كابينيت الحرب الإسرائيلي يغرق في الخلافات

غزة - تفاقمت الخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي حول أولويات المرحلة في غزة، وذلك بعد مرور مئة يوم على الحرب على القطاع، والتي لم تسفر عن تحقيق أي من الأهداف الإسرائيلية المعلنة، سواء في علاقة باستعادة الأسرى، أو القضاء على حركة حماس.
وبدأت تظهر أصوات من داخل كابينيت الحرب تطالب صراحة بوقف الحرب على القطاع الفلسطيني، والتركيز على قضية الأسرى المحتجزين، في توجه قد يتسع نطاق المؤيدين له لاسيما مع تنامي المخاوف من إمكانية تفجر الوضع في الضفة الغربية، فضلا عن التكلفة البشرية والمادية للعملية الجارية.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية الاثنين عن مقتل شخص وإصابة 18 إسرائيليا على الأقل في ما يشتبه بأنه هجوم عن طريق عملية دهس قادها شخص من جنوب الضفة الغربية في مدينة رعنانا وسط البلاد.
وقال الوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي غادي آيزنكوت، إن على تل أبيب التوقف عن الكذب على نفسها، وإبرام صفقة تعيد الأسرى المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، بدلا من استمرار الحرب على قطاع غزة.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن آيزنكوت قوله خلال اجتماع للمجلس الوزاري الحربي، “علينا التوقف عن الكذب على أنفسنا، وأن نتحلّى بالشجاعة ونتوجه إلى صفقة كبيرة تعيد المختطفين إلى وطنهم”.
وأضاف “وقتهم (الأسرى) ينفد، وكل يوم يمر يعرّض حياتهم للخطر، فلا فائدة من الاستمرار على النمط نفسه الذي يسيرون (السلطات) به مثل العميان، بينما المختطفون هناك، هذا وقت حرج لاتخاذ قرارات شجاعة”.
وذكرت الصحيفة أنه في حين يؤيد آيزنكوت والوزير بمجلس الحرب بيني غانتس التوصل إلى صفقة تعيد الأسرى الإسرائيليين ولو على حساب عدم استمرار الحرب، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، يعارضان ذلك. وقالت الصحيفة العبرية “يعتقد غانتس وآيزنكوت أنه على إسرائيل أن تفكر خارج الصندوق، وتعطي الأولوية لعودة المختطفين حتى مقابل وقف الحرب وعندها فقط استكمال هدف الحرب الثاني؛ تدمير حماس”.
وأضافت “لكن من ناحية أخرى، يعتقد نتنياهو وغالانت ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، أن الضغط العسكري وحده هو الذي سيؤدي إلى اتفاق، وأنه لا ينبغي الاتفاق على وقف الأعمال العدائية”.
يأتي ذلك فيما يتصاعد الضغط داخل إسرائيل لإعادة الأسرى، حيث تظاهر عشرات الآلاف في تل أبيب، السبت والأحد، للمطالبة بالإفراج عن أسراهم بقطاع غزة.
وكان أبوعبيدة، المتحدث باسم كتائب عزالدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس، قال مساء الأحد، إن مصير العديد من الأسرى في غزة “بات مجهولا خلال الأسابيع الأخيرة”، مرجحا مقتل عدد منهم مؤخرا.
وأضاف أبوعبيدة أن أي حديث عن أي من الملفات لن يكون ذا قيمة في حال لم يرتبط بوقف الحرب، ما يعني أن حماس ليست في وارد القبول بأي صفقات لا تتضمن هذا الشرط.
واعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل أن ثمن إطلاق الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية هو اعتراف حكومة تل أبيب بالفشل في حربها على قطاع غزة.
قال هارئيل “خلافا لما قد يتصوره المرء من بعض التقارير الإعلامية، لا يوجد حتى الآن أي اقتراح ملموس على الطاولة لعقد صفقة أخرى لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حماس”.
وأضاف “حتى الآن هناك مجرد أفكار طرحها الوسطاء القطريون والمصريون بدعم أميركي”، معتبرا أن “مطالب حماس في الجولة الحالية من المحادثات عالية جدا”. وتابع “هذا ليس فقط لأنها تطالب بصيغة (الكل مقابل الكل)، أي إطلاق سراح جميع الرهائن مقابل جميع السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل، فحماس تسعى أيضا إلى الحصول على شيئين آخرين مترابطين: وقف طويل الأمد لإطلاق النار، والالتزام بعدم تعرض قادتها للأذى”. لكنه استدرك قائلا إن موافقة إسرائيل على مثل هذه الصفقة “ستعني نهاية الحرب بشكلها الحالي”، وهذا ما لا يريده نتنياهو.
ولا تقتصر الخلافات داخل كابينيت الحرب الإسرائيلي على أولويات الحرب في غزة، بل تمتد أيضا إلى مسائل تتعلق بكيفية تقسيم الموازنة العامة وأخرى تتعلق بالضفة الغربية والتعامل معها والسماح بدخول عمال فلسطينيين للعمل داخل الخط الأخضر، وقضايا خلافية أخرى.
وكتب الصحافي والمعلّق في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنيع، الاثنين، أن “الملايين من الإسرائيليين استقبلوا المئة من حرب غزة بحالة من الاكتئاب المزمن. والحقيقة أن الوضع محبط. لسوء الحظ، ليست لدي أي أخبار سارة بشأن الوضع”.
لا تقتصر الخلافات داخل كابينيت الحرب الإسرائيلي على أولويات الحرب في غزة، بل تمتد أيضا إلى مسائل تتعلق بكيفية تقسيم الموازنة العامة
وتابع “تُظهر المئة يوم الماضية مدى الصعوبة، فالأهداف لم تتحقق، كما أن معظم المختطفين لم يعودوا إلى ديارهم. وعشية مرور 100 يوم، ظهر رئيس الوزراء ورئيس الأركان هرتسي هليفي أمام الكاميرات، ووعد رئيس الوزراء بأنه هو الرجل الذي سيمنع أن يكون يوم 7 أكتوبر آخر (أي تكرار عمليات من قبيل طوفان الأقصى). ربما أكون مخطئا، لكن الأمر وقع على سمعي كأنّ طالب قيادة سيارة دهس أحد المشاة خلال الاختبار العملي، ومع هذا يقول للمُمتحن بثقة لقد اجتزت الاختبار بنجاح. أنا الوحيد الذي يتمتع بالخبرة”، في إشارة إلى إخفاق نتنياهو.
ولفت الكاتب إلى أن “نطاق الخسائر البشرية والإخفاق والأضرار، والتعهد باستمرار، هي أمور تفرض سؤالا جديا عما إذا كان يجب استمرار الأشخاص أنفسهم الذين حصلت أحداث 7 أكتوبر خلال ورديتهم في مناصبهم؟ السؤال ليس نابعا من الغضب على الإخفاقات، ولكن خشية أنهم غير قادرين على اتخاذ قرارات صحيحة، فيما تشير المئة يوم التي مرّت إلى صعوبات، فالأهداف لم تتحقق وكذلك فإن معظم المختطفين لم يعودوا إلى بيوتهم”.
وأشار برنيع إلى أن رئيس الحكومة ووزير الأمن يوآف غالانت، “رغم أنهما المسؤولان الكبيران في كابينيت الحرب، إلا أنهما لا يتحدثان معا، ويمكن عد المرات التي تحدثا فيها معا وجها لوجه على أصابع يد واحدة، ولم تكن أي من هذه الأحاديث بشأن الحرب. ويحاول نتنياهو منذ اليوم الأول بذل كل جهد ممكن لإظهار غالانت كشخص تدور الحرب من دونه”، مضيفا أن “هناك ثمنا للخلافات، الجيش هو مؤسسة هرمية ويجد صعوبات في إدارة حرب تحت قيادة سياسيين عدوين”.
وحسب الكاتب الإسرائيلي، فإن الوضع “أسوأ بكثير” في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) مما هو عليه في مجلس الحرب، رغم أنه بحسب القانون يتوجب عليه اتخاذ القرارات المهمة.