قيس سعيد يقطع الطريق أمام الجدل بشأن الهوية: الدستور سيتضمن مقاصد الإسلام

السلطة للشعب في الدستور الجديد والبقية وظائف.
الأربعاء 2022/06/22
رسائل حاسمة

بعد التحذيرات التي أطلقتها حركة النهضة الإسلامية من المساس بما أسمتها بالثوابت الإسلامية في تونس بسبب إعلان اقتراح حذف الإسلام كمرجعية للدولة من الدستور الجديد، قطع الرئيس قيس سعيد محاولات الاستثمار في ذلك سياسيا من خلال التأكيد على أن الدستور الجديد لن يتضمن الإسلام كمرجعية للدولة بل سيتم التنصيص على أن الإسلام هو دين الأمة.

تونس- قطع الرئيس التونسي قيس سعيد الثلاثاء الطريق أمام محاولات الدفع نحو جدل حول الهوية من خلال التأكيد على أن الدستور الجديد لن يتضمن الإسلام كمرجعية للدولة بل سيتم التنصيص على أن الإسلام هو دين الأمة.

وجاءت خطوة الرئيس سعيد كرد مباشر على مسعى دفعت به حركة النهضة الإسلامية، التي تعيش عزلة سياسية كبيرة، للمزايدة من خلال تقديم نفسها على أنها المدافعة عن الإسلام في مواجهة محاولات فصله عن الدولة في الدستور المقبل.

وأكد الرئيس سعيد على أن مقترح تعديل الفصل الأول من الدستور ينص على “أمة دينها الإسلام” ودولة تسعى لتحقيق مقاصد الشريعة، وذلك قبل حوالي شهر من الاستفتاء على دستور الجمهورية الجديدة وهو استفتاء سيشكل أول اختبار لشعبية الرئيس التونسي.

أمين محفوظ: الهيئة سعت للفصل بين السلطات وضمان التوازن بينها، لتكون أكثر انسجاما

والاثنين أعلنت الرئاسة التّونسية تسلم سعيّد مشروع الدستور الجديد من رئيس الهيئة المكلفة بالصياغة الصادق بلعيد الذي رجح إمكانية محو الفصل الأول من الدستور التونسي في صيغته الحالية.

وينص الفصل الأول من دستور 2014 المعمول به حاليا على أن “تونس دولة حرّة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها” وهو نفس النص الذي تمت المحافظة عليه منذ دستور عام 1959.

وقال سعيد الثلاثاء في تصريحات بمطار تونس قرطاج لدى توديعه أولى رحلات الحج إلى السعودية، إن الإسلام “يتعلق بالإنسان أما الدولة فهي تسعى لتحقيق مقاصد الإسلام”.

وأضاف الرئيس التونسي “في ظل الأنظمة الدكتاتورية يصنعون الأصنام ويعبدونها وهو نوع من الشرك والإسلام براء منهم”. وقال أيضا “في الدستور نتحدث عن أمة دينها الإسلام وليس عن دولة دينها الإسلام”.

وأوضح أن “أبرز ملامح الدستور الجديد وحدة الدولة وأن القضية لا تكمن في النظام السياسي برلمانيا كان أو رئاسيا. الأهم وحدة الدولة فما حصل في 2014 هو تفكيك الدولة”، في إشارة إلى السنة التي أقر فيها الدستور الحالي.

وأضاف سعيد أن “أهم شيء لتحقيق الديمقراطية هو خلق توازن بين السلطات والاستجابة لمطالب التونسيين الاقتصادية والاجتماعية”. وشدد على ضرورة “وضع حد للاحتكار والتنكيل بالتونسيين وأنه لا بد للدولة أن تتحمل مسؤوليتها في ذلك”.

وكانت حركة النهضة قد حذرت في الثالث عشر من الشهر الجاري من “المساس بالهوية العربية الإسلامية”.

وجددت النهضة موقفها القاضي بمقاطعة الاستفتاء الشعبي المقرر إجراؤه في الخامس والعشرين من يوليو المقبل، داعية إلى فتح تحقيق جدي بشأن ما وصفته بمحاولة توظيف القضاء لإصدار أحكام ضدها وضد قيادييها.

وحذرت من “محاولات المساس بثوابت الشعب وهويته العربية والإسلامية ومدنية دولته بإثارة قضايا حسمها الشعب منذ الاستقلال وضمنها في الفصلين الأول والثاني من دستور الثورة”، واصفة ذلك بـ”المحاولات الرخيصة والخطيرة لتوظيف هذه القضايا في إقصاء المخالفين” ما عكس محاولة منها لإحياء الجدل حول الهوية وهي مسألة حساسة لدى التونسيين.

وفي الرابع من يونيو الجاري انطلقت في تونس جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه سعيّد تمهيدا لتنظيم استفتاء على دستور جديد في الخامس والعشرين من يوليو المقبل بهدف الخروج من الأزمة السّياسية في البلاد.

ومنذ توليه الرئاسة عام 2019، وجه سعيد أستاذ القانون الدستوري انتقادات متكررة للنظام السياسي ولدستور 2014. وأظهرت نتائج الاستشارة الإلكترونية الوطنية التي أجرتها رئاسة الجمهورية في الفترة بين يناير ومارس أن حوالي 86 في المئة من المشاركين يريدون تغيير النظام السياسي في البلاد إلى نظام رئاسي.

◙ في مؤشر على تقدم عملية إنجاز الاستفتاء بدأت هيئة الانتخابات الثلاثاء في قبول إيداع تصاريح المشاركة في حملة الاستفتاء

وأكد الرئيس سعيد الثلاثاء أن السلطة الوحيدة التي ستكون في الدستور الجديد المرتقب هي للشعب أما البقية فهي وظائف.

وقال أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهوريّة جديدة أمين محفوظ الثلاثاء إنّ الهيئة سعت للفصل بين السلطات وضمان التوازن بينها، لتكون أكثر انسجاما، بما يحول دون التصادم في ما بينها وإلى أن تكون هناك آليات دستورية للحكم وأن يكون الحكّام منتخبين من الشعب.

وأضاف محفوظ في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية أنه تمّ وضع “أسلحة متوازنة للسلطة التشريعية، لتكون في مواجهة التنفيذية ومثلها للسلطة التنفيذية لتكون في مواجهة التشريعية، بما يحول دون التصادم بينهما، مع ضمان المسؤولية والمساءلة وتوفير ضمانات القضاء العادل الذي لا يؤسس لدولة القضاء”.

ولفت إلى أنه تمّ “التطرّق كذلك إلى نقاط أخرى، كاحترام المعتقد وحريّة الضمير والتخلّص من بعض المسائل التي وقع استغلالها للتجارة بالدين والهويّة”، مشددا في هذا السياق على أنّ “اجتهاد اللجنة الاستشارية القانونية التي كُلّفت بصياغة مشروع دستور قرطاج، كان مختلفا عن اجتهاد جيل 1959/1956 والمجلس التأسيسي 2014/2011”.

ومن المرتقب أن تجري تونس استفتاءها في الخامس والعشرين من يوليو المقبل رغم الضغوط التي تحاول أطراف خارجية وداخلية تكريسها على الرئيس سعيد الذي أثبت أنه لا يتراجع رغم ذلك، وفقا لمراقبين.

وفي مؤشر على تقدم عملية إنجاز الاستفتاء في موعده بدأت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس الثلاثاء في قبول إيداع تصاريح المشاركة في حملة الاستفتاء حتى السابع والعشرين من يونيو الجاري.

وحصرت الهيئة قبول التصاريح في مقرها المركزي في العاصمة تونس في ظل عدم التمكن من تشكيل الهيئات الفرعية، وذلك في وقت من المفترض أن تنشر فيه مسودة الدستور التي ستعرض على الاستفتاء قبل الثلاثين من يونيو الجاري بحسب ما حدد الرئيس سعيد.

4