قيس سعيّد يدعو إلى تطبيق القانون على كل من يقطع الطرق

الاحتجاجات اتخذت طابع الاحتراب الاجتماعي، بنزع كل منطقة إلى تطويق مصادر الإنتاج وحرمان غيرها من المناطق مما فاقم ظاهرة الاحتكار والمضاربة بالأسعار.
الخميس 2020/11/26
من هنا بدأت القصة

تونس - دعا الرئيس التونسي قيس سعيد الأربعاء رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى تطبيق القانون على كل من يقوم بقطع الطرق أمام وصول المواد الغذائية والمحروقات إلى المواطنين.

جاء ذلك خلال اجتماع سعيد بالمشيشي في قصر قرطاج بالعاصمة تونس تناول "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل التحركات الاحتجاجية في عدد من الجهات (المحافظات)" وفق بيان للرئاسة التونسية.

وأكد سعيد، وفق البيان، "الحرص على توفير المواد الضرورية للتونسيين والتونسيات في مختلف مناطق الجمهورية".

ودعا إلى "تطبيق القانون على كل من يسعى لقطع الطرقات والحيلولة دون وصول المواد الغذائية والأساسية إلى المواطنين".

وتنص المادة 32 من القانون الجنائي التونسي على معاقبة الشخص الذي "اعتاد إعداد محل لسكنى أو لاختفاء أو لاجتماع متعاطي جرائم قطع الطريق أو الاعتداء على أمن الدولة أو الأمن العام أو على الأشخاص أو الأملاك مع علمه بأعمالهم الإجرامية".

وشدّد سعيّد على "ضرورة تكاتف الجهود من أجل تجاوز الصعوبات المالية التي تمر بها البلاد، بعيدا عن الانقسامات"، داعيا إلى "وضع مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل الاعتبارات".

وشهدت تونس موجة من الاحتجاجات هذه الأيام في عدد من المحافظات للمطالبة بالتشغيل والتنمية وغيرهما من المطالب، بعد توصل معتصمي الكامور بمحافظة تطاوين (جنوب غرب البلاد) في أعقاب أشهر من تعطيلهم إنتاج النفط في الصحراء، إلى اتفاق مع الحكومة التي تعهّدت في السابع من نوفمبر بتوفير فرص عمل وأرصدة مالية لتمويل مشاريع في هذه الولاية.

وقال المشيشي بعد مرور يومين على الاتفاق إن "النهج الذي تم اعتماده في تطاوين والقائم على الحوار سيعمم على كافة الولايات (المحافظات)، خاصة منها المتأخرة في سلم التنمية".

وشكّل اتفاق الكامور حافزا للعديد من شباب المناطق المهمشة، لينسجوا على منوالهم ويخرجوا في تظاهرات احتجاجية انطلقت في محافظة القصرين (وسط غرب) منذ تسعة أيام حيث اعتصم العشرات أمام حقل الدولاب النفطي، وتمكنوا بالضغوط التي مارسوها من وقف الإنتاج في الحقل، وفق ما أفاد والي القصرين عادل المبروك.

وتوسعت إثر ذلك رقعة الاحتجاجات الاجتماعية والإضرابات لتشمل محافظة قابس (جنوب شرق البلاد)، حيث اعتصم المئات من المتظاهرين منذ أيام أمام المنطقة الصناعية مما تسبب في وقف إنتاج قوارير الغاز وتزويد مناطق الجنوب بها والمتمثلة في محافظات صفاقس (أكثر من مليون نسمة) وقابس (800 ألف نسمة) وقفصة (500 ألف نسمة).

وتسبب الاعتصام في أزمة كبرى لأهالي الجنوب لاسيما مع تزامنه مع ارتفاع موجة البرد في البلاد.

 وفي ظل غياب قوارير الغاز، استعان الأهالي بالحطب لطهي الطعام، ما اعتبره العديد من المتابعين مشهدا مخجلا ولا يليق بصورة مجتمع على مشارف سنة 2021.   

وبعد ساعات من إعلان رئيس الحكومة هشام المشيشي عن قرارات لفائدة محافظة قفصة (جنوب غربي) خرج شباب للاحتجاج في هذه المحافظة التي يتعطل فيها إنتاج الفوسفات أصلا، قبل أن تنضم محافظة باجة (شمال غربي) إلى المحافظات الغاضبة، حيث دخلت في إضراب عام الأربعاء.

ويرى مراقبون أن موجة الاحتجاجات كانت متوقعة بعد الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة هشام المشيشي بشكل غير مباشر أن كل من يحتج يمكن أن يحقق مطالبه، هذا فضلا عن تصريحات راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة الإسلامية التي شدد فيها على أن كل منطقة أولى بالاستفادة من مواردها وثرواتها وما يزيد عنها يذهب لغيرها.

ويبدو حسب المراقبين أن الاحتجاجات اتخذت طابع الاحتراب الاجتماعي، حيث نزعت كل منطقة إلى تطويق مصادر الإنتاج وحرمان غيرها من المناطق مما فاقم ظاهرة الاحتكار والمضاربة بالأسعار.

كان التقرير الشهري لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل)، أشار إلى ارتفاع الاحتجاجات الاجتماعية بتونس في أكتوبر الماضي بنسبة 16 في المئة، حيث تم تسجيل 870 تحركا احتجاجيا.

ولفت التقرير إلى أن أكثر من 120 من الاحتجاجات المسجلة الشهر الماضي، لم تكن عشوائية بل موجهة ومطالبة بالتنمية والتشغيل، وهو ما اعتبره زيادة في التنبيه إلى حدة المخاوف في مستوى قدرة الحكومة على تطويق الاحتقان.