قيس سعيد يستبق الكارتلات: العودة المدرسية أزمتكم القادمة؟

تونس – حذر الرئيس التونسي قيس سعيد من أن الأزمة القادمة التي قد تلجأ إليها الكارتلات للضغط هي السعي لإرباك العودة المدرسية، وهو التحذير الذي وصفه مراقبون بـ”الهجوم الاستباقي” ضد الكارتلات.
ومن الواضح أن الرئيس سعيد يمتلك تقارير عن وجود خطط لهذه الكارتلات هادفة إلى التصعيد للرد على الحملة التي طالت متهمين بالاحتكار في مجال الحبوب وسعت لوقف لعبة احتكار الدقيق وإثارة غضب التونسيين بسبب صعوبة الحصول على الخبز.
ولا يستبعد أن تلجأ الكارتلات المتحكمة في الورق إلى إرباك عملية إنتاج الكتب والدفاتر وخلق فوضى مع بداية العودة المدرسية إما بسبب ندرة المعروض أو ارتفاع الأسعار خاصة أن هذه اللوبيات كانت في السنوات الماضية هي من تحدد الأسعار التي تتعارض في الأغلب مع القدرة الشرائية للفئات الضعيفة.
دوائر النفوذ بدأت تستشعر خطر حملة الرئيس سعيد عليها ما قد يدفعها إلى التصعيد على أكثر من واجهة
ويقول مراقبون إن دوائر النفوذ بدأت تستشعر خطر حملة الرئيس سعيد عليها، خاصة أن عمليات التوقيف الأخيرة استهدفت أشخاصا مهمين في قطاع المطاحن والمخابز، وهذا تأكيد بالنسبة إلى الكارتلات على أن قيس سعيد ليست لديه خطوط حمراء، وأكثر من ذلك، فإن السكوت سيدفعه إلى توسيع الحملة بسرعة.
ويتوقع أن تلجأ الكارتلات إلى التصعيد على أكثر من واجهة، لكن ضمن محاولات يائسة لوقف مسار مواجهة الاحتكار وتطهير الإدارة الذي بدأ به قيس سعيد خلال أسابيع وبشكل متسارع.
وأكد الرئيس التونسي الخميس أن “الأزمة المفتعلة في الخبز لا يجب أن تتكرر بالنسبة إلى العودة المدرسية والجامعية أو بالنسبة إلى عدد من المواد الأساسية الأخرى، خاصة وأن البعض يرتب منذ الآن لاختلاق أزمات أخرى في عدد من المواد الأساسية”.
جاء ذلك خلال اجتماع لقيس سعيد مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزراء الداخلية كمال الفقي والمالية سهام البوغديري نمصية والشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وجدد الرئيس التونسي أن “الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي وأنها ستحارب كل المحتكرين والمضاربين وستعمل على تطهير الإدارة من كل من اندسّ داخلها وصار يمثل عقبة لا يمكن قبول استمرارها بقضاء حاجات المواطنين”.
وكان القضاء التونسي أمر الخميس بحبس رئيس غرفة أصحاب المخابز محمد بوعنان بشبهة “الاحتكار والمضاربة بمواد غذائية وتبييض أموال”.
وقال راديو “موزاييك” الخاص إن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية في تونس أذنت بالاحتفاظ (حبس) بمحمد بوعنان رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (أكبر منظمة لأرباب العمل بالبلاد).
وأضاف أنه “تقرّر الاحتفاظ بصاحب مخبزة وصاحب مطحنة بجانب بوعنان (لم يَذكر الاسميْن)، وذلك من أجل شبهات الاحتكار والمضاربة في السوق بمواد غذائية مدعمة وشبهات تبييض الأموال”.
ولم تذكر الإذاعة تفاصيل فيما يتعلق بتوقيت توقيف المشتبه بهم أو مدته، كما لم يصدر تعليق فوري من السلطات بالخصوص.
والثلاثاء أعلنت الرئاسة التونسية، خلال اجتماع الرئيس سعيّد في قصر قرطاج برئيس الحكومة وعدد من الوزراء والمسؤولين، اكتشاف مضاربين ومحتكرين يقفون وراء أزمة الحبوب التي تعيشها البلاد.
ودعا سعيّد خلال الاجتماع إلى “ضرورة تطبيق القانون على هؤلاء الذين يختلقون الأزمات كل يوم، بهدف تأجيج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.
ويرى المراقبون أن الحملة الكبيرة، والتي تتم بشكل كبير وبإشراف يومي من الرئيس سعيد، ستجعل هذه اللوبيات تنكفئ وتعمد إلى التهدئة، وهي تعرف أن الدولة لا تساوم، وأنها قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
ويؤكد تمسك قيس سعيد بتفكيك الكارتلات وتأكيده المستمر على أهمية هذه المعركة امتلاكه تقاريرَ دقيقة حول نفوذ المحتكرين والمعرقلين في مختلف الإدارات، وخاصة في ارتباطها بتوزيع الخبز وغلاء الأسعار وندرة المواد الاستهلاكية بالرغم من أن الحكومة تبذل كل ما في وسعها لتوريد مختلف تلك المواد.
وما يؤكد أهمية المعركة ضد الكارتلات أن قيس سعيد عيّن رئيسا جديدا للحكومة بمهمة واضحة هي مواجهة “إرهاب الكارتلات”، مثلما جاء في كلمة الرئيس سعيد في موكب تعيين أحمد الحشاني.
وقال قيس سعيد “ما يعيشه الشعب اليوم هو محاولة لتأجيج الأوضاع الاجتماعية، وهو من ترتيب هذه اللوبيات”.
وأضاف “لا مجال للتسامح مع هؤلاء أبدا ولا بد من محاسبتهم. من يتلاعب بقوت الشعب وبالسلم الأهلي الداخلي لتونس سيدفع الثمن باهظا بناء على القانون وفي ظل محاكمة عادلة”.