قيس سعيد يتهم لوبيات بالوقوف وراء أزمة نقص الخبز

الرئيس التونسي يؤكد أن الهدف من هذه الأزمات المتعاقبة تأجيج المجتمع لغايات سياسية واضحة، داعيا بعض الإدارات إلى التوقف عن خدمة جهات وأحزاب.
الثلاثاء 2023/05/23
قيس سعيد يدعو إلى حلأزمة الخبز خلال ساعات

تونس - اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد "لوبيات وأطرافا" (لم يسمها) بالوقوف وراء أزمة نقص الخبز ومواد غذائية أساسية أخرى، وذلك لتأجيج الأوضاع الاجتماعية لغايات سياسية، كما دعا بعض الإدارات إلى التوقف عن خدمة جهات وأحزاب، مع ضرورة حسم هذه المسألة خلال الساعات القادمة.

وأدلى الرئيس سعيّد بتصريحاته من وزارة الفلاحة، التي زارها والتقى وزيرها عبدالمنعم بلعاتي وكادرها، بحسب مقطع فيديو نشرته مساء الإثنين رئاسة الجمهورية عبر صفحتها على فيسبوك.

ويشكو التونسيون هذه الأيام من فقدان الخبز الذي يشكل مادة أساسية في وجباتهم اليومية، بسبب النقص الحاد في مادة الدقيق الأبيض، الأمر الذي اضطر العديد من المخابز إلى الإغلاق فيما تكافح البقية لتوفير الحد الأدنى.

وقال الرئيس التونسي في كلمته "جملة من الدوائر واللوبيات تسعى إلى تأجيج الوضع، وأن أسماءهم معروفة"، دون الخوض بالتفاصيل، منوهًا إلى أنه "لا يمكن مواصلة التعامل مع من يعبثون بقوت المواطن وحياته في كل أوجهها، وتركهم يخلقون الأزمة تلو الأخرى.. أزمة الخبز والسكر والقهوة والزيت النباتي".

وشدد الرئيس سعيّد في كلمته على أن "خبز المواطن والمواد الأساسية يجب أن تتوفر، وهذا دور وزارة الفلاحة (الزراعة)، وديوان الحبوب (حكومي) وكل الإدارات المعنية في الدولة التي يجب أن تتصدى للمحتكرين والعابثين بقوت التّونسيين".

وأضاف "الهدف من هذه الأزمات المتعاقبة تأجيج المجتمع لغايات سياسية واضحة، وعلى الشعب والمخلصين للوطن الانتباه إلى ذلك".

وأكد سعيّد على أن "المسؤولين في الإدارات التونسية يجب أن ينضبطوا لمبدأ الحياة ومبدأ المصلحة العامة، لا أن يخدموا جهات أخرى وأحزابا لا تظهر في الصورة، لكنها تقف وراء كل هذا، ونحن نعرفهم بالأسماء ولن نسكت على تجويع الشعب التونسي".

وأشار إلى أن "مسارات التوزيع التي من المفترض أن تكون واضحة، لا تسير على النحو الصحيح، والنسبة الأكبر من مختلف السلع المؤثرة في السوق تُدار خارج المسالك الرسمية".

وتشهد تونس منذ أشهر نقصا حادا في عدد من المواد الأساسية بينها القهوة والسكر والحليب والزيت المدعم، وقد سجلت البلاد في الفترة الأخيرة عودة بعض تلك المواد، لكن بوتيرة بطيئة. ويربط الرئيس سعيد هذا النقص بالاحتكار، وسعي بعض الأطراف التي كانت متحكمة في المشهد السياسي طيلة السنوات الماضية لإخفاء السلع لزيادة الضغوط الشعبية عليه.

وسبق أن دعا الرئيس التونسي إلى ضرورة التصدي لكل التجاوزات المتعلقة بعمليات الاحتكار والمضاربة بهدف حماية قوت المواطنين، فضلا عن إيجاد إطار قانوني لمسالك التوزيع، كما حذر من التخفي وراء جهات معينة للمزيد من تأزيم الأوضاع الاجتماعية في البلاد.

من جهته، قال الوزير بلعاتي أثناء حديثه للرئيس التونسي خلال اللقاء "إن الجهود تتظافر بين الوزارة وديوان الحبوب، كي لا تتسرب الحبوب إلى مسالك التوزيع غير الرسمية ولا يتفاقم الوضع وتكون الأزمة أكثر حدّة".

وكان رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز المصنّفة محمد بوعنان، قد كشف الثلاثاء، أنّ نقص مادة الخبز بعديد المخابز بالبلاد، سببه عدم تمكينها من مادة الدقيق، على إثر عدم وصول القمح للمطاحن منذ أسبوع.

وأوضح بوعنان في تصريح لإذاعة "شمس" المحلية الخاصة أنّ "مخزونات عديد المخابز من مادة الدقيق، والتي تكفي لفترة تتراوح بين 5 و10 أيام، قد انتهت خاصة في إقليم تونس الكبرى (4 محافظات متجاورة بما فيها العاصمة تونس)، مؤكدًا أنه أغلقت حوالي 15 مطحنة من جملة 22 بسبب عدم توفر القمح، وبالتالي لا يمكن للمخابز أن تشتغل".

وانتقد بوعنان ما وصفها بـ"المحاباة في توزيع القمح"، قائلًا إنّ الخبز يمثّل أولوية بالنسبة للمرطبات والحلويات، وطالب بمنح الدقيق للخبّاز وإيلائه الأهمية على صانعي الحلويات.

كما أشار إلى أنّ المخابز عادت للعمل تدريجيا بكمية قليلة جدا من الخبز، مضيفا أنّ الغرفة التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، لم تتوقع هذه المشكلة، فالنقص جدث بطريقة فجئية، مردّه تأخر باخرة محمّلة بالقمح الليّن.

وكانت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب قد أكدت في تصريحات لإذاعة "جوهرة" المحلية الخاصة توفر مادة الدقيق بعد توريد كميات من القمح الصلب، مشيرة إلى أنه تم تدارك النقص الذي حصل نهاية الأسبوع الماضي لكن تزامن ذلك مع الراحة الأسبوعية لبعض المخابز أدى إلى حالة من الاضطراب في التوزيع.

وطمأنت الوزيرة التونسية بأن الخبز سيكون متوفّرا في الصيف رغم تقلّص إنتاج الحبوب وشح المياه. وأضافت أن الوزارة واعية بالمعطيات المناخية الطارئة ووزارة الفلاحة بصدد توريد حاجياتها من القمح الصلب باعتبار أن القمح اللين متوفر.

ودعت وزيرة التجارة المواطنين إلى تجنّب اللهفة واقتناء كمية كبيرة من الخبز، مؤكدة أن الوزارة تتابع يوميا وضعية تزويد المخابز. وأشارت الوزيرة إلى أن إشكال التزود بمادة القمح الصلب قد جرى تجاوزه وأن نسق تزويد المخابز بمادة الدقيق المدعم اللازمة لصنع الخبر سيعود بنسق عادي.

وكان الرئيس التونسي قد تطرق إلى أزمة نقص الخبز خلال لقائه السبت الماضي بوزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب مرجعا فقدان هذه المادة ببعض المناطق إلى سعي البعض دون تسميتهم لاختلاق الأزمات بهدف تأجيج الأوضاع، لافتا إلى أنه من غير المقبول أن يتوفر الخبز في مناطق ويختفي بمناطق أخرى.

وحث الرئيس سعيد مؤسسات الدولة على تحمل مسؤوليتها لوضع حد للاحتكار والتلاعب، علما بأنه كان قد أقال وزيرة التجارة السابقة فضيلة الرابحي في مطلع يونيو الماضي في خضم انتقادات وجهت لها بالتقاعس في مواجهة شح المواد الأساسية وغلاء الأسعار.

ومنذ عام 2021، تراجع إنتاج الحبوب في تونس لأسباب مناخية، وانتقلت تداعياته بعد شهور قليلة إلى الأسواق المحلية، من حيث عدم توفر كميات مطمئنة من القمح الصلب المستخدم في إنتاج الخبز.

ووجدت الحكومة أن الحل يكمن في اللجوء إلى الاستيراد، ولكن حتى هذا الأمر اعترضته عراقيل بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.