قيس سعيد يحتاج إلى تجاوب الإعلام العام والخاص لمواجهة الإشاعات

تونس- قالت أوساط سياسية تونسية إن المرسوم الجديد الذي أصدره الرئيس قيس سعيد لمواجهة الإشاعات التي تمسّ من أمن تونس ومن أعراض الناس لا يستهدف حرية الرأي والإعلام، ولأجل ذلك فهو يحتاج إلى تجاوب مع هذه الخطوة من الإعلام العام والخاص الذي تضرّر من تحويل مواقع التواصل إلى فضاء للمعلومات المفبركة والإشاعات السياسية التي لا تراعي أيّ ضوابط أو أخلاق.
وأضافت الأوساط السياسية التونسية أن مثل هذا التجاوب سيقطع الطريق على الإشاعات والأقاويل ويجنّب الدولة من إحراج الظهور كمن يكمم الأفواه في وقت تسعى فيه لتنقية المناخ من الفوضى التي كانت سائدة في الماضي، والتي ضربت كل القيم والأخلاق، وكان الإعلام أكثر متضرر منها، حيث وجد نفسه يلاحق الإشاعات التي فرضت عليه إما الانخراط فيها أو الظهور بمظهر الإعلام الهامشي غير المواكب.

أميرة محمد: المرسوم الجديد ينسف حرية التعبير خاصة عندما يتم استعمال عبارات فضفاضة وظفها بن علي لتكميم الأفواه
باسل الترجمان: القرار يهدف إلى مواجهة الشائعات التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال عشر سنوات
وشددت هذه الأوساط على أنه بقطع النظر عن موقف وسائل الإعلام من قيس سعيد وسياساته، فإن سعيه لتنظيم ما ينشر على مواقع التواصل المختلفة يخدم مصلحتها قبل أيّ قطاع آخر، ويفتح أمامها الطريق لإعادة بناء علاقة جديدة مع الجمهور على قاعدة المصداقية والنزاهة ومخاطبة العقل بدلا مما كان سائدا من نشر أخبار ووثائق وتسجيلات مفبركة ومزورة بعضها طال الحياة الخاصة للإعلاميين، فضلا عن السياسيين ومختلف الفاعلين.
ومن شأن المرسوم الجديد الذي يسعى لمطاردة الإشاعات على مستويات كثيرة أن يضع العبء الأكبر على أجهزة الدولة التي ستكون مطالبة بكشف المعطيات وتقديمها في بيانات صحافية تقطع طريق اللغط بشأن توقيف المتهمين بخرق المرسوم وهتك أعراض الناس، ومنع التوظيف السياسي لحرب مفتوحة على الإشاعات التي يتجاوز ضررها الرئيس قيس سعيد ومحيطه إلى المس من أمن البلاد واستقرارها.
وأصدر الرئيس التونسي الجمعة مرسوما يفرض عقوبة بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية كبيرة على كل شخص ينشر “أخبارا كاذبة” أو “إشاعات” عبر الإنترنت.
وينصّ المرسوم المنشور في الجريدة الرسمية على عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار تونسي (15500 يورو) بحق أيّ شخص “يستخدم عمدا شبكات الاتصال وأنظمة المعلومات لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال معلومات كاذبة أو شائعات كاذبة”.
ويستهدف المرسوم الأشخاص الذين يُقدِمون على تلك الأفعال “بهدف الاعتداء على الآخرين أو الإضرار بالأمن العام أو بث الذعر” بين المواطنين. وبحسب المرسوم، تصبح العقوبة “مضاعفة” في حال كان المُستهدَف موظفا عاما.
وانتقد ناشطون على الإنترنت المرسوم فور نشره، معتبرين أن السلطات قد تستخدمه لتكميم الإعلام أو إسكات المعارضين، لكن نشطاء آخرين أكدوا أن مثل هذا المرسوم كان مطلبا للكثير من السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال والموظفين والمواطنين خلال السنوات الماضية بسبب التجاوزات الكثيرة على مواقع التواصل، والتي عجز القضاء عن مواجهتها بحزم تام بسبب غياب النصوص التي تعالج القضايا المرفوعة.
ويقول مراقبون للشأن التونسي إن المخاوف من هذا المرسوم مشروعة، وإن الأمر سيكون محل اختبار الإعلاميين والمنظمات الحقوقية والمدنية، داعين إلى الفصل بين الإعلاميين والنشطاء الذين يلتزمون بالنزاهة ومراعاة أخلاقيات الصحافة وعدم استهداف الأشخاص والمؤسسات تحت عنوان حرية الرأي في وقت يفترض ممّن يمتلك وثائق أو أدلة ضد أي جهة أن يعرضها على القضاء للبت فيها بدل نشرها في محاكمات شعبوية على مواقع التواصل.
وقالت نائبة نقيب الصحافيين التونسيين أميرة محمد “إن المرسوم الجديد ينسف حرية التعبير خاصة عندما يتم استعمال عبارات فضفاضة وظفها بن علي لتكميم الأفواه وسجن المعارضين والاعتداء على حرية الصحافة”.
لكن المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان اعتبر أن القرار يهدف إلى “مواجهة الشائعات التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال عشر سنوات”، وأن هذه المنصات “تحولت إلى وسيلة لنشر الكذب وهتك الأعراض وتشويه سمعة الناس في كافة المجالات”.
