كثرة التحديات تقوض ازدهار صناعة البطاريات عالميا

ارتفاع الطلب بنحو 30 في المئة سيحقق عائدات سنوية تبلغ 410 مليارات دولار بحلول 2030
السبت 2023/02/18
من يملك الليثيوم يكسب المعركة!

يواجه الاستثمار في قطاع تصنيع البطاريات حول العالم تحديات كبيرة بالنظر إلى التكاليف الباهظة ومشاكل سلاسل الإمداد وتقلص إنتاج المعادن التي تدخل في هذه الصناعة بفعل تداعيات الحرب وقبلها تأثيرات أزمة كوفيد، مما يقوض ازدهارها وتنافسيتها.

لندن - يجمع محللون على أن العالم أمام أزمة في إنتاج البطاريات الكهربائية، والتي يبدو أنها تؤخر جهود الحكومات في التخفيف من مشاكل الاحتباس الحراري والمضي قدما في مسح بصماتها الكربونية وتنظيف قطاعاتها الإنتاجية.

ولا يمكن إنكار الحاجة إلى إنتاج المزيد من البطاريات بما يتماشى مع الطلب العالمي المتزايد على السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية، لكن الشركات تتخلف بشكل متكرر عن أهدافها الإنتاجية.

ويرجع خبراءٌ ذلكَ إلى العديد من التحديات، الممتدة من قيود سلسلة التوريد الناجمة عن جائحة كورونا إلى نقص الليثيوم بسبب مخلفات الحرب في شرق أوروبا، في مواجهة الطلب المتزايد.

وارتفعت التكاليف خلال السنوات الأخيرة بسبب هذه التحديات، وقد فشلت الكثير من الشركات الناشئة الواعدة في الصمود في وجه الأزمات.

فيليسيتي برادستوك: على مصنعي السيارات وشركات الطاقة التعاون لتخطي العراقيل
فيليسيتي برادستوك: على مصنعي السيارات وشركات الطاقة التعاون لتخطي العراقيل

وبينما تتطلع دول، وخاصة الصين والاتحاد الأوروبي وبلدانا في الشرق الأوسط، إلى جعل هذا المسار مزدهرا مع تحفيز تنافسية الشركات تعتبر الولايات المتحدة الآن أن نقص البطاريات يمثل تهديدا لأمنها القومي، ويمكن أن يتعرض تحولها الأخضر للخطر.

ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على البطاريات بنحو 30 في المئة، ليصل إلى 4500 غيغاواط/ساعة على مستوى العالم بحلول 2030.

ويمكن أن تحقق سلسلة قيمة البطاريات عائدات سنوية تبلغ 410 مليارات دولار بفضل زيادة الطلب، الذي سيأتي 40 في المئة منه من الصين وحدها.

وتقول فيليسيتي برادستوك، المتخصصة في الطاقة والتمويل وتكتب لموقع “أويل برايس” الأميركي، “يجب على صانعي السيارات وشركات الطاقة العمل معا الآن لتعزيز الإنتاج من أجل تلبية حاجة العالم إلى بطاريات أَيُون الليثيوم”.

وترى أنه يمكنهم توقع مجموعة من التحديات لتوسيع نطاق الإنتاج، بما في ذلك نقص العمالة والمواد، والجدول الزمني المطلوب لتطوير مصانع عملاقة لإنتاج البطاريات، والتنافس على الموارد، ونقص المنتجات كرقائق الليثيوم وأشباه الموصلات.

وأكدت أن الشركات يفترض أن تتأكد من أنها تلبي الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات حيث يصبح التنفيذ أكثر صرامة.

وبالإضافة إلى الطلب الجديد، سوف يتوجّب استبدال العديد من بطاريات الجيل الأول من السيارات الكهربائية، والاستغناء عن حوالي 12 مليون طن من بطاريات أَيُون الليثيوم وفقا لتقديرات 2021، واستبدالها من الآن إلى 2030.

ولا يخلق هذا فقط خطر حدوث نفايات كهربائية كبيرة، إذ تتطلب العملية كميات كبيرة من المواد الخام، بما في ذلك الليثيوم والنيكل والكوبالت، وإنما يوضح أيضا الطلب الذي لا ينتهي على البطاريات الكهربائية.

وعلى الرغم من الدفع القوي من قبل المنظمات الدولية والحكومات في جميع أنحاء العالم لبدء التحول إلى الكهرباء، يعتقد بعض الخبراء أننا لسنا على استعداد للانتقال إلى اعتماد السيارات الكهربائية على نطاق واسع.

ويعتقد بوب غالين، منتج البطاريات الذي صمم بطارية جنرال موتورز إي.في 1، أن الولايات المتحدة ليست جاهزة للتحول.

وقال “ليست لدينا المواد الخام ولا القدرة على التصنيع. ليست لدينا بطاريات كافية لدعم جيشنا إذا دخلت الدولة الخطأ في حرب معنا”.

وتبدو هذه وجهة نظر قاسية، لكن الولايات المتحدة تشتري حوالي 90 في المئة من الليثيوم من الأرجنتين وتشيلي في الوقت الحاضر، وتنتج واحدا في المئة فقط من النيكل والكوبالت في العالم.

الطلب لا ينتهي على البطاريات الكهربائية
الطلب لا ينتهي على البطاريات الكهربائية

وفي الآن نفسه تنجح الصين في تكرير نحو 60 في المئة من الليثيوم في العالم و80 في المئة من الكوبالت. كما تنتج حوالي 70 في المئة من بطاريات أيون الليثيوم في العالم، مما يعني أن العديد من الدول حول العالم تعتمد عليها لإنتاج السيارات الكهربائية.

وقالت برادستوك “يبقى هذا هو نوع التبعية الذي تحاول العديد من البلدان تجنبه في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا”.

ويبدو الكثير من هذا غريبا لمقدار الدعاية التي يُعلن عنها حول الاختراقات في إنتاج البطاريات وزيادة إنتاج المعادن وظهور الشركات الناشئة المبتكرة على الساحة؛ حيث تُتهم عدة شركات ناشئة بالمبالغة في “اختراقاتها” لجذب الانتباه والتمويل.

وكانت المنابر الإعلامية في جميع أنحاء العالم سريعة جدا في لفت الانتباه إلى الشركات التي تفتخر بتقنيات بطارياتها الرائدة، دون فهم لمداها.

وربما ليس من المستغرب أن الكثير من الشركات الناشئة الواعدة للسيارات الكهربائية والبطاريات قد انهارت في مواجهة العديد من التحديات الرئيسية.

وانهارت مؤخرا شركة بريتيش فولت الناشئة التي وعدت بتحويل إنتاج السيارات في المملكة المتحدة، بتقييم يزيد عن مليار دولار.

وكان من المتوقع أن تكون الشركة التي تأسست في 2019 أول مطور لمصنع بطاريات مملوك محليا لصناعة السيارات الكهربائية، بحجم إنتاج يبلغ 30 غيغاواط/ساعة من البطاريات سنويا لآلاف السيارات الكهربائية.

بوب غالين: ليس لدى الولايات المتحدة المواد الخام والقدرة على التصنيع
بوب غالين: ليس لدى الولايات المتحدة المواد الخام والقدرة على التصنيع

ورغم الدعاية الكبيرة والدعم من رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون، فشلت الشركة في الحصول على التمويل الذي تحتاجه لتحقيق أحلامها، وهذا يعني خسارة 200 وظيفة وبيع موقع المصنع.

وبينما تشهد الشركات الأخرى الأكثر رسوخا نجاحا أكبر، لا يمكن لأي شركة تجنب التحديات القطاعية تماما.

وأدى ارتفاع أسعار المواد على مدى السنوات القليلة الماضية إلى ارتفاع تكاليف تصنيع المركبات الكهربائية، في صناعة باهظة الثمن بالفعل وذات قدرة تنافسية عالية.

وارتفعت أسعار الليثيوم والنيكل والكوبالت في السنوات الأخيرة، حيث لوحظ نقص. كما تعسّر الحصول على مكونات البطارية الأساسية بسبب قيود سلسلة التوريد.

وتزيد ضغوط الحكومات التي تتطلع إلى تقليل اعتمادها على قوى التعدين الرئيسية، مثل الصين، من تعقيد المأزق من خلال جعل شركات صناعة السيارات تبحث عن موزّعين محليين أو على الأقل تنويع وارداتها.

ولا يزال مستقبل البطارية الكهربائية غير مؤكد لأن الحكومات تشجع على الانتقال السريع بعيدا عن السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري إلى تلك الكهربائية، فلا نجد من هو متأكد تماما مما إذا كان بإمكان صناعة البطاريات مواكبة الطلب.

كما أن ثمة تحديات تهدد الإنتاج، مع استثمارات ضخمة مطلوبة لتطوير عمليات التعدين والمصانع العملاقة اللازمة لدعم إنتاج البطاريات في جميع أنحاء العالم. لكن التقدم لا يزال بطيئا مقارنة بأهداف الحكومات الطموحة والمحددة لإنتاج السيارات الكهربائية.

10