كبح تجارة الكبتاغون مطلب دول عربية تسعى للتطبيع مع سوريا

دمشق - رسخت مادة الأمفيتامين المعروفة باسم الكبتاغون وجودها في الشرق الأوسط، بداية من خطوط المواجهة الدامية إلى مواقع البناء المكتظة بالعمال وحتى في الحفلات الراقية. وأصبح كبح تجارة الكبتاغون مطلبا رئيسيا لعدة دول عربية تسعى لإعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تواجه حكومته اتهامات بالاستفادة من هذه التجارة.
والكبتاغون هو الاسم التجاري لمادة منبهة جرى إنتاجها لأول مرة في ألمانيا خلال ستينات القرن الماضي للمساعدة في علاج اضطرابات نقص الانتباه والخدار، وهو خلل عصبي يؤثر في قدرة المخ على التحكم في دورات النوم واليقظة، وحالات مرضية أخرى.
وتوقف العمل به بعد ذلك، لكن استمر إنتاج صنف منه بشكل غير قانوني في شرق أوروبا ثم في المنطقة العربية لاحقا، وأصبح ذائع الصيت في الصراع السوري الذي نشب في أعقاب احتجاجات مناهضة للحكومة عام 2011.
ويُعرف هذا الصنف غير المشروع باسم "مخدر الجهاد" أو "كوكايين الفقراء"، ويُعتقد أنه مصنوع من مزيج من الفينيثايلين والكافيين ومواد أخرى. ويولّد الكبتاغون قدرة على مقاومة النوم والجوع.
وفي بداية عام 2014 كان يُعتقد أن سوريا هي أحد البلدان الرئيسية المنتجة للكبتاغون والمستهلكة له، وأن المقاتلين -بمن فيهم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) - يتعاطون الكبتاغون حتى لا يغلبهم النوم على خطوط المواجهة.
◙ الاتحاد الأوروبي فرض قبل نحو أسبوعين عقوبات على اثنين من أبناء عمومة الرئيس السوري بشار الأسد بتهمة تهريب الكبتاغون
وإثر هدوء الوضع على خطوط المواجهة في سوريا، مع استعادة الحكومة وحلفائها السيطرة على معظم أنحاء البلاد، أصبح إنتاج الكبتاغون وتصديره محل اهتمام.
وتقول مصادر من أجهزة المخابرات في المنطقة إن الكبتاغون لا يزال يُنتج في مصانع صغيرة على طول الحدود السورية - اللبنانية وكذلك في مصانع أكبر حجما بالقرب من الحدود السورية مع الأردن. وقالت مصادر أمنية إنه يجري إنتاج بعض الكميات في لبنان.
وألقت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي باللوم على الحكومة السورية في إنتاج الكبتاغون وتصديره، واتهمت ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري وشقيق الرئيس، بأنه أحد الأشخاص الرئيسيين المتورطين في هذه التجارة.
وفرض الاتحاد الأوروبي قبل نحو أسبوعين عقوبات على اثنين من أبناء عمومة الرئيس السوري بشار الأسد بتهمة تهريب الكبتاغون. والاثنين قُتل مهرّب مخدرات بارز مع زوجته وأطفالهما الستة جراء غارة جوية استهدفت منزلهم في جنوب سوريا، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أن الأردن نفّذ العملية، فيما لم تؤكد عمان أو تنف تنفيذ الضربة.
وتقول مصادر دبلوماسية إن هذه التجارة تجلب عدة مليارات من الدولارات سنويا. لكن من غير الواضح حجم مساهمة الكبتاغون في ملء خزائن الدولة، هذا إنْ كان فعلا يدرّ أموالا على الدولة.
وتحقق تجارة الكبتاغون معظم أرباحها في الأسواق الخليجية، حيث تنتشر الحفلات خاصة في السعودية والإمارات. وعادة ما تكون الشحنات التي يتم اعتراضها متجهة إلى هناك، بما في ذلك الشحنة التي أعلنت السلطات اللبنانية إحباط تهريبها من لبنان وتضمنت عشرة ملايين حبة من الكبتاغون.
وفي عام 2021 فرضت السعودية حظرا على استيراد جميع المنتجات اللبنانية بسبب تهريب المخدرات، وأصبحت القضية مصدر قلق شديد للدول العربية التي تسعى للتوصل إلى حل للحرب السورية.