كثرة المخاطر تفرض تقنين مهنة جامعي القمامة وتنظيمها في تونس

حجم النفايات السنوي في تونس يبلغ حوالي 2.75 مليون طن، ومع ذلك لا تقوم الدولة بتدوير سوى 5 في المئة فقط منها.
الثلاثاء 2025/05/27
"البرباشة" يواجهون ظروفا صعبة

تونس - تفرض كثرة المخاطر والعشوائية التي تمر بها مهنة جامعي القمامة أو ما يطلق عليهم في تونس بـ”البرباشة” على السلطات الالتفات إلى هذا القطاع من أجل تقنينه وجعله منظما بما يخدم كافة الأطراف.

وأكد معدو دراسة بعنوان “البرباشة، أو اقتصاد القمامة في تونس من مصب برج شاكير إلى شوارع العاصمة”، نشرتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن نظام استعادة النفايات والاقتصاد الدائري، معقد للغاية.

وأوضحوا أن هذا القطاع يقوم على مساهمة الشركات والأطراف الرسمية، على غرار الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات والبلديات وغيرها، وعلى أولئك الذين ينشطون بشكل قانوني كالبرباشة، مما جعل مساهمتهم في حلقة النفايات وتدويرها أمرا مفروضا.

وشملت الدراسة الميدانية، التي أعدّها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وقدم نتائجها الاثنين، 144 جامع قمامة، 71 منهم من داخل مكب النفايات برج شاكير غرب العاصمة، ما يمثل 49.3 في المئة من المشاركين في الاستطلاع.

البرباشة مساهمون نشطون في حلقة النفايات لكن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي هش

في المقابل يعمل البقية خارج المكب. ويشكل الرجال 77.1 في المئة من العيّنة التي شملتها الدراسة، بينما تمثل النسوة 22.9 في المئة.

ومكب برج شاكير يعد الأكبر بالبلاد، إذ يستوعب نفايات إقليم تونس الكبرى والذي يضم أربع ولايات (محافظات) هي تونس العاصمة وبن عروس وأريانة ومنوبة، ويمتد على مساحة 124 هكتارا، ويستقبل حوالي 3 آلاف طن من النفايات من 38 مركز بلدية.

وشملت العيّنة كافة البرباشة العاملين بصورة غير نظامية في مجال جمع وفرز النفايات، وخاصّة البلاستيك والزجاج والألومنيوم والورق، سواء داخل المكبات أو خارجها بهدف بيعها إلى الشركات المعنية بإعادة تدوير المخلفات.

واستعرض المشرفون على الدراسة الظروف الصعبة التي يواجهها البرباشة، وخاصّة الوضعية الاجتماعية والاقتصادية الهشة. وأشاروا إلى أن الدولة راهنت على إرساء منظومة مقننة لفرز وتدوير النفايات، لكن جامعي القمامة أنشؤوا مسارا موازيا لذلك.

وشارك في البحث نخبة من الباحثين، استنادا إلى دراسات ميدانية معمقة، بهدف صياغة إطار نظري مبتكر تونسي الهوية يعنى بتحليل الظواهر المحلية، لاسيما تلك المرتبطة بالهشاشة الاقتصادية والاجتماعية.

وتطرقت الدراسة إلى ثلاثة تحديات رئيسية، تعلّقت بغياب تعداد دقيق وشامل للناشطين في المجال من قبل الجهات الرسمية، واختلاف مواقع عمل البرباشة، وصعوبة تطوير منهجية واضحة تمكّن من ضمان تحديد عيّنة تمثل هذه الفئة بشكل علمي.

الدولة راهنت على إرساء منظومة مقننة لفرز وتدوير النفايات، لكن جامعي القمامة أنشؤوا مسارا موازيا لذلك

وللإشارة فإن مكب برج شاكير خصص لاستقبال النفايات ومعالجتها باستخدام تقنية الدفن، لكن ظهور فئة من الناشطين غير الرسميين داخل شركات القطاع غيّر من معايير العمل منذ إنشاء مقالب النفايات القديم في المروج غرب بن عروس، حيث ينشط أكثر من 300 برباش في المكب.

وتظهر البيانات الصادرة عن معهد الإحصاء الحكومي أن حجم النفايات السنوي في تونس يبلغ حوالي 2.75 مليون طن، ومع ذلك لا تقوم الدولة بتدوير سوى 5 في المئة فقط منها.

وتتصاعد الأصوات المنتقدة، التي تؤكد أن الحكومة تتجاهل ضرورة معالجة الظاهرة رغم المخاطر الصحية للنفايات، وأن برامجها ووعودها لا تجد طريقا إلى أرض الواقع.

ويشكو التونسيون من تزايد حجم النفايات الملقاة على جوانب الطرق وأكوام القمامة المكدسة داخل الأحياء، في ظل إهمال الدولة والسلطات والجهات البلدية. ويقولون إن العاصمة، أكبر مثال على حجم معاناة السكان من المشكلة، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.

وكانت الحكومات المتعاقبة قد اعتمدت عددا من البرامج منذ عام 2001 لتسهيل عمل المستثمرين في قطاع تجميع النفايات وإعادة تدويرها، وقدمت حوافز لإنشاء الشركات الصغيرة لمعالجة هذه الظاهرة.

لكن جميع الإجراءات التي تم إقرارها، افتقرت إلى الجدية في التعامل مع أطنان النفايات، فضلا عن ضعف قدرتها على اللجوء إلى عمليات التدوير، التي جعلت منها بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استثمارا مربحا.

ويشير الخبراء إلى عدم فعالية عمل الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات المخولة الأولى بإسناد الرخص لشركات جمع ونقل النفايات الخاصة.

وتصنّف بيانات البنك الدولي تونس ضمن النطاق المتوسط للبلدان من حيث متوسط حجم النفايات لكل فرد، والتي تقدر بحوالي 211 كيلوغراما سنويا، وأكثر قليلا من متوسط ما يخلفه الفرد في بلدان شمال أفريقيا.

11