قيس سعيد يرى في النظام الرئاسي الحل لأزمة الحكم في تونس

الرئيس التونسي يحمّل نظام الحكم البرلماني مسؤولية سوء الأوضاع في البلاد.
الأحد 2021/03/14
رسائل مشفرة للخصوم

تونس – انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد الأحد نظام الحكم البرلماني الذي تعتمده تونس منذ العام 2014، معتبرا أنه السبب في بلوغ البلاد هذا الحدّ من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحادة.

وقال سعيد خلال لقائه تونسيين في ولاية قابس (وسط) إن نظام الحكم في تونس "لوكان رئاسيا، لما آلت الأوضاع إلى هذا المستوى من الخراب والدمار".

وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس التونسي بشكل صريح عن دعمه للنظام الرئاسي، وهو ما يثير تساؤلات عدة حول إمكانية طرحه استفتاء شعبيا لتبني هذا النظام.

ويعتبر تعديل النظام السياسي القائم أحد عناصر برنامج سعيد الانتخابي، ويرى مراقبون أنه يحاول عبر تصريحاته عن جدوى هذا النظام في حلّ مشاكل تونس، طمأنة داعميه بأنه سيطبق وعوده الانتخابية، خاصة وأنه شدد على التزامه بتحقيق كافة الوعود.

ويحد النظام البرلماني الذي أقره دستور 2014 من هيمنة رئيس الجمهورية على الدولة. وتتوزع السلطة السياسية على ثلاث مؤسسات، هي البرلمان المنتخب مباشرة من الشعب ورئيس الجمهورية المنتخب أيضا مباشرة، إضافة إلى حكومة يمنحها البرلمان الثقة.

وتسبب هذا النظام في صراع بين السلطات الثلاث حول النفوذ ومساعي كل طرف للسيطرة على سلطة القرار في البلاد، والدخول في حرب تصريحات واتهامات.

واستثمر الرئيس التونسي قيس سعيد فرصة لقائه مع عدد من المواطنين لمهاجمة خصومه كما اعتاد أن يفعل في كل تصريحاته السابقة، حيث توعد من وصفهم بـ''الأبواق المسعورة والمأجورة'' بردّ عملي على أرض الواقع.

وأكّد سعيد أنّ مشروع المدينة الطبية بولاية القيروان الذي كان أعلن عنه أواخر فبراير الماضي، سيتحقق، وأنّه يتابع بصفة دورية تقدّم إعداد المشروع مع فريق دراسات الهندسة العسكرية ووزارة الصحة وعدد من الدول الأجنبية.

ووجه خلال زيارة إلى قابس الأحد انتقادات حادة إلى أطراف لم يسمها تعمل على عرقلة جهوده من أجل حلّ مشاكل البلاد، وقال ''أحاول بكل جهد أن نتجاوز الأزمات ولكن المحاولات لا يجب أن تقابل بالجحود والنكران.. ومن عاهد عليه أن يفي بعهده''.

وانتقد سعيد خطاب البعض وحديثهم عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس وأنها على أعتاب الفقر والإفلاس، واتهمهم بأنهم ما انفكوا يدرّون أموالا ''للخونة والعملاء''، ولكنّهم لا يجدون أموالا للضعفاء والمستضعفين.

وتابع قوله ''أنا لا أتعامل معهم باللغة التي اعتادوا استعمالها'' ويتقاضون من أجلها أموالا كثيرة، مشيرا إلى أنّ من يملكون المال والتأثير في الرأي العام هم الذين يستأثرون بالعيش الكريم الذي ينشده المواطنون جميعا.

وتأتي تصريحات سعيد الأحد ردّا على تشكيك عدد من نواب البرلمان في وعوده ويتهمونه بالاكتفاء بالقول لا الفعل.  

لكنّ سعيد شدد على أنه ''لا يبيع الأوهام ولا الأحلام الكاذبة.. إنّنا حين نتعهد بشيء نعمل على تحقيقه بكل ما أوتينا من قوة''، مضيفا أنّ التعليقات التي صدرت عن البعض في هذا الخصوص لا تستحق الرد، و''الرد سيأتي بالإنجازات وبتحقيق إرادة الشعب التونسي''.

وفي الآونة الأخيرة، اشتدت الخلافات بين سعيد وحركة النهضة ورئيس الحكومة هشام المشيشي حول عدة قضايا، من بينها رفض سعيد استقبال وزراء تتعلق بهم شبهات فساد اقترحهم المشيشي ضمن التعديل الوزاري، لأداء اليمين الدستورية.

وكان سعيد عيّن المشيشي رئيسا للوزراء الصيف الماضي إثر انهيار حكومة إلياس الفخفاخ بعد أشهر قليلة على توليها المسؤولية، لكن سرعان ما دب الخلاف بينهما، حيث سعى المشيشي إلى التحالف مع أكبر حزبين في البرلمان، وهما النهضة وقلب تونس الذي يرأسه قطب الإعلام نبيل القروي المتهم في قضايا فساد.

وجاءت زيارة سعيد الأحد إلى قابس غداة انفجار بأحد مصانع الجهة أدى إلى مقتل 5 أشخاص، السبت.

واحتجّ حشد كبير من التونسيين أمام مركز ولاية المدينة منددين بتدهور الأوضاع على جميع الأصعدة وسط عجز الحكومة عن إيجاد حلول لها، في ظلّ أزمة سياسية باتت تلقي بظلالها على جميع جهات البلاد ومختلف القطاعات.

وأعلن سعيد عن مشروع لإنشاء مؤسسة استشفائية في قابس تحت إشراف إدارة الهندسة العسكرية.

ومؤخرا، وصف الرئيس التونسي الأزمة السياسية في البلاد بحرب الاستنزاف التي سيخوضها حتى النهاية، مؤكدا أن حملات التحريض والتشكيك لن تزيده إلا إصرارا على مواقفه السياسية.

وتشن صفحات موالية لحركة النهضة الإسلامية والشخصيات المحسوبة عليها هجمات متكررة على الرئيس التونسي، الذي يشكل حجر عثرة أمام مساعي الحركة لفرض أجنداتها مستغلة آراءه ومواقفه لتأليب التونسيين ضده.

والأسبوع الماضي، هاجم رفيق عبدالسلام القيادي السابق في حركة النهضة وصهر راشد الغنوشي، زعيم الحركة ورئيس البرلمان، سعيد ووصفه بأنه "مكيافيلي مخاتل" متهما إياه بأنه يسعى لافتكاك السلطة والانقلاب على الشرعية والحثّ على انقلاب عسكري.

واتهم "ساكن قرطاج" بأنه "متكالب على السلطة وأبعد ما يكون عن نموذج الفاروق عمر.. يستدعي عبدالله بن سلول في خطاباته ويبدو أن بن سلول يقبع هناك في قرطاج".

وكانت حركة النهضة حاولت استعراض قوتها وشعبيتها عبر مسيرة حشدت لها العشرات رغم الإجراءات الصارمة التي تفرضها الدولة للحد من انتشار فايروس كورونا، وذلك بعد أن فشلت كل مساعيها للتوافق مع سعيد بما يخدم مصالحها، وهي خطوة حذّر متابعون من تداعياتها على الخلاف القائم بين رئيسي الدولة والحكومة.