"كتاب علاءالدين".. مسرحية تونسية تعالج الأطفال من الحرب والعنف

كوميديا موسيقية تعيد للمسرح دوره العلاجي للقضايا الإنسانية الراهنة.
الأربعاء 2024/02/28
عالم عجائبي برؤى تونسية

للمسرح قدرة علاجية كبيرة للعديد من الظواهر، إذ يمكنه مواجهة العنف والصراعات وتهذيب الجسد والنفس وفتح آفاق أخرى للتفكير، ومن هنا انطلق المسرح الوطني التونسي في تقديم آخر إنتاجاته الكوميديا الموسيقية «كتاب علاءالدين» إلى جمهور مختلف، سواء من الأطفال الفلسطينيين الذين عانوا ويلات الحرب وغيرهم ممن تقطعت بهم السبل وابتلعتهم دوامة العنف.

تونس - نظم المسرح الوطني التونسي مؤخرا بقاعة الفن الرابع بالعاصمة تظاهرة «أطفالنا آمالنا»، تم خلالها تقديم العرض المسرحي الغنائي «كتاب علاءالدين» إخراج محمد مختار الوزير وإنتاج المسرح الوطني، وخصص العرض يوم الجمعة للأطفال الجانحين وأوليائهم.

كما قدم العرض لمجموعة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى جراء الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، والتي خلفت آثارا نفسية مدمّرة علاوة على الآثار المادية، وهذا ما يخرج بالمسرح من مجرد التسلية والتوعية إلى العلاج النفسي.

مرافقة الأطفال

العرض يغوص في تركيبة من العلاقات الإنسانية يتجاذبها المد والجزر وتلعب الصدفة دورها في توضيح الخفايا
العرض يغوص في تركيبة من العلاقات الإنسانية يتجاذبها المد والجزر وتلعب الصدفة دورها في توضيح الخفايا

بعد تقديم العرض للأطفال الجانحين وأسرهم أعلنت الهيئة العامة للسجون والإصلاح التونسية أن تمكين الأطفال الجانحين من متابعة هذا العرض

يأتي «تكريسا للدور التربوي والإصلاحي لمراكز إصلاح الأطفال الجانحين» وحرصا من الهيئة على مزيد توطيد الروابط الأسرية بين الأطفال الذين هم في خلاف مع القانون وعائلاتهم.

وقد تابع هذا العرض مجموعة من الأطفال المودعين بكل من مراكز الإصلاح في المروج والمغيرة ومجاز الباب وسيدي الهاني رفقة أفراد عائلاتهم، وذلك بحضور المدير العام لشؤون المودعين سفيان مزغيش والمدير العام للمسرح الوطني التونسي معز مرابط وعدد من إطارات وزارة الشؤون الثقافية والهيئة العامة للسجون والإصلاح.

وأشارت الهيئة في بلاغ نشرته على صفحتها الرسمية أن «مثل هذه الأنشطة الثقافية تندرج في إطار تنفيذ توجهات وزارة العدل الهادفة إلى مزيد تكريس البعد الإصلاحي والإنساني والإحاطة بالأطفال الذين هم في نزاع مع القانون من خلال تجسيد حقهم من متابعة جملة من البرامج التربوية والتعليمية والتكوينية والثقافية حتى يتسنى لها إعادة إدماجهم بأيسر السبل وإعادتهم إلى محيطهم الأسري والاجتماعي بعيدا عن مظاهر الجنوح».

كما استضاف المسرح الوطني التونسي مؤخرا مجموعة من الأطفال الفلسطينيين جرحى عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والذين استقبلتهم تونس مؤخرا للعلاج في مستشفياتها. وقد مكنهم من متابعة الكوميديا الموسيقية «كتاب علاءالدين»، وذلك في حركة إنسانية ورمزية للترفيه عنهم وتخفيف وطأة الحرب والدمار على نفوسهم.

وحضر الأطفال الفلسطينيون رفقة أوليائهم وجمعية الهلال الأحمر التونسي مع الأطفال التونسيين، بقاعة الفن الرابع بالعاصمة، حيث تقاسموا البسمة والفرح وهم يشاهدون الكوميديا الموسيقية التي تذهب بجمهورها في عوالم عجيب ممتعة.

عالم عجائبي

pp

الكوميديا الموسيقية “كتاب علاءالدين” عبارة عن إعادة مسرحة لقصة «علاءالدين والمصباح السحري» قام بها المخرج التونسي مختار الوزير، وأدرجها في عالم عجائبي يتجاوز حدود المألوف مستوحى من القصص الخيالية والأساطير، بأسلوب مغاير دون المس بروح الحكاية وبنية أحداثها، وأضاف إليها الموسيقى والغناء ليكون العرض أكثر ثراء من الناحية الفنية.

ويروي الوزير من خلال هذا العمل حكاية طفل ثائر على واقعه يقع ضحية تلاعب شخص غامض بحياته. ينتهي الأمر بالطفل «علاءالدين» إلى القيام برحلة محفوفة بالعوائق والمخاطر، وهو الذي يتربص به السحرة ليوقعوا به في فخ أسحارهم متعددة الألوان والأشكال.

داخل عالم عجائبي حافظ على بعده التخييلي وقام بإعادة تصور للإطارين المكاني والزماني، يتحرك أبطال العرض داخل حلقة من الصراعات المتشابكة والأحداث غير المتوقعة، حيث يتدخل السحر لحدوث العجيب في كل مرة.

ويغوص العرض في تركيبة من العلاقات الإنسانية يتجاذبها المد والجزر لتلعب الصدفة دورها في توضيح الخفايا وتقريب المسافات ما بين البطل علاءالدين والأميرة الحبيبة. ودون التخلي عن سحر الخرافة وسر الحكاية يقترح المخرج رؤى جمالية وفنية معاصرة في إعادة سرد قصة علاءالدين انسجاما مع مقتضيات السياق الراهن وفق المصدر ذاته.

يذكر أن هذه الكوميديا الموسيقية هي من إنتاج المسرح الوطني التونسي والمسرح الوطني الشاب، أداء بشير الغرياني والمالكي اللباوي وأسامة الحنايني وأحمد الزواغي وثواب عيدودي وحلمي الخليفي وفاطمة الزهراء المرواني وأصالة كواص ومحمد لؤي العش ونورهان جعفر وليلى المنكبي وكوثر ميساوي وعلام بركات وشوقي صعدلي ونبراس خلف الله ومحمد المالكي وحازم بوهلالي وغسان الجربي. وتولت سلمى بوحجبة تصميم اللوحات الكوريغرافية. أما الموسيقى وتلحين الأغاني فهي من إعداد راضي الشوالي.

العمل يمتاز بعالمه العجائبي الذي يتجاوز حدود المألوف وهو مستوحى من القصص الخيالية والأساطير بأسلوب مغاير
العمل يمتاز بعالمه العجائبي الذي يتجاوز حدود المألوف وهو مستوحى من القصص الخيالية والأساطير بأسلوب مغاير

13