كبر سن المستقدَمين أحدث فصول أزمة عمال المنازل في الكويت

الكويت- بدأ قرار وضع سقف للكلفة المادية لاستقدام عمال المنازل إلى الكويت يلقي بظلاله على هذه السوق النشطة بقوّة في البلد في ظلّ الإقبال الشديد من قبل غالبية أُسَره على توظيف هذا الصنف من العمال.
وشهدت الكويت على مدى السنوات الماضية أزمات متلاحقة في ملف عمال المنازل بسبب تعذّر تلبية طلب جميع الأسر لأسباب مختلفة من بينها تفجّر خلافات مع بعض الدول المصدّرة بشكل رئيسي لهذا النوع من اليد العاملة، على خلفية تذمّر تلك الدول من تعرّض مواطنيها ومواطناتها المشتغلين في الكويت لحالات اعتداء واضطهاد أفضت إلى الوفاة في بعض الأحيان.
◙ أصحاب مكاتب الاستقدام يطمحون للتخلّص من قرار تسقيف تكلفة جلب عمال المنازل الذي عرقل تجارتهم وحدّ من أرباحهم
وتقبل سوق العمالة المنزلية في الكويت على مشكلة من نوع جديد تتمثّل في كبر سنّ العمال المستقدمين، في ظاهرة يعزوها المشتغلون في قطاع جلب العمّال من الخارج إلى الضغوط المادية التي فرضها القرار الحكومي بوضع حدّ أقصى لتكلفة جلب هؤلاء العمّال.
وكانت وزارة التجارة والصناعة في حكومة رئيس الوزراء السابق الشيخ أحمد النواف قد أصدرت قرارا بتحديد تكلفة استقدام العمالة المنزلية بما في ذلك سعر تذكرة السفر.
وحدّدت الوزارة الحد الأقصى لتكلفة استقدام عمال المنازل من دول آسيا بـ1869 دولارا، و2438 دولارا للاستقدام من دول أفريقيا، ومصاريف الجواز الخاص المقدّم من الكفيل بـ1137 دولارا.
لكنّ القرار الذي هدف حسب الوزارة إلى الحدّ من غلاء اليد العاملة المنزلية أصبح موضع انتقاد وتذمّر أصحاب مكاتب الاستقدام الذين يقولون إنّه أضعف تنافسية السوق الكويتية وجعل وكالات العمل في البلدان المصدرة لعمال المنازل تتجّه نحو بلدان أخرى بحثا عن تحقيق أرباح أوفر.
وأعيدت إثارة مسألة ندرة عمال المنازل في الكويت مع حلول شهر رمضان الذي تحتاج فيه الأسر الكويتية بشكل أكبر إلى توظيف معينين ومعينات منزليات للنهوض بالمتطلبات الاستثنائية لشهرالصيام.
وجاء في تقرير لصحيفة الرأي المحلّية أنّ “أزمة عمالة منزلية خانقة تُعاني منها الأسر الكويتية مع حلول شهر رمضان، في ظل استمرار وقف جلب العمالة المنزلية الفلبينية واقتصار الجلب على العمالة المنزلية السريلانكية”.
ونقل عن عدد من أصحاب مكاتب العمالة المنزلية قولهم إنّ الكويت باتت وجهة “للعجائز” من عمال المنازل الذين تتجاوز أعمارهم خمسة وأربعين عاما بسبب خفض كلفة الاستقدام ما يجعل وكالات العمل الخارجية تتجه لدول الجوار التي تعطي مقابلا ماديا أكثر ليتبقى للكويت العمالة الأقل تدريبا ومهارة والأكبر سنّا.
وكانت الفلبين ضمن أكثر بلدان العالم تصديرا للعمال إلى الكويت بما يقارب 268 ألف عامل سنويا غالبيتهم العظمى من عاملات وعمال المنازل.
لكن تدفّق العمال الفلبينيين إلى الكويت بدأ بالتناقص إثر نشوب أزمة بين الطرفين الكويتي والفلبيني سنة 2018 بعد العثور على جثة مشوّهة لعاملة فلبينية داخل براد في شقة مهجورة بالكويت.
كما دفع تواتر حوادث الاعتداء على عمّال في الكويت، بمن فيهم عمّال عرب، وورود تقارير إعلامية وحقوقية عن حالات اضطهاد واستغلال لعاملات المنازل، العديد من البلدان إلى فرض قيود على سفر مواطنيها للعمل بالكويت.
ويمثّل جلب عمال المنازل تجارة مربحة للمكاتب المتخصصة بالاستقدام نظرا لإقبال العائلات على انتداب معينات لرعاية الأطفال والقيام بشؤون المنزل، في ظل عزوف تام من قبل الكويتيات عن القيام بهذا العمل المرهق ومتدني الأجر.
◙ وضع سقف لتكلفة جلب عمال المنازل حدّ من تدفق هؤلاء العمال على الكويت وجعلهم يفضلون التوجه إلى بلدان أخرى
وسبق لتقرير صحفي دولي أن أظهر تحول هذه التجارة في الكويت إلى مضاربة حادة خارجة عن نطاق القانون وتقترب من تجارة الرقيق بسبب إقدام بعض العائلات على إعادة “بيع” عاملات تقوم بانتدابهن على أساس العمل لديها.
ويطمح أصحاب مكاتب الاستقدام للتخلّص من قرار تسقيف تكلفة جلب عمال المنازل الذي عرقل تجارتهم وحدّ من أرباحهم.
ونقلت الصحيفة مناشدة أحد أصحاب مكاتب العمالة المنزلية الحكومة حلحلة القضية وفتح باب التأشيرات وإعادة الأمور إلى وضعها السابق وإنهاء وقف استقدام العمالة المنزلية من الفلبين المستمر منذ أكثر من عام، مشيرا إلى أنّ الأسر الكويتية لم تتأقلم مع العمالة غير الفلبينية، وموضّحا أنّ أعمار العمال المستقدمين التي تفرض على المواطنين بسبب الأسعار الجديدة تتجاوز خمسة وأربعين عاما وهي أعمار لا تتناسب مع العمل في منازل الكويتيين.
وقال إنّ هناك عددا من مكاتب الاستقدام اضطرت إلى الإغلاق بسبب عدم مقدرتها على العمل في ظل الظروف القائمة، معتبرا أنّ خفض الأسعار لا يخدم المواطن بل يضرّه “لأن العمالة تكون دون مستوى التوقعات فيضطر لاحقا إلى استبدالها”.