كاتب مغربي يلاحق الخيط الخفي للنسوية في عوالم فاطمة المرنيسي

الرباط- يعد كتاب “فاطمة المرنيسي، الخيط الخفي للنسوية” لمؤلفه أحمد فريد لمريني مقاربة تحليلية نفسية وغوصا في العالم الأكاديمي والميداني لأيقونة نسوية معروفة شكلت موضع إشادة دولية نظير انخراطها لفائدة حقوق المرأة.
وقال فريد لمريني، في تصريح صحافي بمناسبة حفل تقديم الكتاب بمبادرة من مؤسسة المدى – فيلا الفنون وذلك بمشاركة الكاتبة نزهة كسوس والأكاديمي المكي الزواوي، إن “لقائي مع فاطمة المرنيسي يعود إلى أكثر من 15 عاما، حيث جمعنا تعاون امتد لعشر سنوات”، موضحا أن مؤلفه يشكل وسيلة للتعرف بشكل أفضل على شخصية المرنيسي وتعقيد أعمالها. وأضاف أن أعمالها هي عبارة عن كشكول، مشيرا إلى أن كتابه يحاول الربط بين جميع أجزاء الأعمال والدراسات التي أجريت خلال حياة المرنيسي، ولاسيما تلك التي تمت مع نساجات تازناخت.

الكتاب تسهل قراءته ويقدم بسلاسة خيطا إرشاديا قويا للغاية يسمح بفك شفرة العمل المعقد لفاطمة المرنيسي
وفيما يتعلق بموضوع تعقيد أعمال المرنيسي، أشار لميريني إلى أن قضايا الحرية وتحرير الفرد والمرأة بشكل خاص، شكلت أساس فكر هذه المثقفة. وقال “من خلال هذا المؤلف، حاولت استقراء النسيج الاجتماعي من خلال نموذج النسيج لدى نساجات تازناخت“، مضيفا أنه بمثابة لقاء مع عالمة اجتماع كانت تولي اهتماما كبيرا للتحليل النفسي، للموضوع، وللاوعي وللفرد.
ومما ورد في مقدمة الكتاب أن ”النسيج، ورغم اختلافه عن التطريز في ممارسته ورمزيته، يعيد فاطمة المرنيسي بالذاكرة إلى طفولتها التي أمضتها في ‘رياض الحريم’ بين المطرزات، وهو ما تستحضره في كتابها ‘أحلام نساء‘ (Rêves de femmes)”.
فبين جدران “الرياض”، يصبح التطريز بالفعل تعبيرا عن تمرد، ووسيلة لتحطيم التقاليد من أجل الهروب من الحبس و”حدود” (حواجز) النظام الأبوي.
ولم تكتب فاطمة المرنيسي عن المرأة لأنها كانت امرأة، ولكنها اختارت أن تكتب في الشائك والمهجور والمسكوت عنه حقا، وهي التي نشأت في بيئة أرستقراطية محافظة بداية الأربعينات في فاس العريقة، لتواصل شبابها في الرباط.
وتحت وطأة الاحتلال الفرنسي، الذي حرم الرجال والنساء معا من حقوق كثيرة، ليس أقلها التعليم، تمكنت المرنيسي من تحصيل علومها في كنف الحركة الوطنية المغربية.
لكن فاطمة المرنيسي كانت قد اختارت مبكرا الذهاب إلى الآخر (الفرنسي) والتعلم منه وعنه في أرضه، قبل أن تغادر إلى الولايات المتحدة، وفي عملها تركت آثارا عميقة في ما سمّي بالتأطير الديني لمكانة المرأة ووظيفتها الاجتماعية، عبر البحث في النص الإسلامي، والتفكيك في النصوص الفقهية التي رسمت للمرأة العربية والمسلمة قوانين وجودها، وكانت أعمالها تعتمد المنهاج المعرفي، دون أن تهمل الاقتصاد والظروف المحيطة بتطور وتدهور النص التحريمي في ما يخص المرأة، فرأينا ورأى معنا القراء والقارئات من العرب “ما وراء الحجاب”، “الحريم السياسي”، و”نساء على أجنحة الحلم” وغيرها.
المرنيسي واحدة من بين التائقين إلى فكر ابن رشد، الذي تراه قد خرق حجاب عصره، وترجع إلى زمن النبي، مثبتة لقطة قيادة عائشة زوجته، للمجتمع في مرحلة ما، ومن بعدها شجر الدر، الملكة التي افتتحت عصر المماليك في مصر.
وبحسب نزهة كسوس، فإن مؤلف فؤاد لمريني يقدم جانبا من أعمال فاطمة المرنيسي، بعين رجل رافق امرأة من طينة المرنيسي، ولكن بعين محلل نفسي وابن طرازة قبل كل شيء.
تمكنت المرنيسي من تحصيل علومها في كنف الحركة الوطنية المغربية تحت وطأة الاحتلال الفرنسي، الذي حرم الرجال والنساء معا من حقوق كثيرة، ليس أقلها التعليم
وأكدت كسوس، في تصريح صحافي أن المرنيسي المعروفة دوليا بكتاباتها الأكاديمية، استثمرت مجال الفقه والتفسير القرآني من منظور سياقي، مع مراعاة تطور المجتمعات الإسلامية.
وأكدت أن الأعمال الأكاديمية للمرنيسي تشكل جزءا من التراث الأكاديمي الذي يسائل في عدد الدوغماتيات.
والمرنيسي من أشهر الكاتبات المغربيات المدافعات عن حقوق وقضايا المرأة والتي تناولتها من زاوية علم الاجتماع على الأخص. وقد أغنت المكتبة العربية والعالمية، إذ ترجمت أعمالها إلى عدة لغات، ما جعلها تشكل مرجعا أساسيا ونصيرا للحركة النسائية في المغرب وفي كافة أنحاء الوطن العربي. فقد وهبت نفسها لتوجيه سهام النقد إلى وضعية المرأة في العالم العربي الإسلامي، مركزة من خلال كتاباتها على العوامل الاجتماعية والثقافية، التي ساهمت في وصول المرأة العربية إلى هذا الوضع المتردّي.
من جهته، وصف الأكاديمي والناشط الثقافي المكي الزواوي مؤلف لميريني بـ”كتاب تسهل قراءته ويقدم خيطا إرشاديا قويا للغاية يسمح بفك شفرة العمل المعقد لفاطمة المرنيسي”.
وأشار إلى أن كتاب “فاطمة المرنيسي، الخيط الخفي للنسوية” يربط بين كشكول وأحجية كافة أعمال السيدة المرنيسي كعالمة اجتماع، وكاتبة وناشطة نسوية، وهي بالفعل مهمة صعبة.