قيس سعيد يدعو إلى احترام الأحكام المتعلقة بالانتخابات الرئاسية

الرئيس التونسي يرد على المعارضين الذين يشككون في انجاز الاستحقاق بسبب عدم الإعلان عن موعد محدد له.
السبت 2024/06/08
قيس سعيد يشدد على انجاز الانتخابات في موعدها دون تأخير

تونس – أكد الرئيس التونسي قيس سعيد على ضرورة فرض الاحترام لكل الأحكام المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها بين شهري سبتمبر وأكتوبر القادمين، وذلك ردا على الأصوات المعارضة التي تشكك في إنجاز الاستحقاق بسبب عدم الإعلان عن موعد محدد له.

وأشار سعيد خلال استقباله لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر الجمعة إلى أن "تونس احترمت كلّ المواعيد التي عبّر فيها الشعب التونسي صاحب السيادة عن إرادته سواء في الاستفتاء على مشروع الدستور يوم 25 يوليو 2022 الذي كان مسبوقا باستشارة وطنية أو في انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب ثم في انتخابات أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم."

وشدد وفق بيان من رئاسة الجمهورية "على الواجب المحمول على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في فرض الاحترام الكامل لكل الأحكام المتصلة بالعملية الانتخابية التي وردت في نصّ الدستور، وخاصة في الفصل 89 منه، وفي القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وترتيب الجزاء القانوني على كلّ خرق من أي جهة كانت".

وينص الفصل 89 على أن "التّرشّح لمنصب رئيس الجمهوريّة حقّ لكلّ تونسيّ أو تونسيّة غير حامل لجنسيّة أخرى مولود لأب وأمّ، وجدّ لأب، وجدّ لأمّ تونسيّين، وكلّهم تونسيّون دون انقطاع".

كما ينص على أنه "يجب أن يكون المترشّح أو المترشّحة، يوم تقديم ترشّحه، بالغا من العمر أربعين سنة على الأقلّ ومتمتّعا بجميع حقوقه المدنيّة والسّياسيّة، ويقع تقديم التّرشّح للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات حسب الطّريقة والشّروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابيّ".

ويأتي رد الرئيس التونسي في وقت تقود فيه أطراف معارضة جهودا للتشويش على المسار السياسي والترويج بأن الاستحقاق الرئاسي لن يتم إجراؤه هذا العام وأن قيس سعيد الذي تنتهي عهدته الرئاسية في نوفمبر المقبل يسعى للتمديد لنفسه.

ويرى مراقبون أن معارضي مسار 25 يوليو 2021 الذي يتبناه الرئيس سعيد يحاولون دائما اختلاق الأزمات، خصوصا بعدما وجدوا أنفسهم خارج السباق الانتخابي وخيّل إليهم في البداية أن قيس سعيد لا ينتصر للممارسة الديمقراطية ولا ينوي الذهاب نحو استحقاق انتخابي نهاية العام الجاري.

ويبدو واضحا أن تلك الأطراف تسعى للتشكيك في المسار وقطع الطريق أمام الوصول إلى إجراء الانتخابات الرئاسية، بعدما فقدت وزنها في الشارع، كما لا تجد اليوم في جرابها ما تقدمه إلى التونسيين.

ويستبعد هؤلاء المراقبين أن تصطفّ المعارضة حول شخصية موحدة في مواجهة الرئيس سعيد. وحتى إن توافقت، ستفشل مثلما فشلت في مواجهته في المشهد التونسي.

وسبق أن أكد نجيب الشابي زعيم جبهة الخلاص التي تعد المظلة السياسية لحركة النهضة الإسلامية أن الجبهة لن تشارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة "إذا استمرت هذه التضييقيات ودون توفير الشروط الديمقراطية للمسار الانتخابي وتحديد موعد الانتخابات الغامض إلى حد الآن".

ومن جانبه، قال القيادي بحركة النهضة وعضو جبهة الخلاص عماد الخميري إن الجبهة لا يمكنها الحديث عن المشاركة بالانتخابات أو مقاطعتها بسبب عدم تحديد موعد دقيق لإجراء الانتخابات رغم أن هذا الاستحقاق الانتخابي يفترض إنجازه -وفق الدستور- الخريف القادم.

و ذهب القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني إلى أن يؤجل الرئيس سعيّد الانتخابات بذريعة وجود خطر داهم "مستغلا غليان الوضع بسبب أزمة المهاجرين الأفارقة"، القادمين بكثافة من جنوب الصحراء بهدف العبور باتجاه أوروبا.

ويرى أن هناك غموضا متعمدا من قبل الرئيس سعيّد لدعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية من أجل التحكم في العملية الانتخابية، رغم أن مسؤولية تحديد موعدها يعود إلى هيئة الانتخابات.

وكانت نجلاء العبروقي، عضو مجلس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات اكدت الشهر الماضي حسب الآجال الدستورية لا يمكن تجاوز يوم 23 أكتوبر 2024 كتاريخ أقصى لموعد الانتخابات الرّئاسية. وقبل ذلك قال فاروق بوعسكر إنّ الانتخابات الرئاسيّة ستجرى في موعدها بين شهري سبتمبر وأكتوبر 2024.

وحتى الآن، أعلن عدد من السياسيين الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة على غرار النائب السابق الصافي سعيد ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي والوزير الأسبق ناجي جلول وكذلك منذر الزنايدي الوزير الأسبق في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وأيضا عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري، و لطفي المرايحي رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري.

ولم يعلن الرئيس سعيد الذي انتخب في 13 أكتوبر 2019 لعهدة من 5 سنوات، وفاز بأغلبية واسعة من الأصوات فاقت 70 في المئة ضد منافسه نبيل القروي في الدور الثاني، عن ترشحه لولاية ثانية ولكن من المرجح على نطاق واسع ان يحسم ترشحه في وقت لاحق.

ويعتقد أن الرئيس التونسي ربما ينتظر تاريخا وطنيا بعينه حتى يعلن عن تقديم ترشحه رسميا، وسط ترجيحات بأن يكون ذلك التاريخ الخامس والعشرون من يوليو القادم، نظرا لرمزيته السياسية لدى السلطة.

وعلى الرغم من عدم إعلان رغبته في الترشح لولاية ثانية، تتصاعد أصوات تطالب الرئيس سعيد بالترشح لعهدة رئاسية ثانية في مسعى لاستكمال مشروعه السياسي المدعّم بإجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021.

وقاطعت قوى المعارضة، ولاسيما جبهة الخلاص، انتخابات المجالس المحلية، بعدما قاطعت كافة المحطات الانتخابية التي جاءت بها خارطة الطريق التي أقرّها الرئيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، كما ترفض الاعتراف بالدستور الجديد للبلاد الذي تم اعتماده إثر استفتاء صيف 2022، بينما انخرطت فيها أحزاب أخرى، ومنها حركة "الشعب" وحركة "تونس إلى الأمام" و"التيار الشعبي".

وكان الرئيس التونسي قد أكد خلال شهر مارس الماضي أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتم في موعدها، مشيرا إلى أن المعارضة التي قاطعت الاستحقاقات السابقة "تعد العُدّة لهذا الموعد".