كتابان يقرآن حرب غزة بأعين الأدباء

رام الله - بعيدا عن التغطيات الإخبارية التي تتابع الحرب الدائرة رحاها في غزة، كانت للأدباء الفلسطينيين أصواتهم في كشف ما يحدث ومآلاته من زوايا مختلفة، هي زوايا الإبداع. في هذا الإطار أصدر وزير الثقافة الفلسطيني الروائي عاطف أبوسيف كتابه الجديد "وقت مستقطع للنجاة" بإحدى عشرة لغة.
وصدر الكتاب بالعربية عن دار الأهلية للنشر في عمان، وصدر بالإنجليزية بعنوان “لا تلتفت يسارا: يوميات الإبادة في غزة” بطبعتين واحدة لبريطانيا وأوروبا عن دار نشر كوما، وأخرى للولايات المتحدة عن دار نشر “بيكون”، وصدر الكتاب بالتزامن مع ذلك بالإسبانية والكتلانية، والإيسلندية، والأندونيسية، واليابانية، والإيطالية، والكورية، والباسكية، والبرتغالية، والتركية.
ويرصد عاطف أبوسيف في كتابه يوميات العدوان على غزة خلال تواجده في القطاع في الأشهر الثلاثة الأولى، وطوال تلك الأيام كان يقوم بكتابة يومياته بشكل منتظم بحيث يكتب نصا باللغة العربية، وآخر باللغة الإنجليزية، ويرسلهما للأصدقاء لنشرهما في الصحف مصورا فيهما تفاصيل الحياة في غزة منذ اليوم الأول للعدوان، وبشاعة وقسوة الواقع الذي فرضته على أهلنا في غزة في رحلة من الكفاح اليومي، انتقل فيها الكاتب من غزة والشمال بعد 46 يوما إلى خان يونس ثم لخيمة غرب رفح برفقة نجله ياسر عرفات.
ويقول أبوسيف في مقدمة كتابه إن هذه “الرحلة يرتقي فيها الشهداء، ويذهب الأصدقاء، ونقابل الدموع والأحزان وهدم بيت العائلة وإصابة الكاتب والجوع والبرد والوجع، حيث كانت الكتابة مهمة ومسؤولية”. وكان ملفتا هذا الانتظام وتلك التفاصيل التي حفلت بها اليوميات التي تشكل وثيقة تاريخية اجتماعية وثقافية عن لحظة مفصلية في تاريخ شعبنا الفلسطيني يكتبها روائي عاش تفاصيلها مع ابنه الذي بلغ الـ16 في الخيمة، بعين الكاتب وابن المكان الملم بتاريخه والمخلص لآلام الناس وحكايتهم.
وكما يفعل الكاتب في رواياته، فإن الحياة تستحق رغم قسوتها الاحتفاء والنشيد، كما يكتب ناشر أبوسيف على غلاف الطبعة العربية. وكما كتبت عضو مجلس اللوردات البريطاني هيلينا كينيدي في صحيفة الغارديان قبل يومين في مراجعتها للكتاب، فإن ما يقوله أبوسيف بأن شعبه عاش خلال 75 عاما في حروب مستمرة، بدأت بالتهجير والنزوح والإجبار على الخروج من البيت، والحرمان من تقرير المصير والوطن الآن، هذه الحروب شكلت حياة جد وجدة أبوسيف وحياة والدته ووالده وها هي تشكل حياته هو وأطفاله.
وكانت هذه اليوميات قد ظهرت بشكل يومي في كبريات الصحف في العالم والتي تشمل “نيويورك تايمز” و”الغارديان” و”وانشطن بوست” و”ذا نيشن” و”الليموند” و”كوريرا دي لا سيرا” و”دير شبيغل” و”العربي الجديد” و”الأيام”.
وقال ناشر أبوسيف بالإنجليزية، وكيل الكتاب باللغات الأجنبية، مدير دار نشر كوما في إنجلترا: إن الكاتب تنازل عن حقوقه من عوائد الطبعة الأولى في كل اللغات الأجنبية لصالح ثلاث جمعيات خيرية تعمل في بريطانيا، من أجل تأمين مساعدات إغاثية لصالح النازحين والمهجّرين في قطاع غزة، وهي جمعية المساعدات الطبية للفلسطينيين، تحالف أطفال الشرق الأوسط وحملة التضامن مع فلسطين في شيفيلد.
وسبق أن صدرت لعاطف أبوسيف تسع روايات، ورواية للفتيان، وثلاث مجموعات قصصية أبرزها: “ممرات هشة” و”الجنة المقفلة” و”مشاة لا يعبرون الطريق”، و”الحاجة كريستينا”، و”حياة معلقة”، و”حصرم الجنة”، و”كرة الثلج” و”حكاية ليلة سامر”، و”قصص من زمن غزة”.
وفي نفس التمشي الذي يفضح جرائم الحرب التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة صدر حديثاً عن دار “مرفأ” في بيروت لمجموعة مؤلفين، كتاب “الوصايا.. شهادات مبدعات ومبدعين من غزة في مواجهة الموت”. الإصدار فكرة وتحرير الشاعرة والمترجمة الفلسطينية ابنة باقة الغربية ريم غنايم، وقدمه الكاتب الأرجنيتني ألبرتو مانغويل، والفيلسوفة وأستاذة البلاغة والأدب المقارن الأميركية جوديث بتلر.
وضم الإصدار 17 وصية لمبدعين من غزة، شهداء وأحياء، وهم: الروائي والقاص يسري الغول “وصية رجل حالم”، الشاعر والمترجم الشهيد رفعت العرعير “إذا كان الموت لزاماً علي”، الكاتبة هناء أحمد “أريد أن أنجو”، الكاتب سعيد عبدالعزيز أبوغزة “على قبري”، الشاعر والكاتب الشهيد سليم النفار “إعلان براءة”، الشاعرة والروائية أمل أبوعاصي اليازجي “لقد زال همكم إلى الأبد”، الممثل والمخرج علي ابو ياسين “دقائق الحرب الطوال”، المترجمة والكاتبة نجوى غانم “غرفة آمنة”، القاصة ليان أسامة أبوالقمصان “لا أمل لنا بالنجاة”، الشاعر حسين حرزالله “على قيد ما يشبه الحياة”، الكاتبة نعمة حسن “أنا نعمة حسن”، الشاعر والصحفي حسام معروف “منحاز لفكرة السد”، الشاعر والكاتب مصعب أبوتوهة “إن كنت سأموت”، الطفلة ميار الجزار “اسمي ميار”، الكاتب والقاص سعيد محمد الكحلوت “بحثاً عن مأمن”، الشاعر والباحث يوسف القدرة “حياة كأنها الأبد”، الشاعر والروائي ناصر رباح “لم يعد الموت يهمنا”.
وجاء في الإهداء: هذا الكتاب مهدى لروح الفنانة التشكيلية الفلسطينية هبة زقوت (1984-2023) التي ارتقت مع طفلها جراء القصف الإسرائيلي في الثالث عشر من أكتوبر 2023. واللوحات داخل الكتاب رسمتها هبة بعناية فائقة وهي هنا لتؤكد أن الفن يواسي من كسرتهم الحياة.