قيس سعيّد ينتقد دعوة المرزوقي لفرنسا إلى التدخل في تونس

تونس - أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد السبت عن قرب تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد نحو أسبوع على المشاورات التي تقودها الأكاديمية نجلاء بودن، محذرا من وجود أطراف داخلية تعمل ضد الدولة في الخارج من أجل مصالحها الذاتية، وتطلب من دول أجنبية التدخل في تونس.
وقال سعيّد خلال لقائه وزير الداخلية رضا غرسلاوي، إنه سيتم الإعلان عن الحكومة خلال الساعات القادمة، كما ستتم "إحالة البعض على القضاء قريبا"، داعيا القضاء إلى لعب دوره كاملا في هذه المرحلة التاريخية التي تعيشها تونس، والحرص على إنفاذ القانون في البلاد.
وعلى ما يبدو، يشير الرئيس سعيّد في حديثه إلى الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي، الذي توجه بطلب إلى فرنسا من أجل التوقف عن مساعدة تونس والتدخل لاتخاذ ما يلزم من إجراءات ضد الرئيس بعد القرارات الاستثنائية التي اتخذها.
وانتقد الرئيس سعيّد توجيه أطراف وشخصيات سياسية "لفظها الشعب"، طلبا إلى دول أجنبية من أجل التدخل في تونس، إضافة إلى تآمرهم على الدولة في الخارج من أجل تصفية حسابات شخصية معه، وإفشال القمّة الفرنكفونية المرتقب تنظيمها الشهر القادم.
وقال الرئيس سعيّد "صباح اليوم (السبت) أحدهم طلب من الدول الأجنبية وقوى داخلية أن تتدخل".
وأضاف "نتعامل مع الدول، لكن نريدها أن تحترمنا، نتعامل مع المؤسسات الدولية، لكن نريدها أن تحترمنا وتحترم إرادة شعبنا والدولة ذات السيادة".
وكان المرزوقي قال في كلمة ألقاها خلال وقفة احتجاجية لعدد من معارضي الرئيس سعيّد في باريس السبت، إن "فرنسا مطالبة بحكم علاقتها بالشعب التونسي بالتدخل ضد ما تم اتخاذه من إجراءات"، في إشارة إلى قرارات الرئيس في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.
وكان سعيّد قرر آنذاك تجميد أعمال البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.
وأثارت تصريحات المرزوقي انتقادات واسعة في تونس، حيث اعتبرها سامي الطاهري الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل في تدوينة نشرها على فيسبوك "تحريضا على تونس ودعوات سافرة لتحريك النزعة الاستعمارية الفرنسية ضد البلاد"، مؤكدا أن ذلك يعتبر جريمة "خيانة عظمى"، داعيا إلى تطبيق القانون عليه ومحاكمته سريعا.
وعلّق محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس، على تصريحات المرزوقي في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك، تحدث فيها عن الخطوط الحمر التي لا يجب تجاوزها، وركز على العنف بين التونسيين وعلى الدعوة إلى التدخل في الشأن الداخلي، قائلا "نفعل ما نريد في السياسة التونسية إلا اثنين من محاذير كبائر حرام وخطوط حمر مرسومين بالنار، أولا: العنف بكل أشكاله بيننا لا وألف لا، ثانيا: دعوة الأجنبي إلى التدخل الاستعماري في بلادنا لا ومليون لا".
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه المرزوقي وهو يوجه انتقادات لسعيّد، مستنكرين ما قاله، ومشددين على استقلالية القرار السياسي التونسي.
وندد حزب التحالف من أجل تونس الأحد بتصريحات المرزوقي التي وصفها بـ"الخطيرة" واعتبر أنها "تشكل تحريضا على التونسيين وعلى الوطن، ودعوة دولة أجنبية إلى معاداة تونس، وترتقي إلى جريمة الخيانة العظمى التي تستوجب المحاسبة".
ودعا التحالف في بيان نشره على فيسبوك "رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى تحمّل مسؤوليته في اتخاذ كل الإجراءات القانونية العاجلة، ومنها سحب كل الامتيازات التي يتمتّع بها كرئيس سابق"، كما دعا "النيابة العامة إلى التحرك لمساءلة ومحاسبة كل من يجاهر تصريحا أو تلميحا بدعوة الأجنبي إلى التدخل في الشأن التونسي أو تهديد مصالح التونسيين والدولة التونسية وعلاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء".
وانتقد النائب بالبرلمان المجمد محمد عمّار تصريح المرزوقي عبر صفحته على فيسبوك، قائلا "رئيس تونسي سابق الآن في باريس يطلب من فرنسا التدخل في شأٔن تونس حتى يعيد الخونة وباعة العرض والوطن بأبخس الأثمان"، واصفا ما قام به المرزوقي بـ"القصة المريرة".
كما ندد محمد شلبي، أستاذ الإعلام التونسي، بتصريحات المرزوقي، قائلا "لم أجد ما يقال عن هذا الشيء غير أنه يبعث على القيء". وتابع "أولئك الذين يحترمون ذواتهم لا يجرؤون على تحريض الأجنبي على بلادهم حتى لو اتصل الأمر بانقلاب، وحتى لو كان المنقلب ألد أعدائهم وحتى لو استعان المنقلب بالأجنبي".
وأدان المكتب التنفيذي لنقابة السلك الدبلوماسي التونسي بشدة تصريحات المرزوقي، ووصف هذه الأفعال والتصريحات بـ"اللا وطنية الصادرة عن مسؤول سام سابق، تقلد مهام لها علاقة بالسياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي للبلاد".
إلى ذلك، جدّد سعيّد تأكيده على احترام الحقوق والحريات وعلى تطبيق القانون، مشيرا إلى أنه سيعلن عن المواعيد القادمة للحوار الوطني، الذي قال إنه سيكون مع الشعب وممثلي الشباب في الجهات، مؤكدا أن "مرحلة خدمة اللوبيات والمصالح الشخصية انتهت وبدأت مرحلة جديدة في تونس لتلبية إرادة ومطالب الشعب".
واطلع الرئيس سعيّد السبت على سير مشاورات تشكيل الحكومة خلال استقباله رئيسة الوزراء المكلفة نجلاء بودن بقصر الرئاسة بقرطاج.
ويترقب التونسيون الإعلان عن الحكومة الجديدة التي يعولون عليها كثيرا لانتشال البلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ولتحسين مؤشرات التنمية والخدمات العامة بالبلاد.