كتاب وروائيون: الكتب "الأكثر مبيعا" ظاهرة لا تحققها مضامين الكتب

ظاهرة يتحكم فيها الناشرون قد لا ترتقي بالكتب وفعل القراءة.
الثلاثاء 2022/11/15
من يحدد الكتب الأكثر مبيعا

ليست ظاهرة الكتب الأكثر مبيعا أو ما تعرف بـ”البيست سيلرز” ظاهرة جديدة، بل تدخل في عملية التسويق للكتب، ولكن وفق ضوابط معينة، وفي العالم العربي لا ضوابط لهذه الظاهرة التي إن كشفنا عن خفاياها سنجدها لا تتجاوز الحيل أحيانا، في ما هي في أحيان كثيرة أخرى مسائل ترويجية يتدخل فيها الناشرون بالدرجة الأولى.

الشارقة - حدد عدد من الكتّاب مجموعة من العوامل التي تؤثر على قضية “الكتب الأكثر مبيعا”، مؤكدين أنها مسألة نسبية تختلف في الوقت الحالي عمّا كانت عليه في الماضي فقديما كانت تعتمد بالأساس على المضمون بينما الآن تتوقف على العديد من العوامل منها العنوان والتركيب وتماشيه مع الذوق العام.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان “ظاهرة الكتب الأكثر مبيعا” عقدت خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب بمشاركة الكاتب الإيطالي فابيو فولو والكاتبة الإماراتية عائشة سلطان والكاتب التونسي صلاح الدين الحمادي.

قال الكاتب التونسي صلاح الدين الحمادي إن قضية الكتب الأكثر مبيعا ليست مجرد ظاهرة لكنها من إشكاليات الساحة الثقافية، مضيفا “ولنقل إن أصلها هو البحث عن الانتشار والرغبة في شهرة النص الأدبي والفكري مسألة موغلة في القدم ومرتبطة بنشأة النصوص الأدبية من قديم الزمان”.

ووضّح الحمادي أن الشاعر كان يحرص منذ أيام الجاهلية على أن يصل شعره إلى مختلف البلدان، والآن أصبح هناك أدوات معاصرة للانتشار، فالانتشار هو ضرورة للأدب وحاجة للمؤلف، وأصبحت هذه الحاجة مشتركة بين المؤلف والناشر مشيرا إلى أن ظاهرة الكتب الأكثر مبيعا يلعب فيها الناشر دورا كبيرا ومباشرا.

مهارات التسويق

بوكس

وأضاف أنه في القديم كان المضمون وجودة الكتابة والتأليف هي الأدوات التي تحدد الأكثر انتشارا والآن أصبحت ترفدها قواعد أخرى منها الحرص على أن تكون العتبة الأولى للكتاب وأن يكون العنوان مستفزا ومحصورا في مواضيع معينة، فمن الأفضل أن يكون العنوان موحيا بمسائل تلفت انتباه الجمهور، وكذلك المضمون الذي يحاول أن يروّج له الناشر عن طريق وسائل الإعلام الحديثة.

 وأكد أن كل العوامل التي ذكرها تحقق رقما هاما في المبيعات، فالمؤلف الذي يكتفي بجودة المضمون حتى لو اعتمد على اسمه فانتشاره سيكون محدودا، لذلك يهتم الناشر بقواعد أخرى مما يجعل هذا الكتاب يغطي مساحات كبيرة من الانتشار، ولا بد أن يراعى في كل كتاب الفئة المستهدفة، مشيرا إلى أن “الأكثر مبيعا” لا يعتمد على قوة مضامين الكتب بقدر ما يعتمد على مهارات التسويق.

من جانبها قالت الكاتبة الصحافية الإماراتية عائشة سلطان “مثلما يوجد لدينا جوانب متعددة من الأمور التي تؤثر في الشخص ليشتري كتابا فهناك تعدد في أنواع القرّاء، لكن كلنا نذهب إلى الكتب لنبحث عمّا نريد نحن ولكن حينما نكون أطفالا نشتري مثل بعضنا، وإذا كنا يافعين نتأثر بما يوجهنا إليه معلمنا أو بائع الكتب، فإذا لم تكن لدينا خبرة نشتري ما يقال لنا وحينما نكبر وتصبح لدينا خبرة تتراكم عبر الزمن نشتري ما يلاقي احتياجاتنا”.

القراءة هي الأهم

أشارت سلطان إلى أن معظم من يشترون كتبا لا يقرأون نصف الكتب التي اشتروها إما لشعورهم بأنهم تسرعوا أو لأن الناس تتلصص على بعضها لمعرفة ماذا اشترى فلان أو فلان، واليوم لا توجد قراءة ليست ذات قيمة أو معنى لكن كل مرحلة تتطلب نوعا من القراءة فلو كان عمري 7 سنوات لا أستطيع أن أقرأ لنجيب محفوظ أو ماركيز لكن أقرأ المغامرين الخمسة وأجاثا كريستي لما تحويه من خيال ولغة فالمطلوب أن أصبح شخصا يتردد على معارض الكتب.

وذكرت أن “الأكثر مبيعا” مفهوم ظهر في الولايات المتحدة لأول مرة عام 1889 واليوم بعد كل هذا التراكم وصارت مؤسسات تتبنى هذا التقييم، لكن نحن في المنطقة العربية لا نقوم بذلك، بل نعتمد على إقناع الناس بأن الكتاب ضمن “الأفضل مبيعا”، ففي بريطانيا يطلق على الكتاب أنه ضمن الـ”بيست سيلر” إذا كانت مبيعاته تراوح بين 7 إلى 25 ألف نسخة في الأسبوع وبالتالي هذه المسألة معقدة.

كتب

وقال الكاتب الإيطالي فابيو فولو “لا أهتم حينما أقوم بكتابة القصة أن أكتبها للإعلام فهذا شيء خاص بي وهذه طريقتي في العمل فأنا أقوم فقط بالتعبير عن نفسي، ولا حتى أفكر هل الأشخاص سيحبون القصة أم لا بل أعتنى بنفسي فقط وأنا كقارئ أحب الكتاب حينما يتحدث عني”.

وأوضح أن التسويق ليس أن نقوم ببيع الكتب ولكن بأن نعوّد الأطفال على القراءة فحينما تقرأ كتابا سيقودك إلى المزيد من الكتب لكن حينما يقوم شخص بالسيطرة عليك بالتسويق ستقرأ الكتاب لمرة واحدة، فالتسويق لن يكون له معنى فقد يكون مهمّا لمرة واحدة لكن إذا لم يكن الأشخاص قد قاموا بسرده بصورة مميزة فلن يستطيعوا تسويقه مجددا، فالعمل الأفضل هو الذي يبقى طويلا.

13