كاريكاتير لامرأة بجسد عارٍ.. وسيلة للهجاء السياسي عربيا

رسام الكاريكاتير علي فرزات يثير جدلا إلكترونيا.
الجمعة 2022/03/25
بعد آخر للكاريكاتير العربي

قسم رسم كاريكاتيري أعاد نشره رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات، ظهر فيه جسد امراة عاريا كنوع من الهجاء السياسي، مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بين من اعتبر أنه تنميط لصورة المرأة في العمل السياسي وبين من اعتبر أنه لا تابوهات في الفن.

دمشق - أثار رسم كاريكاتيري أعاد نشره رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات عبر حسابه في فيسبوك نقاشات واسعة، حيث أظهر لقطة خلفية لجسد امرأة عارية، مع “إشارة مبطنة” إلى قيادية في “الائتلاف الوطني السوري” المعارض، بقوله “الائتلاف ما في شي بيرفع راسكم غير مؤخرة ربا”.

ويعدّ فرزات فنانا ذا شهرة عالمية اقترن رسمه للكاريكاتير منذ سنوات بمعارضة النظام السوري، وانتشر اسمه أكثر عندما كسر ضباط أصابعه التي يرسم بها عام 2011. وباعتبار مكانته هذه، يُتوقع من فرزات أن يعتمد أسلوبا مدروسا وحذر جدا في التعبير عن آرائه ومواقفه.

ويتعرض “الائتلاف الوطني السوري” (المعارض) منذ سنوات طويلة لانتقادات من قبل سوريين، لاعتبارات تتعلق بنشاطه السياسي “الضعيف للغاية” من جهة، والسلوك الذي يعتمده لتعيين أعضائه من جهة أخرى.

وعلى الرغم من أنه لم يذكر اسم المرأة التي تضمنها منشوره بشكل مباشر أولا، إلا أن إطار التعليقات التي تفاعل من خلالها مع متابعيه أظهرت أنه يقصد ربا حبوش، والتي تشغل منصب نائب رئيس “الائتلاف الوطني السوري”.

وسرعان ما أسفر ذلك عن غضب وجدل بين سوريين، أطلقوا حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان #متضامن_مع_ربا_حبوش، واستنكروا طريقة “الانتقاد السياسي” التي اتبعها فرزات. في المقابل اعتبر معلقون أنه لا تابوهات في الفن.

ووجهت الناشطة السورية ألما سلامة رسالة إلى فرزات، قالت فيها إنه “لا يمكن لفنّان خصوصا رسام الكاريكاتير أن يحيا دون إثارة الجدل ودون المشاغبة، وحقه محفوظ في إطار حريّة التعبير الفنّي مهما كسر من مقدسات. وإن أحد أهم أداور فنّ الكاريكاتير هو فتح الحوار الصعب من خلال آلية المبالغة، والعري والسخرية هما من أشكال التعبير عن تلك المبالغة، حيث يذهب إلى ما وراء الفكرة أي إلى ما يسمى ‘الدرجة الثانية من المعنى’، ويخلق لعبة حيرة بين المعنى وما خلفه فتثير تلك الحيرة السؤال الذي لا يجرؤ أحد على طرحه، وهو بذلك يساهم في تجسيد الأولويات ونقل الساحة إلى تشكيل رأي جماعي ويسّرع عملية التغيير الاجتماعي والسياسي”.

وعدّل فرزات التدوينة على حسابه على فيسبوك 25 مرة على فيسبوك. نشر بداية صورة واحدة وجملة تقول ما معناه إن “جسد ربا أكثر ما يمكن للائتلاف الافتخار به”.

ثم توالت التعديلات التي أجراها فرزات على ما نشر إلى أن استقر على تدوينة فيها ثلاث صور قال إنها من عام 2002 إحداها الصورة التي نشرها بداية. وكان فرزات في أحد التعديلات قد أضاف “سلامة” بعد اسم ربا ثم محاها واكتفى بحرف السين.

وقال فرزات في معرض سخريته في منشور آخر:

أثارت تدوينة فرزات وتمسكه بها غضبا اختلف التعبير عنه بين المتفاعلين، من اللوم إلى الهجوم الحادّ عليه.

وعلّقت ربا حبوش على منشور فرزات بقولها “شكرا أستاذ علي فرزات، هذا من حسن تحضرك واحترامك للمرأة”، ليرد الأخير “أنا لم أقصدك أنت. لماذا هذا التهجم. أنا قمت فقط بذكر الإيجابيات، وهذا مدعاة إعجاب واهتمام لي وفضلته على كل ما تم إنجازه من الائتلاف بصدق ولا يسيء لك ولا للمرأة، بل بالعكس”.

ويصر فرزات على أن ما قاله في التدوينة مدح وليس قدحا، وأنه لا يسيء للمرأة ويعتبر أن “إعجابه” بجزء من جسم المرأة، وجعله في مرتبة أعلى من أي إنجاز للفصيل السياسي الذي يهاجمه، أمر إيجابي لا يستحق الهجوم عليه بل “على العكس”. وقال فرزات في مقابلة لقناة “أوريون” السورية إن الهجوم عليه حملة من جيوش إلكترونية كما أنه “لا يرى أيا من أسباب الهجوم عليه منطقيا”.

ورأى عدد من الناشطين والعاملات في مجال حقوق المرأة أن الرسم “تحقيري” ويوجه “إساءة وإهانة” إلى المرأة ككل.

ونشرت منظمة “اللوبي النسوي السوري” بيانا، نددت فيه “بالإساءة إلى النساء العاملات في الشأن العام، وإلى النساء عموما، سواء لفظيا أو من خلال الفن عبر استخدام أجسادهن للإساءة والإهانة”. واعتبرت أن ما أقدم عليه الفنان فرزات هو “شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي”، مضيفة “أصبحت الإساءة إلى النساء تيمة يستخدمها بعض الأشخاص في الفضاء العام، وآخرهم فنان كاريكاتير سوري، باتت تلك الإساءات سمة في الكثير من أعماله، عبر استخدامه جسد المرأة كأداة للتحقير من خلال كلامه ورسومه”.

وتابعت المنظمة المهتمة بحقوق المرأة “نعبّر عن تضامننا مع السيدة ربا حبوش التي تعرضت للإساءة والعنف القائم على النوع الاجتماعي من قبل هذا الفنان”.

وقال معلقون إن “السوريات تضربن كل يوم جسديا أو معنويا، وخصوصا السياسيات والفاعلات منهن في الشأن العام.. وفي الوقت نفسه يمدح جمال مؤخراتهن”.

وقالت الإعلامية اللبنانية ليال الحداد:

وكتبت الباحثة والأكاديمية السورية ريم تركماني على فيسبوك:

Rim Turkmani

“ما يقوم به هو أحد أشكال العنف ضد المرأة التي تستهدف إبعادها عن الفضاء العام وتحقير دورها، وهو ليس مجرد هجوم شخصي، بل يستهدف أيضا كل سيدة تشتغل في الشأن العام”.

أما الصحافي السوري ملاذ الزعبي، فقد قال في تغريدة:

وفي أكتوبر 2021، احتلت سوريا المركز الثاني في ذيل “مؤشر السلام والأمن للمرأة” (WPS) الصادر عن معهد “جورجتاون للمرأة والسلام والأمن” ومركز “بريو للجندر والسلام والأمن” في الأمم المتحدة.

وقال إعلامي:

alaa43323497@

ما لفت نظري على صفحة الراقص والمهرّج الكاريكاتيري علي فرزات، أنّ أغلب منتقديه، بمن فيهم المجني عليها، يخاطبونه بصيغة التعظيم والأستاذ والعتب! حالتنا الانهزامية والحذر الاجتماعي في التعامل مع الشخصيات الفنية والأقلّوية، سلوك يحتاج وقفة ومراجعة!

في المقابل حصد فرزات عبر صفحته على فيسبوك سيلا من رسائل التضامن والدعم. وأغلبها يقوم على “القيمة الفنية” له. وكتبت معلقة:

ويجادل معلقون في سياق آخر،  بأن القضية الأساسية تتعلق بالتعامل السائد مع النساء في المجال العام عموما، وفي السياسة خصوصا، في ظل  تراكمات من التنميط للمرأة على أساس نوعها الاجتماعي. ومن الشائع مثلا أن يوصف الرجل السياسي “بالفاشل” أو “الفاسد” وغيرها من مرادفات الفشل في إنجاز المهمة المطلوبة. لكن يقال عن المرأة التي تفشل في أداء مهمتها السياسية كما يجب، “مكانك المطبخ” كما يكال لها من السباب ما يمس من “شرفها” (بالمفهوم الجنسي) أو ما يعيب على مظهرها الجسدي.

16