كتائب حزب الله العراقية تنفي نزع السلاح وسط تساؤلات حول وحدة الصف

بغداد – نفت كتائب حزب الله العراقية، الاثنين، تقريرا نشرته وكالة "رويترز" حول استعداد عدة فصائل مسلحة قوية مدعومة من إيران لنزع سلاحها للمرة الأولى، وذلك في محاولة واضحة للتبرؤ من تصريحات منسوبة لأحد قادتها في هذا الشأن.
ويشي هذا النفي بوجود انقسام محتمل داخل هذه الجماعة المسلحة القوية المدعومة من إيران، أو على الأقل، برغبة القيادة في التنصل من أي إيحاء بتغيير استراتيجي في مواجهة الضغوط الأميركية.
وأكدت الكتائب في بيان رسمي صادر عن دائرتها الإعلامية أن هذه التصريحات "لا تمتّ إلى ثوابتنا ومواقفنا بأية صلة"، مهددة الوكالة والعاملين فيها بالملاحقة القانونية بتهمة "التضليل" ونشر أخبار "غير مسندة إلى المصادر الرسمية".
وأوضح البيان، الذي أوردته وسائل إعلام عراقية أن التصريحات الرسمية للكتائب تنحصر فقط بالمتحدث الرسمي محمد محي، والناطق العسكري جعفر الحسيني، محذراً وسائل الإعلام المحلية والدولية من تداول أي تصريحات أخرى ونسبها للكتائب، واصفاً إياها بـ"الكذب والافتراء".
وجددت الكتائب دعوتها إلى "الدقة والمصداقية في النشر، واستقاء المعلومات من مصادرها الحقيقية"، مؤكدة احتفاظها بحقها القانوني في محاسبة من "يمارس التضليل" حفاظاً على "معايير الصدق والموضوعية وقواعد النشر الصحفي المعتمدة"، وحماية الرأي العام من "حملات الكذب والتزييف".
وجاء هذا النفي الحاد بعد ساعات من نشر وكالة "رويترز" تقريرا استند إلى أقوال عشرة من كبار القادة والمسؤولين العراقيين، كشف عن استعداد فصائل مسلحة "قوية" مدعومة من إيران، "لأول مرة"، لاتخاذ خطوة "نزع السلاح" بهدف تجنب خطر تصاعد الصراع مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وذكرت المصادر أن هذه الخطوة تأتي في سياق جهود لتهدئة التوتر المتزايد في أعقاب تحذيرات متكررة وغير رسمية وجهها مسؤولون أمريكيون للحكومة العراقية منذ تولي ترامب السلطة في يناير من ذلك العام.
وقد نقلت "رويترز" عن قيادي في كتائب حزب الله، وصفته بأنه يتحدث وهو يرتدي كمامة سوداء ونظارة شمسية، قوله "ترامب مستعد لتصعيد الحرب معنا إلى مستويات أسوأ، نحن نعلم ذلك، ونريد تجنب مثل هذا السيناريو السيء".
ويمثل النفي العلني من كتائب حزب الله محاولة واضحة للسيطرة على السردية الإعلامية وتأكيد التزامها بمواقفها المعروفة، فيما يشير التهديد بالملاحقة القانونية إلى مدى انزعاج القيادة من التقرير وتصميمها على دحض فكرة "نزع السلاح".
وعلى الرغم من النفي الرسمي، فإن إدلاء "قيادي" بتلك التصريحات لوكالة دولية بحجم "رويترز" يوحي بوجود تباين في وجهات النظر داخل الكتائب حول كيفية التعامل مع الضغوط الأميركية، وقد يعكس ذلك قلق بعض العناصر من تصاعد الصراع ورغبتهم في تجنب مواجهة شاملة.
ومن خلال نفي التقرير، تسعى الكتائب إلى تجنب الإحراج أمام حلفائها في إيران وأنصارها في العراق، الذين قد يرون في فكرة "نزع السلاح" تراجعاً أو ضعفاً. كما أنها تحاول الحفاظ على صورتها كقوة مقاومة صلبة وغير قابلة للانكسار.
ويؤكد رد الفعل القوي من الكتائب على مدى مركزية السلاح في هويتها وقوتها. فالتخلي عن السلاح يعني تقويض نفوذها وتأثيرها في المشهد السياسي والأمني العراقي، وهو ما ترفضه على ما يبدو القيادة الحالية.
ويحمل نفي الكتائب رسالة إلى الداخل العراقي مفادها التمسك بالنهج الحالي وعدم الانجرار وراء دعوات التهدئة مع الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، يوجه رسالة تحذيرية إلى وسائل الإعلام الدولية بضرورة توخي الحذر والاعتماد على المصادر الرسمية فقط عند تغطية أخبارها.
ويبقى السؤال قائما حول حقيقة ما يجري داخل صفوف كتائب حزب الله. فبينما تنفي القيادة أي استعداد لنزع السلاح، فإن ظهور تصريحات منسوبة لأحد قادتها يشير إلى وجود نقاشات داخلية أو حتى انقسام محتمل حول هذه القضية الحساسة.
ولا يعرف ما إذا كان هذا النفي يمثل موقفا موحدا وقاطعا، أم أنه مجرد محاولة لاحتواء تداعيات تصريحات قد تعكس واقعا أكثر تعقيدا داخل هذه الجماعة المسلحة المؤثرة.