قيود الاستيراد تبعث الحياة في معامل الخياطة الأردنية

زيادة عدد الوظائف في قطاع الخياطة بنسبة تقدر بحوالي 20 بالمئة.
الجمعة 2019/10/25
زخم جديد لمعامل الخياطة

ظهرت آثار بعض الإصلاحات الاقتصادية الأردنية على قطاع الخياطة الذي حقق قفزة كبيرة نتيجة فرض قيود على واردات الأزياء المدرسية، حيث تسعى الحكومة لحماية المنتجات المحلية بعد سنوات من إغراق السوق بالمنتجات التركية والآسيوية الرخيصة.

عمان - أعطى إنتاج الأزياء المدرسية  زخما جديدا لمعامل الخياطة الأردنية منذ انطلاق الموسم الدراسي، بعد قيام الحكومة بفرض قيود على الواردات في إطار حزمة واسعة من الإصلاحات.

ويقول خبراء إن الخطوة تعد اختبارا للحكومة لإعادة توطين صناعات ما كان لها أن تغادر بالأصل، وربما يتوسع الأمر لاحقا ليشمل مدارس القطاع العام.

وكان نشاط القطاع قد دخل في فترة تراجع في السنوات الماضية بسبب فتح الأبواب لواردات الملابس التركية والآسيوية إضافة إلى فقدان بعض أسواق الدول المجاورة مثل العراق.

وكشفت الحكومة في يناير الماضي عن خارطة طريق لتطوير القطاع بالتعاون مع برنامج دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التابع للبنك الأوروبي لمعالجة الأزمات الاقتصادية.

وساهم قرار حكومي يمنع استيراد الأزياء الموحدة لطلبة المدارس الخاصة هذا العام في دعم الكثير من الشركات، التي سارعت إلى إعادة تشغيل بعض خطوط الإنتاج المتوقفة منذ فترة. وأدى إيقاف العمل باتفاق التجارة الحرة مع تركيا وفرض الرسوم على المنتجات التركية لتعزيز أرباح الشركات المحلية لتلبية الطلب المحلي.

وتطالب شركات القطاع بتعزيز نمو نشاطها بتوسيع القرار الذي اتخذته وزارة التربية والتعليم في فبراير الماضي بإلزام المدارس الخاصة بشراء الأزياء الموحدة للطلبة من الصناعة المحلية، ليشمل المدارس الحكومية.

وتشير البيانات الحكومية إلى أن نحو مئة مصنع ومشغل في قطاع الخياطة أصبحت توفر قرابة 4 آلاف فرصة عمل بعد زيادة التوظيف بنسبة 20 بالمئة خلال العام الحالي، في وقت تخطط الكثير منها لتوسيع نشاطها وزيادة استثماراتها.

وتشير الإحصاءات الرسمية لوزارة التربية إلى وجود ما يقارب الـ450 ألف طالب وطالبة يتلقون تعليمهم في المدارس الخاصة.

1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الأقمشة والملابس سنويا معظمها تذهب لأميركا

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى عضو قطاع الصناعات الجلدية والمنسوجات في غرفة صناعة الأردن إيهاب قادري قوله إن “قرار إلزام المدارس الخاصة بشراء الزي الموحد المنتج محليا وعدم استيراده انعكس إيجابا على نشاط الشركات”.

وأكد أن القرار الذي جاء وسط صعوبات يمر بها القطاع، سوف يسهم في انتعاش الصناعات التكميلية للزي المدرسي ومشاغل الخياطة وتجار الأقمشة المحليين وزيادة حجم الصادرات والتوسع في الاستثمارات القائمة.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية القصوى السنوية لمصانع الأزياء المدرسية في البلاد نحو 11 مليون قطعة بينما يبلغ متوسط الإنتاج السنوي الفعلي لتلك المصانع ما يقارب الـ4 ملايين قطعة.

وتقدر احتياجات المدارس الخاصة من الأزياء الموحدة بنحو 3 ملايين قطعة وتزيد بحسب الحاجة والاستعمال، الأمر الذي يمكن أن يفتح أبواب التصدير وخاصة إلى دول الجوار.

وأوضح قادري أن 15 مصنعا لديه خطوط إنتاج لإنتاج كامل قطع الأزياء المدرسية، التي تحتاجها المدارس الخاصة والتي تتراوح بين 7 و11 قطعة ما بين الزي الصيفي والشتوي، فضلا عن ملابس الرياضة.

ولفت إلى أن نحو 85 مشغلا تصنع بعض القطع وتشكل في مجموعها مصانع تكاملية تستطيع تصنيع الزي المدرسي كاملا وتستفيد من القرار.

ومع ذلك، تبقى مسألة رواتب العمال في القطاع من القضايا الأساسية، التي لم تحل بشكل جذري خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها معظم سكان البلاد.

ولطالما أكدت هيئة الاستثمار الأردنية أهمية قطاع الأقمشة والخياطة كونه يساهم بنحو 25 بالمئة من الصادرات، إذ تبلغ قيمته السنوية نحو 1.8 مليار دولار غالبيتها يذهب إلى السوق الأميركية.

ويقول أمين عام هيئة فريدون حرتوقة، إن أهمية القطاع تكمن في توظيف العاملين، إذ يوفر حاليا ما يزيد على 70 ألف عامل 75 بالمئة منهم من الإناث فيما يشكل عدد الأردنيين نحو 25 بالمئة من عدد العاملين الإجمالي.

وتشير البيانات الرسمية إلى أنه منذ بداية العام الحالي تم إنشاء 16 فرعا إنتاجيا لمصانع الألبسة في مختلف المدن والتجمعات القروية بالتنسيق بين وزارة العمل، ما أسهم في توفير 7 آلاف فرصة عمل إضافية غالبيتها للنساء.

Thumbnail

وهناك اهتمام من المؤسسات المالية الدولية بتطوير قدرات صناعة الملابس في الأردن، لدورها في توفير فرص العمل بين المواطنين وإمكانية استيعاب عدد من اللاجئين سيتم تأهيلهم على مراحل، وكذلك لزيادة الصادرات.

وكانت المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الأوروبي هايكه هارمجرت قد أكدت خلال مؤتمر احتضنته عمّان مطلع هذا العام مواصلة تقديم الدعم لقطاع الخياطة الأردني حتى يبلغ درجة أكبر من التنافسية في الأسواق الخارجية.

وقالت حينها “نحن نؤمن بالخبرات المتراكمة والاستثمارات في القطاع، وبامتلاك الشركات الصغيرة والكبيرة القدرة على التواصل مع سلاسل التزويد في العالم”.

وفي السابق، استفادت الجمعية الأردنية لمصدري الألبسة من مشروع “تاكسماد كلاسترز” الممول من الاتحاد الأوروبي لدعم القطاع من خلال توفير تشاركية بين مصانع النسيج والملابس في حوض المتوسط.

ويمارس صندوق النقد الدولي ضغوطا على الأردن للإسراع في تنفيذ برنامج الإصلاح المتفق عليه رغم إشادته بالخطوات التي قطعها الأردن لمعالجة الأمور.

في المقابل، يستمر الأداء السلبي في مؤشرات أخرى نتيجة لارتفاع المديونية وخدمة الدين ترافقا مع استمرار زيادة البطالة إلى مستويات قياسية بلغت 19.2 بالمئة بنهاية النصف الأول من العام الجاري.

ومن الأرقام السلبية، ارتفاع نسبة الفقر إلى ما يزيد عن 15 بالمئة، في وقت لم تعلن الحكومة بعد عن مستوياته الأخيرة، وذلك كله في ظل ثبات مستوى المداخيل أو تآكلها.

11