قيس سعيد مرشح فوق العادة لاستكمال الإصلاحات

تونس- أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد الجمعة أنه سيترشح لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس من أكتوبر، وهي خطوة متوقعة في وقت يعتقد فيه طيف واسع من التونسيين بضرورة بقاء قيس سعيد لولاية جديدة حتى يتمكن من استكمال الإصلاحات التي بدأها وتجاوز العراقيل التي اعترضته.
وفي ما يبدو قيس سعيد مرشحا فوق العادة للفوز بولاية جديدة، تظهر المعارضة في موقع الطرف الضعيف العاجز عن اتخاذ خطوات عملية يمكن أن تحد من فرص نجاح سعيد، خاصة مع استحالة الاتفاق على مرشح واحد في ظل الخلافات التي ورثتها الأحزاب والمجموعات المختلفة من مرحلة ما قبل 25 يوليو 2021.
وقال قيس سعيد في مقطع مصور بثته الرئاسة “أعلن رسميا ترشحي للانتخابات الرئاسية يوم السادس من أكتوبر القادم لمواصلة مسيرة النضال في معركة التحرير الوطنية”.
ومتحدثا من منطقة برج الخضراء بتطاوين في جنوب تونس، أكد سعيد أنه يلبي بذلك “الواجب الوطني المقدس” حيث “لا مجال للتردد”.
وأضاف “أدعو الجميع ممن سيقومون بالتزكية إلى الانتباه من كل أشكال الاندساس والمغالطة (…) وإلى ألاّ يقبلوا بأيّ مليم من أيّ جهة كانت، ومن قبل حتى بمليم واحد فأنا منه براء”، مؤكدا التعويل “على قدراتنا الذاتية وحدها”.
ويحرص سعيد على أن يبدو باستمرار في صورة المسؤول النظيف، الذي لا يتهاون في ما يتعلق بحق الدولة، وهو ما أكسبه شعبية كبيرة قادت إلى انتخابه في 2019 وينتظر أن تساهم في حصوله على ولاية جديدة.
لكن مراقبين سياسيين يرون أن خطاب المرحلة الماضية بشأن نظافة اليد لم يعد يكفي، وأن المرحلة المقبلة ستكون للأفعال.
ويريد التونسيون من قيس سعيد استكمال ما بدأه في الحرب على الفساد وتفكيك اللوبيات وإصلاح الاقتصاد وبناء علاقات خارجية متوازنة تكون قادرة على مساعدة البلاد في الخروج من أزمتها الاقتصادية.
وأكد المحلل السياسي التونسي المنذر ثابت أن ” انتظارات التونسيين الآن تتعلق بالذهاب نحو ملفات التنمية أوّلا ووضع تونس على مدار الدول النامية إقليميا، فضلا عن تطوير المنظومة الاقتصادية، ثم إنجاز المصالحة بعد سنوات من الخلافات”.
وأضاف ثابت لـ”العرب” أن “هناك انقسامات ضرورية، لكن ما يتطلع إليه الشعب التونسي هو طي صفحة الماضي نهائيا، وهنالك مهام جديدة في علاقة بالمرفق العمومي ومسألة استيعاب تونس للتكنولوجيات الجديدة”.
ولفت إلى أن “الرئيس سعيد الآن لديه أغلبية في الشارع، والموقف من الأحزاب لا يزال سلبيا داخل أغلبية المجتمع التونسي، لكن ننتظر حملة انتخابية حقيقية”، مؤكدا أن “وضع قيس سعيد مريح بالمقارنة مع الشخصيات المترشحة، والأغلبية لا تزال تثق بخياراته”.
وأشار إلى أن “إستراتيجية جبهة الخلاص المعارضة تفككت بعد إعلان عبداللطيف المكي عن ترشحه، ويبدو أن هناك معارضات متشتتة لم تنجح في بناء خطة واضحة حول مسار 25 يوليو”.
وسعيّد خبير دستوري انتُخب ديمقراطياً في أكتوبر 2019 رئيساً للجمهورية.
وفي صيف العام 2022 أقرّ الناخبون التونسيون في استفتاء عام مشروع دستور جديد للبلاد وضعه سعيّد وأرسى دعائم نظام جديد يقوم على مجلسين يتمتعان بسلطات محدودة للغاية، هما مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للأقاليم والمقاطعات.
وأدّى هذا التعديل الدستوري إلى نقل تونس من نظام حكم برلماني إلى نظام رئاسي مطلق.
وأكد المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان أن “الرئيس سعيد مارس حقه في الترشح وبالتالي الأمر ليس مفاجئا لأحد، وهو لا يكلف أحدا ولا يعطي تفويضا لأحد للحديث باسمه، بل كان واضحا عندما حذّر كل من سيجمع الأموال باسمه بأنه براء منه”.
وقال الترجمان في تصريح لـ”العرب”، “ننتظر إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، والشعب التونسي له الاختيار، لكن هناك حالة من الرضا الشعبي وخاصة منذ 25 يوليو 2021 على مسيرة سعيد، وهو ليس في حملة منافسة مع أحد”.
وأشار الترجمان إلى أن “أحزاب المعارضة لم تفهم أنها في قطيعة تامة مع الشعب وهي التي كانت شريكة في إفشال التجربة الديمقراطية، الآن تريد أن تعيد الزمن إلى الوراء”.
وتابع “هناك عدد كبير من الأشخاص يرون أنهم قادرون على الفوز بالانتخابات، لكن الشعب سيقول كلمته في النهاية”.
وتعرف المعارضة وضعا صعبا في ظل سجن عدد من وجوه الصف الأول على ذمة قضايا مختلفة، وتقديم أسماء جديدة بلا خبرات ولا أفكار واضحة، ما يمهد الطريق لفوز سهل أمام قيس سعيد، لكن الرهان بالنسبة إلى الرئيس التونسي هو الانتقال إلى مرحلة جديدة.
ويقف الكثير من الفئات الشعبية مع الرئيس سعيد، لكنهم يريدون تنزيل انحيازه لهم في برامج حكومية تفصيلية ومشاريع تُرى رأي العين.
يريد الناس أفكارا حكومية عملية وملموسة لتحسين واقع الزراعة في البلاد، وكيفية تأمين تزويد السوق بالخضروات والغلال واللحوم الحمراء والبيضاء والحد من الأسعار المنتفخة، وتقديم بدائل محلية لأزمة الأعلاف الحيوانية التي تغذي أزمة الأسعار.
ويفهم الرئيس سعيّد هذه المطالب، ولذلك حث رئيس الحكومة أحمد الحشّاني على “ضرورة تعزيز العمل الحكومي خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والإسراع في إعداد النصوص التشريعية التي تقطع مع الماضي وتفتح آفاقا أوسع لكل التونسيين من أجل تحقيق الثروة والتوزيع العادل لها”.