قيس سعيد يسحب البساط من النقابات بإدماج 20 ألف مدرس مؤقت

تونس – قرر الرئيس التونسي قيس سعيد الخميس تثبيت 20 ألف مدرس وقتي في وظائفهم بالمدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد التابعة لوزارة التربية، وذلك بعد دخولهم في إضراب عن العمل.
ويرى محللون سياسيون تونسيون في تصريحات لـ”العرب” أن قيس سعيد نجح بهذا القرار في حل أزمة مستعصية كان استمرارها سيؤدي إلى توتر اجتماعي، كما نجح في سحب البساط من تحت أقدام النقابات والمجموعات السياسية التي تسعى لتوظيف المطالب الاجتماعية المشروعة في مزايدات كلامية مع السلطة.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان الخميس، إن الرئيس سعيد وقَّع أمرا رئاسيا بإدماج 20 ألف معلم متعاقد، إثر مقابلة مع رئيس الحكومة كمال المدوري.
وأضافت أنه “قرّر غلق ملف المعلمين والأساتذة النواب (المؤقتين) نهائيا بإصداره لأمر يقضي بإدماجهم بالمدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد التابعة لوزارة التربية.”
والاثنين بدأ نحو 20 ألف من مدرسي التعليم الإعدادي والثانوي المتعاقدين إضرابا مفتوحا عن العمل، للمطالبة بتثبيتهم في وظائف والحصول على معاشات.
ووصف المحلل السياسي والخبير الأمني التونسي خليفة الشيباني القرار الرئاسي بـ”الجريء”، مضيفا أن “الرئيس سعيد فوت الفرصة على الذين يسعون لتوتير الأوضاع،” وأن “ملفيْ عمال الحضائر والأساتذة المؤقتين يؤكدان تركيز الرئيس على البعد الاجتماعي.”
ولسد العجز في عدد المدرسين الرسميين (المعينين بشكل دائم)، عادة ما تلجأ الوزارة إلى التعاقد مع مدرسين (معلمين وأساتذة نُواب)، وهم يحصلون على حقوق أقل من الدائمين. ولجأت الحكومات السابقة إلى التسويف في حل هذه المشكلة، ما أثار غضب المدرسين ودفعهم إلى الاحتجاج في مناسبات مختلفة.
وأشار خليفة الشيباني في تصريح لـ”العرب” إلى أن “حكومة كمال المدوري من أبرز الحكومات التي عالجت مختلف الملفات على غرار وضعية العاملات في القطاع الزراعي وعمال الحضائر وملف المدرسين المؤقتين.”
وأخذت الحكومة الحالية على عاتقها تسوية الملف الاجتماعي الشائك والمتوارث رغم شحّ الموارد المالية والصعوبات الاقتصادية، وهو ما يعكس استعدادا كبيرا منها للقطع مع تلك الآليات التي تزايدت ارتداداتها من سنة إلى أخرى.
وقال المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان إن “قرار الرئيس سعيد لا يخرج عن سياق رؤيته لتطبيق فكرة الدولة الاجتماعية العادلة التي تكرس خدمة أبناء الشعب والمساواة بينهم وحقهم في العمل.”
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الإشكال بدأ منذ سنوات وكان هنالك تعطيل ممنهج لحلّ الملف ومعالجته، كما أن بعض الأطراف اليوم تريد خلق أزمة في تونس لخدمة مصالحها الشخصية والسياسية.”
ويعتبر الأساتذة المؤقتون إحدى الآليات التي تعتمدها وزارة التربية في تونس للتعويض المؤقت في سلك التعليم بالاعتماد على الخريجين الجامعيين، مع إبقائهم على لائحة الانتظار ما يمنحهم لاحقا الأولوية في التعيين عند تسجيل نقص في أعداد المدرسين.
وسعت النقابات لتوظيف هذا الملف في إحراج السلطة ودفعها إلى الحوار تحت الضغط، لكن قرار قيس سعيد بإدماج هؤلاء المدرسين يقطع الطريق على استثمار المشاكل والأزمات المتوارثة، خاصة من قيادة اتحاد الشغل، من أجل العودة إلى الواجهة وفي الوقت نفسه تخفيف الانتقادات داخل المنظمة النقابية للأمين العام نورالدين الطبوبي ومكتبه التنفيذي.
وقال الرئيس سعيد، خلال اجتماع حكومي في 17 يوليو الماضي، إن “الأوضاع التي مرّ بها عدد غير قليل منهم (المعلمون والأساتذة المؤقتون) من عدم صرف أجورهم تمّ تجاوزها ولا يجب أن تتكرّر.”
وأكد ضرورة “البحث عن حلول آنية حتى يتمّ غلق هذا الملف نهائيا، في إطار يحفظ حقوق المعلمين والأساتذة والناشئة (الطلاب) على حدّ سواء.”
ووفق أرقام رسمية للعام الدراسي 2023 – 2024، بلغ عدد التلاميذ في تونس مليونين و356 ألفا و630 تلميذا في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، فيما بلغ عدد المدرسين القارين (رسميين) والمؤقتين 156 ألفا و234 مدرسا للمراحل كافة، يتوزعون على 6 آلاف و139 مؤسسة تربوية في البلاد.