قيس سعيد يؤكد على أهمية دعم البنك المركزي وانسجامه مع سياسة الدولة

تونس - أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء الجمعة على أن بلاده قوية ولها إرادة ثابتة للحفاظ على اقتصادها وعلى التوازنات المالية، مشدّدا على دور البنك المركزي في "دعمها والانسجام مع سياسات الدولة". ويقول مراقبون إن الرئيس التونسي يراهن على دور البنك المركزي كمؤسسة مالية مهمة، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الأوكرانية التي بدأت أواخر فبراير 2022.
وبحسب مقطع فيديو بثته الرئاسة التونسية عبر حسابها الرسمي على فيسبوك، التقى قيس سعيّد بمحافظ البنك المركزي مروان العباسي ونائبته نادية قمحة، إثر زيارة غير معلنة مسبقا أجراها إلى مقر البنك بالعاصمة تونس. وشدد سعيد خلال حديثه على أن "زرع الشك وضرب إرادة التونسيين والرضوخ لصندوق النقد الدولي وقبول الإملاءات الخارجية أمر لن يقبله التونسيون"، مؤكدا أن بلاده "قوية ولها إرادة ثابتة للحفاظ على اقتصادها وعلى التوازنات المالية وأن دور البنك المركزي يكمن في دعمها والانسجام مع سياسات الدولة".
وأضاف أن "من واجبات البنك المركزي دعم الميزانية العامة، فضلا عن العمل على مجابهة التضخم”، مشيرا إلى أن خيارات بلاده المالية والاقتصادية والنقدية “يجب أن تنبع من مبادئ التونسيين وإرادتهم". واعتبر أن "لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي لم تقم بالدور الموكول إليها في تحديد مصادر التحويلات المالية التي تصل إلى تونس".
وأوضح أن "التحويلات المالية التي وصلت إلى محافظة صفاقس (جنوب) عبر البريد التونسي (حكومي) بلغت 33 مليون دينار (نحو 10.52 ملايين دولار) دون احتساب التحويلات عبر البنوك”، في إشارة إلى تلقي مهاجرين غير نظاميين مبالغ طائلة دون الإفصاح عن مصدرها. وفي يوليو الماضي، نشر حساب الرئاسة على فيسبوك بيانات أظهرت أن “قيمة التحويلات المالية التي انتفع بها أجانب من جنسيات أفريقية في مدينة صفاقس لوحدها بين شهري يناير ويونيو من السنة الحالية 23 مليون دينار تونسي (7.5 ملايين دولار)".
ولفت سعيد إلى أن "تونس ستجابه الفساد ولن ترضى بتواصل تحكم اللوبيات (قوى الضغط لم يحددها) في مفاصل الدولة التي تمس صورتها". وتتفاوض تونس مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويل جديد لسدّ عجز الموازنة العامة. وكان الصندوق أعطى ضوءاً أخضر أول لتونس في أكتوبر الماضي بإعلان موافقة مبدئية على منحها هذا القرض. لكن منذ ذلك الحين تعثرت المفاوضات حول هذا القرض البالغة قيمته 1.9 مليار دولار وتوقفت المشاورات بين الطرفين منذ نهاية العام 2022.
ويرفض سعيّد ما يعتبره "إملاءات" الصندوق، خصوصا في ما يتعلق برفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، ويرى فيها "تهديدا للسلم الاجتماعي" في البلاد. من جهته، قال محافظ البنك المركزي إن "مؤسسته ساهمت في تمويل الميزانية ومن دورها بحث مصلحة البلد، لكن من أسباب تراجع الاقتصاد عدم تطور الاستثمارات بسبب عدم تسهيل إنفاذ مشاريع المستثمرين".
وأضاف أن القوانين في البلاد "غير واضحة في خصوص تشجيع المستثمرين". وخلال أغسطس الماضي، بلغ التضخم في تونس 9.3 في المئة، ورفع المركزي نهاية ديسمبر الماضي سعر الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس لتصل إلى 8 في المئة لمواجهة ارتفاع التضخم، وأبقى البنك على هذه النسبة في اجتماعه الخميس. واعتبر العباسي أن السياسة النقدية وسعر الصرف في تونس لا يزالان رغم الظروف الصعبة تحت السيطرة، وأن المركزي أحال مشروعي قانون الصرف وقانون الاندماج المالي إلى رئاسة الحكومة.
وشدد على أن “الوضعية النقدية في تونس أفضل من توقعات 2022 وذلك رغم ظروف الحرب الدائرة في أوكرانيا”، مبينا أن التونسيين في الخارج ساهموا في توفير عائدات بالعملة الصعبة خلال السنوات الثلاث الماضية وقد فاقت عائدات القطاع السياحي، وأنه يمكن توفير موارد أفضل.
وعبّر العباسي، في سياق متصل بمشروع قانوني الصرف والاندماج المالي، عن أمله في أن “يصادق عليهما مجلس وزاري في القريب العاجل ليتم بعد ذلك إحالتهما الى مجلس النواب لأنهما من أوكد الأولويات لإصلاح الأوضاع المالية في تونس"، ملاحظا أن "ارتفاع السيولة في السوق التونسية لتناهز قيمتها حاليا 20 ألف مليار دينار، (6.39 آلاف مليار دولار)”، ومؤكدا على "أهمية إضفاء المزيد من الشفافية في المعاملات المالية والتحكم في السوق الموازية".
ويعزز القانون المتعلّق بضبط النظام الأساسي للبنك الصادر سنة 2016 هو قانون استقلالية المركزي التونسي وتمت المصادقة عليه حينها كجزء من شروط الحصول على قرض سابق من صندوق النقد الدولي، ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لم يكن هذا التوجه محل إجماع أبدًا، وعادة ما يطرح نقاش ورؤى متباينة بخصوصه خاصة كلما تم ترفيع نسب الفائدة.