كاتب سعودي يكرّس قلمه للأدب والدراما

عبدالعزيز الصقعبي: الجوائز وسيلة لترويج الأدب.
الخميس 2022/03/24
يهمني القارئ كثيرا

ليس من السهل أن يجمع كاتب بين التأليف للمسرح والقصة والرواية والمقالة، علاوة على العمل الصحافي ومتطلباته، وهو ما خاضه بنجاح الكاتب السعودي عبدالعزيز صالح الصقعبي، الذي أثرى المدونة الأدبية بالعديد من الإصدارات التي نالت اهتماما واسعا من النقاد والقراء. في ما يلي حوار مع الكاتب لاكتشاف أهم خفايا عوالمه.

قدم الكاتب عبدالعزيز صالح الصقعبي منجزا ثريا في حقول إبداعية شتى، فألف في المسرح والرواية والقصة القصيرة والمقالات الصحافية، إذ جمع بين مختلفها دون أن يكرس نفسه لأحدها على حساب الآخر بشكل يثير الاهتمام.

وبما أن مسيرته الإبداعية حافلة بالعطاء الأدبي في مجالات عدة، فإن نص الحوار الذي أجريناه معه يأتي كخطوة من الخطوات الساعية إلى تسليط الضوء على هذه المسيرة التي تستحق الإلمام والمتابعة.

الاهتمام بالقارئ

"طائف الأنس" رواية تصور واقع شاب انتقل من الطائف إلى الرياض بحثا عن فتاة تعلق بها بعد مغادرتها

لو رجعنا إلى إنجازات الصقعبي الأدبية، والإبداعية لقلنا إن الفضل في ظهور باكورتها، يرجع إلى نادي الطائف الأدبي الذي أصدر له مجموعته القصصية عام 1983، والتي تحمل عنوان “لا ليلك ليلي ولا أنت أنا”، تلك الذكرى لا يمكن أن تنسى في تاريخه، ما جعلنا نسأله عن موقع  إبداعاته آنذاك مقارنة مع ما هو سائد في المملكة العربية السعودية، وكيف لاقت إعجاب المتتبعين للشأن الأدبي؟

يقول الصقعبي “يحسب للأندية الأدبية في السعودية أنها ساهمت في المشهد الثقافي من خلال ما نشرته من كتب، وما قدمته من محاضرات وندوات، وكان لي حظ أن يصدر عملى الأول عن نادي الطائف الأدبي، وتكرر ذلك مع هذا النادي وأندية أخرى في المملكة، ومن حسن حظي أن المجموعة صدرت في الثمانينات الميلادية حيث كان للقصة نصيب الأسد بالمتابعة والقراءة والنقد”.

ويضيف “الجميل في تلك الفترة أن القصة القصيرة لها نصيب من الاهتمام في المشهد الثقافي المحلي والعربي، لذا فقد حظيت تلك المجموعة بدراسات وقراءات نقدية كثيرة، أمر آخر وهو أن هذه المجموعة تمثل مع عدد من المجموعات القصصية لكتاب سعوديين مرحلة جديدة في كتابة النص القصصي، وقد بدأ ذلك في أواخر السبعينات الميلادية لتخرج عن النسق التقليدي في كتابة القصة القصيرة، بدخول تيار الوعي والفلاش باك، وكسر قاعدة بداية وذروة ونهاية، بالطبع ذلك بسبب انفتاح جيلي على التجارب الحديثة في كتابة القصة”.

نتطرق مع الكاتب للحديث عن أهم المبدعين في عالم السرديات الذين تأثر بهم سواء داخل السعودية أو خارجها، وكيف كان ينظر إلى الحراك الروائي السعودي المعاصر، ليقول “كانت دراستي في مرحلة الباكالوريوس في قسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود، وكنت أتابع كثيرا من المجلات والصحف المحلية والعربية، وكانت أغلب المجلات الثقافية تصل إلى المملكة مما يجعلنا على تواصل قرائي مع كثير من المبدعين العرب ومن العالم أيضا”.

ليس من السهل الكتابة للدراما وحتى للمسرح فغالبا ما يكون الكاتب هو الحلقة الأضعف في العمل الدرامي

ويتابع “القائمة طويلة، ولكن هنالك من يترك أثرا في النسق القصصي مثل محمد زفزاف بالمغرب والطيب صالح في السودان ويوسف إدريس في مصر وزكريا تامر في سوريا وعبدالرحمن الربيعي في العراق، وبالطبع أمين صالح في البحرين، وعدد من رواد الأدب في السعودية، والقائمة كبيرة جدا لتتوسع القراءة، وبالذات في مجال الرواية، ونقف معجبين بعدد كبير من الأسماء الروائية، لا مجال لذكرها الآن، عالم السرديات واسع ورواده بالآلاف، في كل أصقاع الأرض، والنص الإبداعي ساحر يجعلنا نتنقل معه في عدة مواقع على سطح الكرة الأرضية”.

العمل الذي لاقى إقبالا كبيرا لدن المهتمين سواء من الصحافيين أو الأكاديميين بكتابات الصقعبي السردية هو روايته “طائف الأنس”، وهي تصور واقع شاب انتقل من الطائف إلى الرياض بحثا عن فتاة تعلق بها بعد مغادرتها الرياض. الرواية مليئة بما يمكن تصوره، وما لا يمكن تصوره.

يعلق الكاتب “جميل أن تقول إن رواية ‘طائف الأنس‘ لاقت إقبالا من المهتمين، ولكن ولله الحمد أغلب رواياتي وأعمالي القصصية حظيت بذلك الاهتمام، وبالذات في الدراسات الأكاديمية، حيث قُدمت دراسة دكتوراه عن أعمالي الروائية وأكثر من رسالة ماجستير عن أعمالي المسرحية والقصصية، بالطبع إضافة إلى تلك الدراسات التي تتناول الأدب في السعودية، حيث تكون أعمالي الإبداعية من ضمنها، والجميل أن أرى دراسة لمرحلة الماجستير قدمت عن روايتي ‘حالة كذب‘ في الجزائر، تلك الدراسات بكل تأكيد تضيف لي الكثير وأنا أقدرها وأسعد بها، ولكن مع احترامي لجميع هؤلاء أنا يهمني كثيرا القارئ”.

الكتابة والجوائز

إبداعات لاقت إعجاب المتتبعين
إبداعات لاقت إعجاب المتتبعين

 اهتمام الصقعبي بالمسرح علاوة على القصة والرواية يدل على أن الفضاء السردي في مساره الإبداعي رحب وواسع. فقد كتب في مونودراما، أي نص مسرحية يقوم بتمثيلها ممثل واحد وهو الذي يملك الحق في الكلام على خشبة المسرح، ويدخل في هذا السياق نصه “صفعة امرأة” وقام بالدور على خشبة المسرح الوحيد الراحل بكر الشدي، أما نصه “واحد صفر” فقام بالدور الوحيد ناصر القصبي. والمسرحيتان نالتا إعجاب الجمهور.

نسأل الكاتب عن شعوره وهو يشاهد الجمهور يتفاعل مع عروض مسرحياته المونودرامية، وإن كان راضيا بالدور الذي قام به بكر الشدي وناصر القصبي، ليجيبنا “مسرحية ‘صفعة في المرآة‘ نفذت أكثر من مرة بالمغرب والجزائر، ولكن للأسف لم أحضر تلك العروض، الجميل في العرض المسرحي هو أن يشاهد الكاتب قراءة المخرج لعمله، فأحيانا يخرجها بصورة ليست مشابهة تماما لما كتبه المؤلف بل يقدم النص برؤية جديدة، وله الحق في ذلك إذا لم يشوه أو يلغي النص المسرحي”.

ويضيف “الأمر الآخر هو ملاحظة ردود فعل الجمهور وهو يشاهد العرض، أمر لا يشعر به الكاتب عند نشره لنص إبداعي، فمشاعر القارئ لن تصل إلى الكاتب كما العرض المسرحي، والتي لا يمكن وصفها بسهولة، ولكن بصورة عامة الخلود للنص المكتوب، أما العرض، فينتهي بانتهاء العرض، ولن يخلد إلا إذا تم حفظه صوتا وصورة، وللأسف الأعمال التي ذكرتها في سؤالك غير موثّقة”.

حينما يتم ترشيح كتاب ما لقائمة طويلة في إحدى الجوائز الأدبية سيسعى الكثير من القراء والمهتمين إلى قراءة العمل

 ما سبق يدعونا إلى الحديث عن علاقة الأدب بالفن، وهنا تجدر الإشارة إلى أن لدى الصقعبي تجربة في كتابة السيناريو أيضا، ويتحدث عنها قائلا “كتابة السيناريو ليست بالأمر السهل، هي حرفة أكثر من كونها إبداعا، كانت لدي تجربة في كتابة سيناريو سهرة تلفزيونية، في أوائل التسعينات الميلادية، ثم كتبت إحدى حلقات المسلسل الشهير ‘طاش ما طاش‘، ولم أواصل الكتابة لعدة أسباب، أولا عدم وجود المحفز للاستمرار، ولكون الكاتب هو الحلقة الأضعف في العمل الدرامي، وأيضا الأمر يحتاج إلى التفرغ والعلاقات الجيدة، وهذا لم يكن متوفرا لدي في وقت سابق”.

نصوصه الدرامية، وإبداعاته الأدبية المتنوعة، هيأت له طريق الحصول على العديد من الجوائز، فقد نال جائزة معرض الكتاب الدولي في الرياض، ولكن هل أن التتويجات بالجوائز تسهم في تشجيع إنتاجاته الأدبية، وهل تكفي لرسم مستقبل الأدب العربي المعاصر، ليجيبنا “بكل تأكيد الجوائز وسيلة لترويج المنتج الأدبي، فحينما يتم ترشيح كتاب لقائمة طويلة في إحدى الجوائز، سيسعى كثير من القراء والمهتمين بقراءة العمل، وهنا حقق كثير من الروائيين حضورا على مستوى الوطن العربي حين وردت أسماؤهم في القائمة الطويلة للبوكر أو زايد، فما بالك لو حصلت الرواية على جائزة عربية أو عالمية”.

ويضيف “هنالك مثال مهم على ما أسلفت وهو حصول الروائية العمانية جوخة الحارثي على جائزة المان بوكر العالمية عن روايتها ‘سيدات القمر’ الصادرة عن دار الآداب منذ سنوات، إذا الجائزة مهمة للمبدع، تغطي مشكلة الانتشار، والتي يعاني منها الأدب العربي، لأن هنالك عددا كبيرا من الروائيين العالميين حققوا انتشارا بترجمة كتبهم وتوزيعها، دون حصولهم على جوائز، بالمقابل لا يوجد للأسف روائي عربي حقق مثل ذلك الحضور”.

تعريف الكاتب

* ولد الروائي والمسرحي السعودي عبدالعزيز صالح الصقعبي بالطائف سنة 1958، وحصل على ماجستير مكتبات ومعلومات بالولايات المتحدة الأميركية، كما نال شهادة بكالوريوس لغة عربية من كلية الآداب جامعة الملك سعود.

* عمل مديرا عاما للإيداع والتسجيل، ومشرفا على العلاقات والشؤون الثقافية في مكتبة الملك فهد الوطنية قبل أن يحال على التقاعد. وكلف برئاسة تحرير أخبار المكتبة، وعمل أيضا محررا ثقافيا في جريدة الرياض، وحاليا يكتب زاوية أسبوعية في جريدة الجزيرة، كما يعمل مدير تحرير المجلة العربية.

* اهتمامه بقضايا العمل الإبداعي الأدبي جعله ينخرط كعضو داخل “نادي الطائف الأدبي”… وهذا جعله يمثِّل المملكة العربية السعودية في عدد من الملتقيات، والمؤتمرات الثقافية، ويشارك في عدد من اللقاءات والأمسيات القصصية.

* قدمت عن أعمال الصقعبي العديد من الدراسات النقدية والبحوث الأكاديمية، ومن أبرز إصداراته مجموعة قصصية بعنوان “لا ليلك ليلي ولا أنت أنا” ومسرحية موندرامية بعنوان “صفعة في المرآة” وثلاث روايات هي “رائحة الفحم” و”حالة كذب” و”طائف الأنس” وغيرها.

* من أعماله المسرحية المنفذة نجد مسرحية “صفعة في المرآة” (مونودراما) وعرضت ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي بالجزائر وضمن مهرجان المسرح بالمغرب، كما أعد وأخرج مسرحية “اللعبة” عن مسرحية سعدالله ونوس “المقهى الزجاجي”، في الجمعية العربية للثقافة والفنون، فرع الطائف، ومسرحية “مولوتوف”، مونودراما النادي الأدبي بالرياض سنة 2017.

* نال الصقعبي جائزة وزارة الثقافة والإعلام سنة 2017، عن مجموعته “القرية تخلع عباءتها مسرحيات”.

 

14