قيس سعيد يستبق حملته الانتخابية بتعديل جذري للحكومة

الرئيس التونسي يجري تعديلا وزاريا  شمل 19 وزيرا في خطوة تهدف إلى ضخ دماء جديدة في الحكومة وجذب الناخبين.
الاثنين 2024/08/26
التغيير يكرس توجهات الرئيس سعيد

تونس- أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد الأحد عن تعديل وزاري جذري، يأتي قبل أيام من بدء الحملة الانتخابية التي من المفترض أن تنطلق في منتصف سبتمبر المقبل.

وشمل التعديل 19 وزيرا، من بينهم وزراء الدفاع والخارجية والاقتصاد. وقالت الرئاسة في بيان إنه جرى تكليف خالد السهيلي بوزارة الدفاع ومحمد علي النفطي بوزارة الخارجية.

وجاء في بيان للرئاسة “قرر رئيس الجمهورية صباح هذا اليوم (الأحد)… تحويرا حكوميا”، من دون تقديم شرح للأسباب.

وأقال قيس سعيد هذا الشهر رئيس الوزراء أحمد الحشاني، واستبدله بكمال المدوري وزير الشؤون الاجتماعية. واحتفظ وزراء المالية والعدل والداخلية بمناصبهم.

يأتي التعديل الوزاري في خضم أزمة مالية واستياء واسع النطاق بسبب انقطاع المياه والكهرباء المتكرر في العديد من أنحاء تونس ونقص بعض السلع والأدوية، في خطوة تهدف على الأرجح إلى ضخ دماء جديدة وجذب الناخبين.

ويسعى الرئيس التونسي للفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقبلة، واعتبر في تصريحات أن ترشحه يأتي ضمن “حرب تحرير” و”حرب تقرير مصير” تهدف إلى “تأسيس جمهورية جديدة”.

نبيل الرابحي: هذه حكومة كفاءات وستطبق سياسات الرئيس قيس سعيد
نبيل الرابحي: هذه حكومة كفاءات وستطبق سياسات الرئيس قيس سعيد

وقبلت هيئة الانتخابات ملف مرشحين فقط لخوض الانتخابات ضد قيس سعيّد، هما النائب السابق وزعيم حزب حركة الشعب زهير المغزاوي (59 عاما)، والنائب السابق وزعيم حزب حركة عازمون العياشي زمال.

وقالت وسائل إعلام محلية الأربعاء إن محكمة في العاصمة تونس أمرت بإيداع أمينة مال حزب عازمون الحبس الاحتياطي بتهمة “تدليس” تزكيات مواطنين ضرورية لقبول ملف الترشح.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه القضية ستؤثر على ترشح زمال.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي “التغيير يكرس توجهات الرئيس سعيد ويمكن الحديث عن الهدف المنشود وهو الدولة الاجتماعية الديمقراطية”.

وأكد لـ”العرب” أن “هذه حكومة كفاءات وستطبق سياسات الرئيس ويمكن أن نسميها ‘حكومة الرئيس'”، لافتا إلى أن “سياسات قيس سعيد هي اجتماعية بالأساس، حيث تم تعيين كاتبة دولة للشركات الأهلية، مع مراجعة عقود الشغل الهشة، وعدم التفريط في المؤسسات العمومية وعدم رفع الدعم، فضلا عن إصلاح التعليم بمنظور اجتماعي”.

وأوضح الرابحي أنه “تم الإبقاء على وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وهو ما يفسر بالمواصلة في نفس السياسات المالية والتعويل على الذات”.

وتتعثر المحادثات بين تونس وصندوق النقد الدولي منذ سنوات للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، بسبب تمسك قيس سعيد بعدم رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية، نظرا لانعكاساته السلبية على السلم الاجتماعي، وتداعياته على الجانب المعيشي للتونسيين.

المنذر ثابت: التعديل يتفق مع طبيعة التحديات المطروحة في المرحلة القادمة
المنذر ثابت: التعديل يتفق مع طبيعة التحديات المطروحة في المرحلة القادمة

وأثار استبعاد بعض الوزراء مثل وزير الخارجية نبيل عمار استغراب الأوساط التونسية، حيث شهدت فترة توليه الوزارة عودة نشاط الدبلوماسية التونسية وهو ما انعكس بحسب مراقبين على عدة قطاعات وخاصة قطاع السياحة.

ولم يخف المحلل السياسي “وجود أسباب أخرى للقيام بالتعديل الوزاري من بينها تنامي الطموحات السياسية لبعض الوزراء، أبرزهم وزير الخارجية (نبيل عمار) ووزير الفلاحة عبدالمنعم بلعاتي”.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت بأن ” التعديل يتفق مع طبيعة التحديات المطروحة في المرحلة القادمة، خصوصا وأن هنالك مآخذ على مسألة الحراك الدبلوماسي، فضلا عن التحفّظ على مستوى الأداء وجودة العمل المقدّم”.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “التغيير يفهم على مسألتين، هناك مآخذ على مردود الوزراء، والمسألة الثانية تتمثل في آلية التداول على المسؤوليات، أي أنه ليس للنظام شخصيات محورية، والكل قابل للتغيير بقطع النظر عن المردود”.

ولفت المنذر ثابت إلى أن “هناك تقييما لأداء القطاعات تم على إثره التعديل الوزاري، وهو تغيير يتفق أيضا مع مرحلة جديدة، وثمة اتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حول الأسماء، ومن الواضح أن هناك اتجاها نحو مجال التنمية، ومن ضمن ذلك قطاع الصحة”.

وأوضح ثابت أن “التغيير أيضا شمل وزارات السيادة (الدفاع والخارجية)، وهو ما قد يبين وجود توجه نحو تعامل جديد مع الحلفاء التقليديين (واشنطن والاتحاد الأوروبي)”، مضيفا “قد تكون لهذا التعديل الوزاري رسالة قوية تفيد بأن الخماسية الجديدة ستكون فيها سياسات جديدة أساسها البناء والتنمية، مع التركيز على جانب إقليمي تسوده الاضطرابات”.

1