس المحافظة لكنّه يطالب بمنصب المحافظ الذي يفترض أن يكون من نصيب الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد”. وأضاف “هناك توجيهات إقليمية تدفع الحزب الديمقراطي لمحاولة إبعاد الاتحاد الوطني عن المعادلة”.

وعزا هيوا محمد القيادي في حزب الاتّحاد من جهته الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في السليمانية إلى ما سمّاه سياسة الحصار التي تتبعها أربيل معقل الحزب الديمقراطي ضدّها. وذكر في تصريحات صحفية أنّ “السليمانية  تشكو من أزمة مالية باتت تشكل خطرا كبيرا على معيشة المواطنين”.

وأضاف أنّ حكومة تصريف الأعمال في الإقليم “تمارس سياسة التهميش ضد السليمانية وأهلها لأن الحزب الديمقراطي الحاكم ليس لديه ثقل جماهيري في المحافظة ولذلك لا يتمّ الاعتناء بها من قبل الحكومةّ التي يديرها”. كما عبّر هيوا عن أمله في أن تهبّ “رياح التغيير مع الانتخابات المقبلة لإقليم كردستان وتأتي بحكومة جديدة وعادلة تلغي سياسة التهميش وترفع الحصار التركي عن مطار السليمانية”.

ويستبعد مراقبون أن تفضي الانتخابات المذكورة إلى أيّ تغيير في ميزان القوى السياسية بالإقليم إذ ما يزال الحزب الديمقراطي يحتفظ بأسباب القوّة التي تجعله يحافظ على مركزه المتقدّم في قيادة تجربة الحكم الذاتي بإقليم كردستان العراق.

3