قيس سعيد يرد على انتقادات خارجية لأحكام قضية التآمر: تونس ليست ضيعة

الرئيس التونسي يؤكد أن التصريحات والبيانات الصادرة عن جهات أجنبية مرفوضة شكلا وتفصيلا وتُعد تدخلا سافرا في الشأن الداخلي.
الثلاثاء 2025/04/29
سعيد يدافع عن سيادة تونس في وجه الانتقادات الدولية

تونس - ندّد الرئيس التونسي قيس سعيد بشدة بالانتقادات الخارجية التي طالت الأحكام الصادرة بحق معارضين تونسيين، واصفًا إياها بـ "التدخل السافر في الشأن الداخلي"، وذك في موقف حازم يعكس رفضه القاطع لأي تدخل أجنبي في شؤون بلاده.  

وجاءت تصريحات سعيد ليل الإثنين-الثلاثاء، لتؤكد على استقلالية القضاء التونسي ورفض أي وصاية أجنبية، وهو نهج تبناه الرئيس منذ إعلانه الإجراءات الاستثنائية في 2021.

وأكد سعيد في بيان صادر عن الرئاسة، أن "التصريحات والبيانات الصادرة عن جهات أجنبية مرفوضة شكلا وتفصيلا وتُعدّ تدخلا سافرا في الشأن الداخلي التونسي".

وشدد على أن "تونس ليست ضيعة ولا بستانا"، مضيفا بلهجة حازمة "إذا كان البعض يُعبّر عن أسفه لاستبعاد المراقبين الدوليين فإنّ تونس يمكن أيضا أن تُوجّه مراقبين إلى هذه الجهات التي عبّرت عن قلقها وعن أرقها المزعوم وتُطالبها أيضا بتغيير تشريعاتها واستبدال إجراءاتها".

 وتابع سعيد "هذه الجهات تقلق حين تُريد أن تظهر القلق ولا يصيبها الأرق حين تنظر إلى حاضرها قبل ماضيها".

ويأتي موقف سعيد على خلفية أحكام قضائية مشددة أصدرتها محكمة تونسية في وقت سابق من الشهر الحالي، حيث قضت بسجن نحو أربعين شخصية معارضة ومحامين ورجال أعمال لفترات تصل إلى 66 عامًا، بتهمة "التآمر على أمن الدولة".

وقد شملت الأحكام غيابيا بعض الشخصيات المتواجدة خارج البلاد، بينهم الفيلسوف الفرنسي برنار-هنري ليفي، الذي حُكم عليه بالسجن 33 عاما، فيما يقبع بعضهم في السجن منذ سنتين.

وأثارت هذه الأحكام موجة انتقادات دولية واسعة، حيث أعربت فرنسا وألمانيا والأمم المتحدة عن "قلقها البالغ" حيال ما اعتبرته غيابا لمقومات المحاكمة العادلة، مطالبين باحترام الحريات العامة وضمان استقلال القضاء.

وسبق أن أكد الرئيس سعيد خلال زيارة لبعض الأحياء والأسواق في تونس العاصمة مطلع مارس الماضي، أنه "لا يتدخل أبدا في القضاء وأن المسائل القضائية مكانها فقط في قصور العدالة".

وليست المرة الأولى التي يعرب فيها سعيد رفضه التدخلات الخارجية، فقد أكد في تصريحات سابقة على أن "موقف تونس الحازم في مواجهة التدخلات الخارجية يعكس إرادة قوية للحفاظ على سيادة تونس واستقلال قرارها الوطني.

وقال إن "رفضكم للوصاية الأجنبية وتأكيدكم على استقلالية القضاء يمثلان ركيزة أساسية في بناء دولة ديمقراطية تحترم سيادة القانون".

كما أكد أن "استمرار تونس في هذا النهج، مع الحرص على ضمان محاكمات عادلة وشفافة، يعزز ثقة الشعب التونسي في مؤسساته ويحصن تونس ضد أي محاولات لزعزعة استقرارها".

وقال إن تونس، بتاريخها العريق ومكانتها الإقليمية، تستحق أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة، قادرة على تحديد مصيرها بنفسها دون تدخلات خارجية. مضيفا أن "دعمكم لاستقلالية القضاء وحماية الحريات العامة يمثلان ضمانة أساسية لمستقبل ديمقراطي مزدهر لتونس".

ويأتي موقفه الأخير امتدادا لنهج تبناه منذ إعلانه الإجراءات الاستثنائية في 2021، مستندا إلى "الشرعية الشعبية والدستورية". ومنذ ذلك التاريخ، عبّر سعيد مرارًا عن رفضه "الوصاية الأجنبية"، مؤكدا سعي تونس لاستعادة استقلال قرارها الوطني.   

وعلى الرغم من تأكيد الرئيس سعيد على استقلالية القضاء ورفضه للتدخلات الخارجية، فقد أثارت هذه الأحكام انقساما حادا في الشارع التونسي، فبينما اعتبرها مؤيدو الرئيس خطوة ضرورية لمكافحة "التآمر" وحماية أمن الدولة، رأى فيها معارضوه تصفية سياسية للأصوات المناوئة وتقويضًا للحريات.

وقد شهدت منصات التواصل الاجتماعي نقاشات حادة بين الطرفين، وعبرت بعض الأصوات عن خشيتها من تدهور مناخ الحريات في البلاد، بينما دافع آخرون عن ضرورة تطبيق القانون ومحاسبة المتورطين في تهديد استقرار الدولة.

ويعكس هذا الانقسام العميق التحديات التي تواجه تونس في مسارها السياسي، والتجاذبات المستمرة بين دعاة الحريات والمطالبين بالاستقرار والأمن في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد.

ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه تونس توترا سياسيا متزايدا، حيث تواجه انتقادات دولية حول مسارها الديمقراطي وحقوق الإنسان، فيما يؤكد الرئيس سعيد أن قرارات بلاده سيادية ولا تقبل النقاش الخارجي.