قيس سعيد يقيل أحمد الحشاني قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية

تونس - أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد الأربعاء رئيس الحكومة أحمد الحشاني وعيّن مكانه وزير الشؤون الاجتماعية كمال المدّوري، وذلك في إطار التحضيرات للانتخابات الرئاسية القادمة، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وقالت الرئاسة في بيان إنّ "رئيس الجمهورية قيس سعيّد استقبل ظهر هذا اليوم الأربعاء (...) بقصر قرطاج، كمال المدّوري، وزير الشؤون الاجتماعيّة، وقرّر تكليفه برئاسة الحكومة خلفا لأحمد الحشاني".
وتأتي الإقالة بعد عام واحد فقط من تعيين الحشاني في 2 أغسطس 2023، بعدما أقال سعيد، نجلاء بودن وعينه خلفا لها، لتدخل البلاد في مرحلة من الإصلاحات الاقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة.
وتأتي أيضا وسط استياء شعبي من أزمة الانقطاعات المتكررة للمياه والكهرباء في العديد من مناطق البلاد.
ولم يعط بيان الرئاسة تفاصيل عن أسباب هذه الإقالة، لكن يعتقد أنّ لها علاقة بالظهور الإعلامي الأخير لرئيس الحكومة المقال أحمد الحشاني الذي قدّم فيه حصيلة عمل حكومته بعد عام من تعيينه، خاصة في ملفي المواد الأساسية والشح المائي.
وقال الحشاني، إن حكومته حرصت على تزويد السوق بالمواد الأساسية " رغم الوضع العالمي الصعب وارتفاع أسعار المواد الأولية والجفاف"، كما أكدّ أن الشح المائي سببه تواتر سنوات الجفاف، مشيرً إلى أن الحكومة بادرت "بمراجعة مجلة المياه بإحكام التصرف في الموارد المائية إلى جانب وضع حلول بديلة لمواجهة المشكلة عبر تسريع استغلال محطات تحلية مياه البحر".
وكان سعيّد قد أكد أن ظاهرة انقطاع المياه في عدد من مدن البلاد خلال الفترة الأخيرة، تقف وراءها شبكات إجرامية، وأن الانقطاع "غير طبيعي وغير بريء ومدبّر"، معتبرا أن هذا الأمر "جريمة بحق الشعب ويمس بالأمن القومي". ويقول إن السدود ممتلئة.
وتقول وزارة الفلاحة من جانبها إن نسبة امتلاء السدود حرجة للغاية ووصلت إلى 25 في المئة.
وشغل المدّوري (50 عاماً)، وزارة الشؤون الاجتماعية في 25 مايو الماضي، بعدما كان يتولى منصب الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على المرض، وقبل ذلك الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.
والمدّوري من مواليد 25 يناير 1974 بمدينة تبرسق ولاية باجة (شمال غربي البلاد)، وحاصل على شهادة الدكتوراه مرحلة ثالثة في قانون المجموعة الأوروبية والعلاقات المغاربية الأوروبية، وعلى شهادة الأستاذية في العلوم القانونية من كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس 2 وهو حائز على شهادة ختم الدراسات بالمرحلة العليا بالمدرسة الوطنية للإدارة، وخريج معهد الدفاع الوطني سنة 2015 ومفاوض دولي.
وتولى المدّوري سابقا عضوية المجلس الوطني للحوار الاجتماعي ونائب رئيس اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية بنفس المجلس، علاوة على عضويته في مجالس إدارات عدة مؤسسات وطنية على غرار المؤسسة العمومية للصحة (شارل نيكول) والهيئة العامة للتأمين ومجالس إدارات الصناديق الاجتماعية الثلاثة.
ويأتي تعيين المدّوري بينما تستعد تونس لإجراء الانتخابات الرئاسية في السادس من أكتوبر المقبل، حيث قدّم قيس سعيّد صباح الاثنين الماضي ترشّحه لولاية رئاسية ثانية، وسط انتقادات واسعة النطاق من المعارضة وجماعات حقوق الإنسان والمرشحين الذين يشكون من مضايقات وترهيب يقولون إنه يشير إلى رغبة في تمهيد الطريق أمام سعيد للفوز بولاية جديدة.
ويشدد سعيّد على أنه يترشح لولاية ثانية "لمواصلة مسيرة النضال في معركة التحرير الوطنية" وأنه يلبي بذلك "الواجب الوطني المقدس".
ويؤكد العديد من المرشحين المحتملين أنهم مُنعوا من تقديم ملفاتهم إلى الهيئة الانتخابية لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على سجلاتهم الجنائية أو ما يعرف في تونس بـ"البطاقة عدد 3".
والإثنين أصدرت محكمة قراراً بسجن أربعة مرشحين، من بينهم رجل الأعمال والإعلام نزار الشعري، ووجهت لهم تهماً تتعلق بتزوير تواقيع التزكيات.
وأدانت محكمة مساء الاثنين المعارِضة عبير موسي بتهم مختلفة، من بينها التآمر على الدولة، وقضت بسجنها عامين، وذلك بموجب المرسوم رقم 54 الخاص بمكافحة نشر الأخبار الكاذبة، بعد اتهامها بانتقاد هيئة الانتخابات.
وكانت زعيمة "الحزب الدستوري الحر"، قدّمت ملف ترشيحها للانتخابات الرئاسية قبل يومين من خلال محاميها.
واعتقلت موسي، النائبة السابقة البالغة من العمر 49 عاما، في 3 اكتوبر 2023 من أمام القصر الرئاسي في قرطاج، عندما جاءت، وفقا لحزبها، لتقديم احتجاج على قرارات سعيّد.
وفي نهاية يوليو، وبعد زيارة استمرت أربعة أيام واجتماعات متعددة مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، إنها "منزعجة من التدهور الشديد في الحقوق" في البلاد التي كانت مهد "الربيع العربي".
وقالت كالامار إنها في بداية الحملة الرئاسية، "لاحظت أن القمع الحكومي يغذي الخوف بدلاً من المناقشات الحية للمشهد السياسي التعددي"، ونددت "بالاعتقالات التعسفية" للمعارضين، و"القيود والملاحقات القضائية" ضد بعض المرشحين وسجن الصحافيين.
ويردد سعيّد في مناسبات عديدة أن "الحريات مضمونة في البلاد".
وتشهد تونس المثقلة بالديون (أكثر من 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي) تباطؤاً في النمو (يتوقع أن يكون ما دون 2 بالمئة هذا العام)، وارتفاعاً في معدلات البطالة (16 بالمئة)، مما يغذي ظاهرة الهجرة غير القانونية إلى أوروبا.