كحل فلسطيني دواء للعين وسر جمالها

فلسطينية تقوم بصنع كُحل عربي تقليدي يجمع بين الفوائد الصحية للعين ويجعلها أكثر جاذبية من كُحل العين الحديث.
الأربعاء 2020/03/04
سر الجمال يكمن هنا

تحافظ فلسطينية ستينية على صناعة الكحل العربي بطريقة تقليدية تعلمتها من جدتها في الصغر، وتحظى منتوجاتها بإقبال النساء على شرائها رغم غلائها لما تتميز به من فوائد صحية ولمسات تجميلية تضفيها على العين.

غزة- لم يمنع تطور أدوات التجميل وسرعة تصنيعها الفلسطينية هادية قديح من الجلوس مطولا أمام موقد نار، وبيدها وعاء به زيت زيتون تسكبه من حين لآخر على نوع خاص من القماش الأسود، لتحوله إلى كحل للعيون لا يحتوي على أي مواد كيميائية قد تكون مضرة بالعين.

وتقول قديح عن هذه العملية إنها تمكنها من الحصول على كُحل عربي تقليدي يجمع بين الفوائد الصحية للعين ويجعلها أكثر جاذبية من كُحل العين الحديث.

والكُحل العربي التقليدي القديم له شعبية في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فالنساء يؤكدن أنه يجعل عيونهن أكثر جمالا إضافة إلى فوائده الصحية التي تنبع أساسا من أحد مكوناته الرئيسية، ألا وهو زيت الزيتون.

وللكُحل العربي سحر خاص عندما يوضع فوق وتحت العين. ويشار إلى أن الكحل كان يوضع للأطفال حديثي الولادة والأطفال صغار السن بغض النظر عن جنس الطفل لتقوية العين أو لحمايتها من العين الشريرة أو الحسد.

ويعود تاريخ استخدام الكحل إلى العصر البرونزي أي حوالي العام 3500 قبل الميلاد. واستخدمته عدة شعوب وحضارات أشهرها الفراعنة وكانوا يستخدمونه فتظهر عيونهم واسعة وجميلة.

وأضافت قديح (64 عاما)، وهي من قطاع غزة، أن تقنية صناعة الكُحل التقليدي، التي ورثتها عن جدتها، يمكن أن تساعد في حماية العينين من الجراثيم وتخفيف الانتفاخ والاحمرار الناتجين عن الحساسية الموسمية.

وتابعت “هذا النوع من الكحل تتم صناعته يدويا، فهو يعتمد في تصنيعه بالأساس على الزيت وقماش طبيعي”، مؤكدة أنه “مفيد كثيرا للعين، فهو يقتل الجراثيم التي يمكن أن تؤذي العين، بالإضافة إلى حمايتها من الإصابة بمرض الرمد الموسمي، لاسيما في فصل الربيع الذي عادة ما يسبب حساسية مفرطة واحمرارا بالعين وحكة”.

وتصنع السيدة الستينية الكُحل بإحراق زيت الزيتون والقماش الأسود معا في مقلاة حديدية كبيرة حتى ينتهي بهما الأمر إلى التحول إلى قشرة سوداء تكشطها بملعقة معدنية من سطح المقلاة. هذا الرماد الأسود هو الكُحل الذي تعبئه بعد ذلك في زجاجات صغيرة مزينة تسمى مكاحل وتبيعه.

وأوضحت قديح أن “هذا الكُحل يعد جزءا من التراث الذي تركته جداتنا وتعلمناه عن أمهاتنا، لقد كن يستخدمن كحلا صحيا أفضل بكثير من الكحل المتوفر لدينا اليوم، وبدلا من المقلاة الحديدية كن يستخدمن الأدوات المصنوعة من الطين ”.

ويقف إبراهيم (25 عاما)، ابن هادية، على بيع ما تصنعه والدته من كحل مقابل 6 دولارات لزجاجة الكُحل الواحدة، قائلا إن “والدته لا تصنع الكثير من زجاجات الحكل بل تحاول تلبية احتياجات الزبائن على قلتهم بسبب ثمن المكحلة الذي يعد باهظا بعض الشيء”.

يعود تاريخ استخدام الكحل إلى العصر البرونزي أي حوالي العام 3500 قبل الميلاد

 وأشار إلى أن النساء يحاولن شراءه رغم غلائه لأنه لا يحتوي على مواد مصنعة يمكن أن تضر بالعين. وأفادت سهام قديح، وهي من النساء الفلسطينيات الحريصات على استخدام الكحل العربي التقليدي، أن أمها وجدتها كانتا تصنعان كُحل العين التقليدي بنفسيهما في البيت.

وأضافت سهام (66 عاما) “لم تعرف جداتنا ولا أمهاتنا غير الكحل التقليدي أما ما جدّ اليوم على أدوات التجميل من أقلام لرسم العيون، فلا صلة لهن به، كن يصنعن كحلهن بأنفسهن بالبيت”.

وتابعت “كانت جداتنا وأمهاتنا يقمن بجلب قماش أسود اللون وينقعنه في قلب الزيت، ويضعن ذلك تحت نار هادئة، حتى تتبخر قطعة القماش المغموسة في الزيت شيئا فشيئا، فيتحصلن من رمادها على الكحل، وبعد ذلك يتم بيعه في زجاجات”.

وترى هادية في محافظتها على صناعة الكحل أمرا يتجاوز القيمة الجمالية والصحية إلى المحافظة على الهوية الفلسطينية بوصفها تقليدا متوارثا يعبر عن نمط حياة عاشه أجدادها.

24