قيس سعيّد يدعو إلى الخروج من وضع استهداف المؤسسات باحتكار السلع الأساسية

تونس - شدّد الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء الاثنين على ضرورة الخروج من الوضع الذي يستهدف مؤسسات الدولة والوطن، في إشارة على ما يبدو إلى ملف غياب سلع أساسية عن السوق بسبب الاحتكار والمضاربة.
جاء ذلك خلال لقاء جمعه بالأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي ورئيس اتحاد أرباب العمل سمير ماجول، وفق بيان ومقطع مصور نشرتهما الرئاسة التونسية.
ويأتي هذا اللقاء على وقع أزمة اقتصادية متصاعدة تمر بها تونس، تسببت في ارتفاع أسعار السلع والخدمات ونقص بعض المنتجات، بسبب تفشي ظاهرة الاحتكار والمضاربة.
وخلال اللقاء، أكد الرئيس سعيّد "ضرورة الخروج من هذا الوضع (الراهن) الذي يستهدف مؤسسات الدولة والوطن"، وفق البيان.
وشدد على "دور الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتحاد أرباب العمل) في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة في أقرب الآجال".
وتناول اللقاء جملة من القضايا والمواضيع المتصلة بتراكم الأزمات الناتجة عن الوضع العالمي، ولكن أيضا عن سنوات طويلة من محاولات ضرب الدولة والمساس بوحدة الوطن.
كما تم التطرّق إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس، وإلى الغياب غير الطبيعي للعديد من المواد الأساسية بالنسبة إلى المواطن، بالرغم من أن هذه المواد متوفرة، ولكن يتم احتكارها لتأجيج الوضع الاجتماعي، وهؤلاء الذين يدفعون الأموال لتحقيق مآربهم يعلم الشعب التونسي جيّدا من هم وما هي ترتيباتهم الحالية واللاحقة.
وتشهد تونس نقصا في مواد غذائية أساسية أدى إلى اضطراب عمل مصانع وغياب منتجات عن رفوف المتاجر في البلاد، التي يرى خبراء أن الصعوبات المالية التي تعاني منها هي السبب الرئيسي للأزمة.
وتشمل المواد التي تشهد نقصا في السوق التونسية منذ بضعة أسابيع السكر والقهوة والزبدة والحليب والمشروبات الغازية وزيت الطبخ.
وقال الطبوبي "لن يتم تجاوز هذه الأزمات إلا بتضافر الجهود، واتحاد الشغل رفقة اتحاد أرباب العمل والحكومة لتوفير الحلول بشكل تشاركي".
كما أكد ماجول "الدور الريادي لاتحادي الشغل وأرباب العمل في إيجاد أرضية مناسبة لتوفير المواد الأساسية والاستثمارات والتوافق بين القطاعين العمومي والخاص لتجاوز الأزمات التي تمر بها البلاد".
ووافق الاتحاد العام التونسي للشغل الأحد على التوقيع على اتفاق الزيادة في رواتب الموظفين بناء على المقترحات المتفق عليها مع حكومة نجلاء بودن، وذلك عقب ماراثون من المفاوضات طالبت خلالها النقابات العمالية بضرورة إقرار زيادات في رواتب العمال، بهدف ترميم القدرة الشرائية المتداعية.
وقال الطبوبي في تصريح لوسائل الإعلام الأحد إنّ الساعات المقبلة ستكون حاسمة بشأن توقيع الاتفاق النهائي، متجنبا الكشف عن قيمة الزيادات المرتقبة.
وأكد أنّ الأمر "يتعلّق بإنقاذ وطن كامل من صعوبات اقتصادية واجتماعية"، مشيرا إلى أنّ ترميم القدرة الشرائية سيشمل العمال المباشرين والمتقاعدين، وأيضا الطبقات الضعيفة التي لا يتجاوز دخلها الراتب الأدنى.
ورجّح الطبوبي أن يتم التوقيع على الاتفاق الرسمي في أجل قريب، بما يحقّق تحسّنا في القدرة الإنفاقية لشريحة واسعة من التونسيين، بينما تسجل البلاد مستويات تضخم قياسية.
وبلغت نسبة التضخم في تونس خلال شهر أغسطس الماضي 8.6 في المئة، بعد أن كانت في حدود 8.2 في المئة في يوليو، وسط توقعات خبراء الاقتصاد ببلوغ التضخم رقمين مع نهاية العام الحالي.
ويترقب أكثر من 680 ألف تونسي يعملون في القطاع الحكومي مآلات هذه المفاوضات، التي يعول الموظفون على نتائجها لتحقيق مكاسب مادية ترمم جزءا من قدرتهم الإنفاقية المتهالكة.
ويطلق الاتحاد العام التونسي للشغل مفاوضات دورية حول الزيادة في رواتب موظفي القطاع الحكومي، كما يطلق بالتوازي مفاوضات أخرى مع القطاع الخاص تتوج بتوقيع اتفاقيات إطارية يجرى بمقتضاها صرف زيادات مقسطة على 3 سنوات.
وتحدد نسبة الزيادة في الرواتب بحسب نسبة التضخم وقدرة الحكومة على توفير مخصصات الزيادة في الموازنات العامة، التي تنزل رسميا ضمن كتلة الرواتب المبرمجة لكل سنة.
وبلغت نفقات الرواتب في تونس مستوى قياسيا خلال سنة 2022، حيث وصلت إلى نحو 15.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 10 في المئة سنة 2010، ما قلّص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية، وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.
وتسعى الحكومة إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، الذي يشترط حزمة إصلاحات اقتصادية لخفض الإنفاق الحكومي (الدعم) وتجميد الرواتب لتقليص عجز الميزانية العامة، وهما من الخطوات التي يرفضها بشدة الاتحاد العام التونسي للشغل.