قيس سعيّد يدافع عن التعامل مع المهاجرين: تونس ليست شقة للإيجار

الرئيس التونسي يرد على انتقادات منظمات حقوقية دولية واتهام الرئيس المؤقت الأسبق له بالعنصرية، بأن المهاجرين يعاملون معاملة إنسانية عكس ما تروج له الدوائر الاستعمارية وعملاؤها.
الأحد 2023/07/09
قيس سعيد يبعث برسائل للداخل والخارج

تونس  - قال الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء السبت، إن بلاده "تحمي المهاجرين غير النظاميين" من أفريقيا جنوب الصحراء، عكس "ما تروجا لدوائر الاستعمارية وعملائها"، مشددا على أن "تونس ليست شقة مفروشة للبيع أو للإيجار"، في وقت تؤكد فيه منظمات حقوقية دولية سوء معاملة يتعرض له هؤلاء المهاجرين، فيما تحاول حركة النهضة الإسلامية عبر أذرعها تسخين الأوضاع، واللعب على وتر الفتنة، لضرب استقرار البلد الأفريقي.

وجاء حديث سعيد في لقاء جمعه برئيسة حكومته نجلاء بودن مساء السبت، بحسب بيان للرئاسة، في ظل انتقادات لتعامل السلطات مع اشتباكات اندلعت في الأيام الماضية بين مهاجرين أفارقة وأهالي عدد من أحياء مدينة صفاقس (جنوب)، ما أسفر عن مقتل شاب تونسي مساء الإثنين.

واستغلت حركة النهضة ورقة المهاجرين للترويج للعنصرية، متجاهلة أن مشكلة الهجرة غير النظامية التي تفاقمت حاليا في تونس، نابعة من أخطاء سياسية" تراكمت على مدى العشرية الماضية التي تقلدت فيها وأذرعها السياسية حكم تونس.

وردا على تلك المحاولات التي استخدمت فيها صور تبدو زائفة لترويج ادعاءات كاذبة حول الأوضاع في محافظة صفاقس، قال الرئيس سعيد، إن "هذه المخططات مفضوحة ومعلومة منذ وقت غير بعيد"، مضيفا أنه "انخرط فيها من يتباكى اليوم وهو كان في السلطة ولفظه الشعب ولفظه التاريخ"، في إشارة إلى حركة النهضة والرئيس المؤقت الأسبق المنصف المرزوقي.

وكان المرزوقي قد قال في مقطع فيديو نشره عبر صفحته على فيسبوك إن تونس "أصبحت اليوم مثالا للعنصرية في العالم (..) اليوم لا نستطيع الرد على من يمارسون العنصرية علينا في أوروبا"، في انتقاد لتعامل الحكومة مع المهاجرين.

إلا أن الرئيس التونسي رد قائلا، إن المهاجرين غير النظاميين في تونس يعاملون معاملة إنسانية نابعة من قيم تونس ومن شيمها، "عكس ما تروج له الدوائر الاستعمارية وعملاؤها من الذين لا همّ لهم سوى خدمة هذه الدوائر".

وأوضح  خلال اللقاء "ليس أدلّ على ذلك من أن مواقفهم هي نفس مواقف الأبواق المسعورة في الخارج التي تمهّد إلى استيطان من صنف جديد وتزيف الحقائق ونشر الأكاذيب".

وأشار سعيد إلى "أن تونس ليست شقة مفروشة للبيع أو للإيجار (..) إن هؤلاء المهاجرين الذين هم في الواقع مهجّرون لم يتخذوا من تونس مقصدا لهم، إلا لأنه تم تعبيد الطريق أمامهم من قبل الشبكات الإجرامية التي تستهدف الدول والبشر"، مؤكدًا أن قوات الأمن التونسية قامت بحماية هؤلاء الذين جاؤوا إلى تونس ويريدون الاستقرار بها عكس ما يشاع.

 وأكد أن "الدولة لا يمكن أن تدار بناء على ما يُنشر من أكاذيب عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي جعل منها الكثيرون منصات وأدوات لزعزعة الاستقرار وبث بذور الفتنة"، في إشارة إلى حركة النهضة وأذرعها.

وأكد أن "من يعتقد أنه قادر على إرباك مؤسسات الدولة بنشر الأخبار الزائفة فهو مخطئ في العنوان، فالدولة التونسية لن تربكها لا الصور الكاذبة التي تلتقط في بلدان أخرى ولا أيضا الأخبار الزائفة التي ينشرها أصحاب بعض المواقع في الداخل وفي الخارج (..) التاريخ كفيل بالفرز، والشعب التونسي حسم أمره ولن يعود خطوة إلى الوراء".

وخلال لقاء مع وزير الداخلية كمال الفقي وقيادات أمنية الثلاثاء، قال سعيد إن "شبكات إجرامية" مسؤولة عن عمليات الهجرة غير النظامية إلى صفاقس.

وتعاني صفاقس من تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء على أمل اجتياز البحر المتوسط باتجاه أوروبا، بحثا عن حياة أفضل في ظل أزمات سياسية واقتصادية في بلادهم.

وشهدت صفاقس توتراً على خلفية مواجهات بين مهاجرين وسكان بالمدينة، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر ضرب بعض السكان للمهاجرين، قبل أن تعمل السلطات التونسية على ترحيل بعض المهاجرين.

وأثار ذلك انتقادات من منظمات حقوقية، على رأسها منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي طالبت السلطات التونسية، الجمعة، بإنهاء عمليات الطرد الجماعي للمهاجرين الأفارقة، ونقلهم إلى منطقة صحراوية نائية بالقرب من الحدود الليبية.

وذكرت هيومن رايتس ووتش أن الأشخاص المطرودين هم من دول أفريقية عديدة هي ساحل العاج والكاميرون ومالي وغينيا وتشاد والسودان والسنغال، ومن بينهم 29 طفلا وثلاث نساء حوامل.

وقالت لورين سيبرت الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش "ليس فقط من غير المعقول الإساءة للناس والتخلي عنهم في الصحراء، ولكن الطرد الجماعي ينتهك القانون الدولي".

وقالت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا إنه على الرغم من التحديات في الوصول إلى المنطقة، فقد تمكنت من تقديم بعض المساعدة الطبية الطارئة لبعض المهاجرين.

وتدفق الآلاف من المهاجرين الأفارقة إلى صفاقس في الأشهر الأخيرة بهدف الانطلاق إلى أوروبا في قوارب يديرها مهرّبو البشر، وهو ما دفع إلى أزمة هجرة غير مسبوقة للدولة الواقعة في شمال أفريقيا.

وبينما نقلت السلطات المئات بالقرب من الحدود الليبية، قال شهود إن عشرات المهاجرين الأفارقة الآخرين يبيتون في الشارع بالقرب من مسجد اللخمي في صفاقس بعد أن طردهم السكان المحليون من منازلهم هذا الأسبوع. وأظهرت مقاطع فيديو بعض الأهالي يزودون هؤلاء المهاجرين بالطعام والماء.

وسُجلت زيادة في الهجرة عبر البحر المتوسط من تونس بعد حملة مطلع العام الجاري ضد المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين يعيشون في البلاد بشكل غير قانوني.

وتتعرض تونس لضغوط من أوروبا لمنع أعداد كبيرة من مغادرة سواحلها. لكن الرئيس قيس سعيد قال إن تونس لن تكون حرس حدود ولن تقبل توطين المهاجرين في البلاد.