قيس سعيد يدعو إلى تطهير تونس من لوبيات الفساد

الرئيس التونسي يؤكد أن المشاكل الحقيقية للشعب تتمثل في البؤس والفقر والتهميش وليس في الحوار وذلك في انتقادات حادة لاتحاد الشغل ومبادرته الخماسية للحوار.
الخميس 2023/02/23
قيس سعيد: من يتحدث عن تبرئة الفاسدين شريك في جرائمهم

تونس – دعا الرئيس التونسي إلى تصعيد الحرب على الفساد في الإدارات معتبرا أنه "ينخر البلاد كالسرطان"، موجها في ذات الوقت انتقادات حادة لاتحاد للشغل قائلا إن "المشاكل الحقيقية للشعب تتمثل في البؤس والفقر والتهميش"، وليس دعوات الحوار والخلاص التي يتحدثون عنها.

وقال الرئيس التونسي في كلمة له أثناء زيارته إلى مركز للتكوين المهني، والشركة التونسية للصناعات الصيدلية بالضاحية الجنوبية للعاصمة الأربعاء "هذا الخماسي الراعي للحوار عن أيّ حوار يتحدث ومع من سنتحاور (..) لماذا قمنا بالانتخابات (...) عن أيّ حوار وعن أيّ خلاص يتحدثون (...) الفساد انتشر في البلاد والفقر والبؤس انتشر وهم يتحدثون عن الحوار مع هؤلاء".

وأطلق الاتحاد إضافة إلى عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ نحو شهرين مبادرة للحوار للخروج من الأزمة الحالية خاصة بعد عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات التشريعية في السابع عشر من ديسمبر الماضي.

ويقول الاتحاد إن الهدف من مبادرة الحوار "إنقاذ" البلاد من الانهيار، فيما يشكك كثيرون في دوافعها، محذرين من أن مثل هذه المبادرات الأحادية من شأنها أن تعمق أزمة البلاد.

ويرى مراقبون أن الاتحاد، كما باقي الطيف السياسي المعارض في تونس، يخشى من تركيز المؤسسة التشريعية آخر أمل له في التموقع ضمن المنظومة السياسية الجديدة، وبالتالي هو يستميت في التصعيد، وفي التشكيك في شرعية المسار الحالي.

ويشير هؤلاء إلى أن مبادرة اتحاد الشغل هي مبادرة للتموقع، خصوصا بعد أن خسر مكانته السياسية بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021، حيث كان لعب دورا مركزيا في السياسة التونسية منذ العام 2013 بمبادرة الحوار الوطني، ويريد العودة اليوم إلى ذلك المربع.

واطلع الرئيس على مخازن شركة الأدوية حيث احتوت على كميات كبيرة من الأدوية منتهية الصلوحية تقدّر قيمتها بأكثر من مليوني دينار (نحو 73 ألف دولار) من المنتظر أن يتم إتلافها بينما تشهد المستشفيات نقصا في الأدوية.

وقال "هناك مجرمون يقفون وراء إهدار أدوية بالملايين من الدينارات انتهت تواريخ صلاحيتها (..) وتونس تريد التخلص من هؤلاء المجرمين".

وشدد سعيد على أن الفساد ضارب في كل مكان ولا يُمكن أن نصل إلى التوازنات الحقيقية أو تمكين الشعب من حقه في الصحة والتعليم والسكن والحياة الكريمة إلا بتطهير الإدارة من اللوبيات، مؤكدا على أن أيّ شخص تجاوز القانون يجب أن يتحمل مسؤوليته.

وأكد أن هناك مجموعات هي التي تحتكر جملة من الأدوية، مشددا على أن هناك سرطانا يُعربد في جسم الدولة لا بد من حلّ إما بالأشعة أو بالكيمياوي للقضاء على هذه الخلايا السرطانية الموجودة داخل مؤسسات الدولة لضرب الوطن والتنكيل بالمواطنين ولا بد من محاسبة هؤلاء وتطبيق القانون على الجميع .

وتابع "يتحدثون في الإعلام ويقبضون الملايين ويدافعون عنهم.. من يتحدّث عن تبرئة هؤلاء هو شريك في جرائمهم".

وتشهد الصيدليات التونسية حاليا، رفوفا فارغة غابت عنها بعض أنوع أدوية الأمراض المزمنة، في مقدمتها الخاصة بعلاج السرطان والسكري، فيما يرزح المواطن تحت وطأة عجزه عن تأمين تلك الأدوية، وسط ظروف اقتصادية صعبة.

 ووفق بيان صادر عن جمعية الصيادلة ونشر عبر صفحتها على فيسبوك فإن هناك حوالي 690 دواء مفقودا في تونس، من بينها أدوية الأمراض المزمنة والخطيرة.

وتتقطع السبل بطيف واسع من المرضى بغية الحصول على جرعة دواء لمرضهم المزمن، مما يثير التساؤلات بشأن المسؤول عن التلاعب بمخزون الدواء في تونس.

وسبق للرئيس التونسي أن أكد في وقت سابق، أن استمرار أزمة نقص الأدوية عنوان للابتزاز من قبل من وصفهم بـ"مجرمي الاحتكار والمضاربة".

ولا يعرف الجهات التي تقف وراء احتكار الأدوية في تونس، لكن يرجح أن لوبيات داخل القطاع تسعى إلى تأزيم الوضع في البلاد مثلما حصل ذلك في قطاعات أخرى مما تسبب في فقدان مواد أساسية منها مادة الحليب التي عادت إلى الأسواق هذا الأسبوع بنسق طبيعي، عقب حملة إيقافات شملت سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال.  

وتزامنت تصريحات الرئيس التونسي مع استمرار حملة الإيقافات الأمنية لعدد من المعارضين السياسيين الأربعاء، طالت القيادية في جبهة الخلاص شيماء عيسى مع محاصرة منزل الناشط السياسي جوهر بن مبارك، وذلك بعد إيقاف رئيس الحزب الجمهوري عصام الشابي.

وأفادت إذاعة موزاييك الخاصة بأن إيقاف عصام الشابي وشيماء عيسى يرتبط بالأبحاث المتعلقة بشبهات التآمر على أمن الدولة الداخلي وتدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة.

كما طوقت الشرطة منزل جوهر بن مبارك لاحتجازه لكنه لم يكن هناك، وفقا لما ذكرته شقيقته المحامية دليلة بن مبارك لوكالة رويترز.

وجاءت زيارة سعيد إلى مركز التكوين المهني قبيل إقالة وزير التشغيل نصرالدين النصيبي في وقت سابق الأربعاء، وهو الوزير الخامس الذي يقيله منذ بداية عام 2023.

وذكر سعيد الأربعاء أن "هناك إرادة إلى تعطيل أيّ مشروع وإهدار أموال الشعب" في إشارة إلى مركز التكوين الذي تعطلت أشغاله.

ومقابل تشديد الرئيس التونسي مرارا على استقلال المنظومة القضائية، تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو 2021 ما أحدث انقساما حادا في البلاد.