كاتب سوري يتهم مواقع التواصل بإفشاء الفوضى في عالم الكتابة

غسان حورانية: على الأدباء اليوم أن يكونوا أبناء عصرهم.
الثلاثاء 2023/10/03
مواقع التواصل الاجتماعي أضرت بالأدب

يشير الكثير من الكتاب العرب اليوم إلى الفوضى العارمة التي أصابت الساحة الأدبية، وانتشار من يدعون أنهم كتاب وشعراء من دون منجز، علاوة على فقدان البوصلة التي تميّز بين الأدب الجيد والأقل جودة، وهذا ما أثر بشكل كبير في صناعة الكتاب ومستوى الأدب الذي يقدم للقراء. في ما يلي حوار مع الكاتب السوري غسان حورانية حول رؤيته لواقع الأدب في سوريا وعلى المستوى العربي.

محمد خالد الخضر

دمشق - يكتب الأديب السوري غسان حورانية القصة وأجناسا أدبية أخرى بانفعال وجداني صادق، ليعكس من خلال ما يكتبه هموم الإنسان وقضاياه ولاسيما في القصة القصيرة التي تعتبر من أكثر الأجناس قدرة على تصوير الواقع، وذلك بشكل فني يمتلك مكونات القص والأدب.

وفي حديث معه يقول حورانية إن “الثقافة هي الأرضية المشتملة على المعرفة والمعتقدات والأدب والفن، وكل الخبرات الحياتية، وهي صفة مكتسبة وقابلة للتطور بشكل مستمر، وأرى أن انفتاح المجتمع أو انعزاله يلعبان دوراً رئيساً في اكتساب المعرفة أو عدمها”.

احتراف الكتابة

غسان حورانية: الفوضى في عالم الأدب أفرزت مجموعة من الشبان المغرورين
غسان حورانية: الفوضى في عالم الأدب أفرزت مجموعة من الشبان المغرورين

ورأى الكاتب السوري أن اكتساب الثقافة يحتاج إلى تفرّغ واستقرار نفسي يؤمنهما الاستقرار المادي، وأن عدم الاستقرار هذا يؤثر حتى على المبدعين، فيضعف إنتاجهم، ويشمل تأثيره جميع شرائح المجتمع، فيحرمهم من القراءة والاطلاع والإبداع، وهذا ما نلحظه اليوم في مجتمعاتنا.

ويشدد أنه على الأدباء اليوم أن يكونوا أبناء عصرهم، وأن يوظفوا إمكانياتهم الفكرية لخدمة هذا الجيل، في محاولة كتابة نصوص تحاكي الواقع وتقترب من ضمائر الناس.

ويضيف حورانية أن “القصة القصيرة ليست قطعة من الأحداث اليومية، ولا هي حدث عادي يخلو من الفكرة والإثارة، بل يجب أن تحتوي القصة في مضمونها على لمعة أو بريق يخطف الأبصار، وأن يكتنفها الإبداع من كل جانب، وأن تنتهي نهاية مفاجئة”.

وفي ما يتعلق بتوقيت الكتابة يشير إلى أن الكاتب المحترف قادر على الكتابة في كل الأوقات، لكن المسألة تتعلق بتقديم الفكرة المناسبة، مبيناً أن أصعب ما في القصة وأهم شيء فيها هو الفكرة، وهي تفرض نفسها أحياناً بلا استئذان، فإن استطاع الكاتب أن يرتب أحداثها وتفاصيلها في مخيلته ترتيباً مناسباً تصبح كتابتها مسألة يسيرة.

وكتب عن الواقع السوري اليوم العديد من الأعمال الأدبية التي تناول كل منها الحدث من زاوية، لكن المشترك بينها حتى وإن تعارضت، هو الألم الذي كتبت به، ما يؤكد العلاقة الوثيقة التي تربط الواقع والأدب وتأثير ما يحصل على الأدباء وعلى كتاباتهم، وفي هذا الصدد يلفت حورانية إلى أنه اطلع في الفترة الأخيرة على عدة روايات تحاكي الحرب والأحداث في سوريا، يذكر منها مثلاً، رواية “لا تبكِ يا بلدي الحبيب” للروائي الكبير الدكتور حسن حميد، رواية “المشردون” للأديب منصور حاتم، و”أرض الحشر” و”موعد مع الشمس” للروائي محمد الطاهر.

ويتابع “هناك الكثير من الألم مازال يعتصر قلوب الأدباء السوريين، ويتراكم في مخزونهم الفكري لا بد أنه سيتحول في قادم الأيام إلى قصص وروايات عظيمة”.

ويرى الأديب حورانية أن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر على صفحاتها يعد سبباً كبيراً في تفشي الفوضى، كما أن وجود بعض المنظمات غير المرخصة أو الوهمية، التي تمنح شهادات عالية في الأدب له دور سلبي في تلك الفوضى، والتردي الفكري الملازم لها.

واقع فوضوي

انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر على صفحاتها سبب في تفشي الفوضى
انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر على صفحاتها سبب في تفشي الفوضى

يضيف “هذه الظواهر أفرزت لنا مجموعة من الشبان المغرورين المتعالين على ما يوجه إليهم من نقد بنّاء لخدمة الأدب، وقد سمعت بعضهم يعرض عن الاستماع إلى آراء كبار النقاد والأدباء، مبررين رفضهم بأن هؤلاء الأدباء قد أكل الدهر عليهم وشرب، وأنه يجب أن يكون للأدب جيل جديد وأفكار جديدة علينا أن نصغي إليها، لكن ذلك لا ينفي وجود أقلام جيدة يسير أصحابها بخطى وئيدة ثابتة في الطريق الصحيح”.

وعن دور النقد يقول حورانية “أعتقد أن للنقد دوراً أساسياً في رفع شأن الأدب، وأنا لا أريد أن أوجه جل الاتهام إلى النقاد وأتهمهم بالتقصير، يجب أن نعترف أن ارتفاع مستوى النقد يكون أحياناً مرتبطاً بارتفاع مستوى النص، وعندما تغيب النصوص الجيدة أو اللافتة للنظر التي تستحق الغوص في تفاصيلها يجد الناقد نفسه مضطرا أحيانا لتلبية رغبات بعض الكتاب الذين يستجدون المديح”.

ويوضح الأديب حورانية أن الإعلام يلعب دورا كبيرا في إعلاء شأن الحالة الثقافية، وعلى الرغم من البرامج الثقافية العديدة والمنوعة التي تعنى بالشأن الثقافي فهو يعتقد أنه مازال يقع على عاتق الإعلام مسؤولية البحث عن المبدعين الحقيقيين، وتسليط الضوء على نتاجهم الأدبي، والعمل على تكريم البارزين منهم، وهذا حق طبيعي لهم، وليس تفضلا عليهم، فالوطن يعرف بمبدعيه، وهذا يسهم في تحفيز الجيل الشاب على اقتناء أعمالهم، ويحفز الأدباء الجدد ذوي الخبرة القليلة على رفع وتيرة الإبداع لتحقيق مكانة متقدمة.

ويختم حورانية بدعوة الرقابة إلى الاكتفاء بالإشارة إلى الكلمات أو العبارات التي يجدون فيها إساءة لجهة ما، لحذفها أو تصحيحها، بدلاً من رفض النص برمته إن كانت فيه قيمة فكرية، لأننا عند رفضنا لنص يحمل بعض بذور النجاح، فإننا ربما نعيق بذلك تقدّم موهبة لو أتيحت لها الرعاية المناسبة لارتقت عالياً سلم النجاح.

يذكر أن الأديب غسان حورانية عضو اتحاد الكتاب العرب وأمين سر جمعية القصة والرواية وله عدد من المؤلفات في القصة وأدب الأطفال، منها “القناع القط” و”أكل عشائي” وغيرها وللأطفال “ويبقى الليمون”، ونشر في العديد من الصحف والدوريات المحلية والعربية.

13