كرسي الشيخ زايد والجامعة الأميركية في بيروت يناقشان مستقبل العربية

بيروت - نظمت دار نشر الجامعة الأميركية في بيروت، ضمن مشاركتها في الدورة السادسة والستين من معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، ندوة حوارية بعنوان “اللغة العربية؛ ماضيها وحاضرها ومستقبلها” جمعت بين أستاذ اللغة العربية الدكتور رمزي بعلبكي وحواره خلالها كل من مع مالك شاكر وآمنة سليمان.
وقد جاءت هذه الفعالية بدعم من كرسي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وبالتعاون مع مركز الفنون والآداب في الجامعة، لإشراك الجمهور في مناقشة مثمرة سلطت الضوء على عدة مواضيع تتعلق باللغة العربية، كما أفادت الجامعة في بيانها.
ووفق البيان فقد دار الحوار في الندوة حول موضوعات مختلفة تتعلق باللغة العربية، فتطرق بعلبكي إلى ماضي العربية ونشأتها قبل ظهور القرآن الكريم مع الشعر العربي والأمثال الشعبية حتى زمن نزول القرآن فاستقرت المدونة العربية على مادة ثرة توقف جمعها في أواخر القرن الهجري الثاني.
وبيّن أن اللغويين قد أقبلوا على العربية فأظهروا ميزاتها الصرفية والتركيبية لا سيما الأوزان منها، وفي هذا السياق أشار بعلبكي إلى” الفروقات التي تنفرد بها العربية دونا عن سواها من أخواتها اللغات السامية واللغات الأجنبية.”
وتناول الأكاديمي النقوش القديمة وآثار العربية، وأماكن ظهورها، كما تحدث عن انتشار اللحن فيها الذي استدعى عملية ضبطها وتخليصها من الخطأ. وبين دقة العربية في التعبير وتخصيص المعنى (مثل وجود صفات لكل ساعة من ساعات اليوم)، وطواعية هذه اللغة في تراكيبها وتنوع أشكال التركيب بحيث يكتسب كل تركيب معنى مختلفا.
تكلم بعلبكي في الندوة أيضا عن كتابه الجديد “مقومات النظرية اللغوية العربية” حيث بين “تماسك النظرية اللغوية وشمولية عناصرها، مما يبرز فرادة العربية ومظاهر الحكمة في تراكيبها وأوزانها الصرفية، مقارنا بين هذه النظرية والنظريات العلمية، وتحديدا نظرية الأبعاد في الفيزياء ليثبت صحة النظرية التي أرساها اللغويون الأوائل، فأعطوا بذلك تفسيرا لكل تركيب ونشأ إذ ذاك مصطلح ‘الغريب‘ في اللغة.”
لم يغفل بعلبكي عن الكلام على علاقة العربية الفصحى بالعامية وتداخل بعض الظواهر اللغوية لبعض القبائل في الفصحى والعكس. ومن جملة مزايا العربية، أوضح بعلبكي النظرية اللغوية التي تستند إليها العربية وتماسك أركانها (العمل، التعليل، القياس، الأصل، التقدير). وأكد متانة العلاقة بين الفصحى والعامية داحضا أي تضارب يفرقهما أو يجعلهما عدوين، فإذ تستعير إحداهما من الأخرى بعض الألفاظ والتراكيب.
أيضا، لم يغِب عن اللقاء حديث عن واقع اللغة العربية اليوم وحالها بين أبنائها، فأشار إلى عدد الناطقين بها ومدى انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، معبرا عن ضعف أبنائها في استعمالها ولجوئهم إلى اللغات الأجنبية للتعبير عن أفكارهم. لذا، لقد وجه الضيف بعض النصائح للحفاظ عليها خصوصا في الأكاديميا.
وشرح بعلبكي بشكل واف تاريخ اللغة العربية ومستقبلها وحاضرها، وقد أشار إلى “مصير اللغة العربية، وإلى المؤشرات الإيجابية التي تضمن استمراريتها،” كما عبر في المقابل عن “عدم احترام العرب عموما للغتهم من خلال عدم إتقانها وعدم استخدامها بشكلها الصحيح بين العامة.” وكان لقاء غنيا استطاع الحاضرون من خلاله تكوين فكرة شاملة عن العربية بمختلف جوانبها.
وحضر اللقاء عدد من اللغويين والمهتمين بالعلوم الإنسانية من مختلف البلدان العربية، وكان الحوار غنيا ومثقلا بالمعارف التي تحث على حب العربية وتكشف عن أماكن عبقريتها وقدرتها على التعبير بأدق المفردات لتصيب المعنى الذي يرمي إليه المتحدث، وبباقة من الأساليب التركيبية التي تنفرد بها لغة الضاد.