كردستان العراق جنة الصحافيين وفق البارزاني

منظمات دولية: حرية الصحافة في الإقليم تحت تهديد متزايد.
الأربعاء 2021/03/03
صحافيون لم تطلهم حرية البارزاني

يتساءل صحافيون وناشطون عن ماهية المعايير التي يعتمدها السياسيون لقياس مستوى التقدم في الحريات الإعلامية، إذ بدت تصريحات رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني بعيدة تماما عن الحقائق التي توثقها المنظمات الدولية والصحافيون العاملون في الإقليم.

أربيل – قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني إن الإقليم “حقق تقدما مهما في دعم حرية الصحافة الخالية من العنف والترهيب”، بينما لا تزال أصداء محاكمة وسجن صحافيين وناشطين يثير غضبا داخل العراق.

ونشر البارزاني الاثنين على حسابه في موقع تويتر تغريدة قال فيها “أجرينا نقاشات مهمة مع نقابة الصحافيين وتبادلا للآراء”.

وأضاف “أكدنا على دعم حكومة إقليم كردستان لحرية الصحافة، الخالية من العنف والترهيب. هذا أمر أساسي لأي مجتمع ديمقراطي، وقد أحرزت كردستان تقدما مهمّا”.

وبدت تصريحات البارزاني غريبة ومنفصلة عن الواقع بالنسبة إلى الوسط الإعلامي العراقي الذي يراقب بقلق تدهور حرية الصحافة والإعلام في الإقليم، كما أن العديد من المنظمات الدولية والمحلية أشارت إلى التهديدات التي تواجهها وسائل الإعلام والصحافيين خصوصا في الفترة الأخيرة.

وأكد صحافيون وناشطون أن الحريات في إقليم كردستان العراق في تراجع واضح ولا يمكن إنكاره. ورصدت تقارير المؤسسات الدولية وحتى الحكومية مثل نقابة الصحافيين استهداف الصحافيين.

وتساءل البعض عن ماهية المعايير التي يعتمدها السياسيون والحكومات لقياس مستوى التقدم في الحريات الصحافية والإعلامية، إذ تبدو مختلفة تماما عن معايير المواثيق الدولية التي تضمن الحقوق وحرية العمل الصحافي، في حين يتجاهل المسؤولون الحكوميون أبرز الوقائع في بلدانهم.

فقد ذكر البارزاني خلال لقائه الاثنين مع نقيب وأعضاء مجلس نقابة صحافيي كردستان، أن حكومة الإقليم “وفّرت لوسائل الإعلام كل ما من شأنه أن يدعم حرية التعبير بهدف لعب دور فعّال في المجتمع”.

وأضاف أن الحكومة “تدعم حرية الصحافة في كردستان بشتى السبل، لكي يتمكن الصحافيون من أداء عملهم بشكل مهني وبعيدا عن الأجندات غير المهنية، وبما يصب في المصلحة العامة ويحافظ على المنجزات الوطنية”.

وتابع أن “وسائل الإعلام في كردستان يجب ألا تسمح باستغلال مهنة الصحافة المقدسة للتشهير وكيل التهم جزافا وتقويض السلم المجتمعي”.

وتستعمل السلطات في كردستان تهمة تقويض السلم المجتمعي وسيلة لاستهداف الصحافيين ووسائل الإعلام عند قيامهم بانتقاد الحكومة أو التطرق لقضايا الفساد.

وجاءت تصريحات البارزاني في وقت مازالت فيه تتوالى الإدانات لأحكام السجن القاسية ضد صحافيين وناشطين في الإقليم لمدة ست سنوات بتهمة “محاولة زعزعة أمن واستقرار الإقليم”.

آسوس هردي: كردستان بحاجة إلى دعم أحرار العالم أكثر من أي وقت مضى
آسوس هردي: كردستان بحاجة إلى دعم أحرار العالم أكثر من أي وقت مضى

وأثارت التهمة والحكم غضبا محليا ودوليا واسعا تجاه ما اعتبر تضييقا على حرية التعبير في الإقليم ومحاولة لـ”تكميم الأفواه”.

ورفض عدد من النواب في برلمان كردستان العراق الحكم واعتبروه سياسيا وعبّروا عن تضامنهم مع الناشطين المعتقلين ونشروا تسجيلات لأطفالهم وهم يبكون بعد النطق بالحكم، ووجه النائب سركوت شمس الدين انتقادات لما سماها بـ”حكومة مسرور”، في إشارة إلى رئيس حكومة الإقليم.

وقبل أيام من المحاكمة اتهم البارزاني بعض الناشطين المعتقلين بـ”التجسّس” و”محاولة تخريب وتفجير المؤسسات في الإقليم”. لكن الادعاء العام في المحكمة التي حاكمت الناشطين لم يشر إلى تهم التجسس في ملفات إحالة القضايا، وحوكم الناشطون وفق مواد تتعلق بـ”المساس بأمن المؤسسات في إقليم كردستان”.

وذكر الناشط الحقوقي دلير هوليري أن “تصعيد سقف الاتهامات هو تكتيك معروف من قبل السلطات في العراق، إذ أنها تجعل المتهم خائفا من الاتهامات الخطرة مثل التجسس والتخريب بحيث لا يعترض حينما يتحول الحكم إلى اتهامات أخرى أقل وطأة”.

وعبَّرَت ثلاث منظمات دولية عن قلقها إزاء قرار محكمة جنايات أربيل بسجن الصحافيين والناشطين، وقالت إن حرية الصحافة في إقليم كردستان العراق تحت تهديد متزايد، وطالبت المسؤولين بدعم الدور المهم الذي يلعبه الصحافيون.

وأكّدت كل من منظمة الصحافة الحرة غير المحدودة “فري برس انليميتد”، ومنظمة دعم الإعلام الدولي “آي.أم.أس” ومنظمة وسائل الإعلام عبر التعاون والانتقال “أم.آي.سي.تي”، في بيان مشترك الأسبوع الماضي، أن “تجاوز السلطات القانونية سيؤدي إلى تقليل رغبة الناس في المشاركة في النقاشات العامة”.

وعبر صحافيون محليون أيضا عن خشيتهم من أن يكون لقرار المحكمة تأثير على عمل الصحافيين في المستقبل.

وقال الصحافي المستقل معاذ فرحان إن “الهدف وراء هذا الحكم ليس فقط معاقبة هؤلاء الأشخاص الخمسة، بل لبعث رسالة لكل الصحافيين والناشطين بأنهم من الآن فصاعدا سيُحالون إلى المحاكم بسبب كتابة تعليق أو منشور على فيسبوك أو التعبير عن رأي”.

وذكرت المنظمات الثلاث في تقرير أن احترام سيادة القانون وحق الناس في حرية التعبير هو عنصر مهمّ في الدول النابضة بالحياة. والنقاش العام المفتوح الذي يمكن فيه تبادل الآراء دون خوف من التعرض إلى الاضطهاد هو من مؤشرات الحكومات القوية والصحية.

وأضاف التقرير أن تجاوز السلطات القانونية سيؤدي إلى تقليل رغبة الناس في المشاركة في النقاش العام، والذي يعد مهمّا لتحقيق الوحدة والسلام والاستقرار.

وأفاد الكاتب والصحافي آسوس هردي “تقف كردستان اليوم أمام لحظة مصيرية، وهي بحاجة إلى دعم أحرار العالم أكثر من أي وقت مضى”.

وأشار صحافيون إلى أن هناك محاولات لتهميش الصحافة الحرة خاصة وأن هامش الحريات الذي يعمل به الصحافيون يضيق يوما بعد آخر، والتطورات الأخيرة تجعل الصحافيين والمدونين على مواقع التواصل الاجتماعي يضعون أسوارا من الرقابة الذاتية على ما يكتبونه خوفا من السلطات.

18