قوى معارضة تطرح مبادرة لكسر الجمود السياسي في الجزائر

تحذيرات من خطورة إغلاق المجال السياسي والإعلامي على السلم الأهلي.
الأربعاء 2023/04/19
حريات مقيدة

تحاول بعض قوى المعارضة في الجزائر كسر الجمود السياسي الذي طبع المشهد منذ نجاح السلطة السياسية في استعادة قبضتها على البلاد واحتواء الحراك الشعبي، ويتشكك كثيرون في جدوى هذه المحاولات بسبب التعاطي السلبي للسلطة.

الجزائر - أطلقت أحزاب معارضة في الجزائر مبادرة سياسية طالبت من خلالها السلطة برفع يدها عن الحريات، والذهاب إلى إجراءات تهدئة سياسية، لكنها تبقى، وفق متابعين، محاولة معزولة من أجل إعادة الروح لمكونات سياسية ومشهد حزبي وأهلي يلفظ أنفاسه، بعدما بات أمرا واقعا تراه السلطة استقرارا للبلاد، وتراه المعارضة مؤشر انفجار.

وتضم المبادرة السياسية ثلاثة أحزاب؛ هي حزب العمال، وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والاتحاد من أجل التغيير والرقي.

ولم تتأخر السلطة كثيرا في الرد الضمني على المبادرة، من خلال رفض سلطات محافظة تيزي وزو شرق الجزائر منح قيادة حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ترخيصا لاستغلال قاعة عمومية في تقديم محاضرة سياسية حول ما يعرف بـ”أحداث الربيع الأمازيغي”.

وذكر رئيس حزب التجمع عثمان معزوز في بيان أن “السلطات المحلية لمدينة تيزي وزو رفضت الترخيص باستغلال الحزب لقاعة سينما ميزرانة ببلدية تقزيرت، وأن المصالح الإدارية المختصة إقليميا أخبرت مسؤولي الحزب بأن كل النشاطات العمومية مجمدة أو ملغاة عشية ذكرى الربيع الأمازيغي التي تصادف يوم 20 أبريل”.

وأضاف معزوز أن الإدارة أعلمت مسؤولي الحزب بأن “التجميد أو الإلغاء يشمل حتى النشاطات الثقافية والرياضية”، لكن الحزب “متمسك بتسجيل الحضور السياسي في الذكرى الرمزية، من خلال الإلحاح على إيداع طلب آخر لتنظيم محاضرته في أقرب الآجال”.

المبادرة تضم ثلاثة أحزاب؛ هي حزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والاتحاد من أجل التغيير والرقي

وتبقى ذكرى الربيع الأمازيغي واحدة من محطات المسار النضالي السياسي والثقافي في الجزائر، وبفضلها تكرست أبعاد المكون الأمازيغي في الشخصية والهوية الثقافية واللغوية، وهي رمز للتضحيات التي قدمتها نخب أمازيغية على مدار عقود الاستقلال الوطني، من أجل افتكاك اعتراف سياسي قبل أن يكون ثقافيا.

وجاءت المبادرة التي عرضتها الأحزاب الثلاثة التي يصفها البعض بالمعارضة الراديكالية، على أمل تحريك المياه الراكدة والحد من سطوة السلطة على المشهدين السياسي والإعلامي والحقوقي.

وتحت عنوان “نهج سياسي موحد ووطني ومسؤول” دعت الأحزاب الثلاثة إلى اتخاذ إجراءات تهدئة سياسية، من خلال الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وإنهاء المتابعات القضائية المجرّمة للرأي والصحافة، وإلغاء القوانين القمعية المخالفة للدستور.

واستطاعت السلطة صرف أنظار القوى السياسية والأهلية والحقوقية عن الأوضاع والحريات السياسية والإعلامية في البلاد، بالإمعان في المزيد من إجراءات الرقابة والقمع وترويض الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام، لكن الاهتمام الإقليمي والدولي بالوضع المأزوم داخل البلاد تعتبره أحزاب معارضة وسيلة من وسائل الابتزاز السياسي وتحمّل السلطة مسؤولية ذلك، بسبب ما تصفه بـ”سياسة تكميم الأفواه، وعدم تقدير عواقب الدوائر المتربصة”.

المبادرة جاءت على أمل تحريك المياه الراكدة والحد من سطوة السلطة على المشهدين السياسي والإعلامي والحقوقي

وتضمنت المبادرة المطروحة “تشكيل لجنة للتفكير والمناقشة تكون مكلفة بتنظيم المزيد من المناقشات، بعد تلك التي جرت ثنائيا، ثم في اجتماع ثلاثي بمقر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، كما كلفت اللجنة باقتراح أشكال عمل مشترك وتحديد أهداف المرحلة، على أن يحتفظ كل حزب باستقلاليته في التعبير عن مواقفه واتصالاته مع القوى السياسية والاجتماعية الأخرى”.

وتعد هذه المبادرة الأولى من نوعها منذ استعادة السلطة للمبادرة في الشارع الجزائري وتطويقها للحراك الشعبي بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية العام 2019، ثم جائحة كورونا وأحداث منطقة القبائل التي ساهمت كثيرا في تراجع وتيرة الحراك لصالح قبضة السلطة.

ودعا البيان المشترك للأحزاب الثلاثة السلطة القائمة إلى ما سمّاه “التعقل، لضمان مصالح الوطن وسيادته من خلال فتح المجال السياسي والإعلامي، وإزالة جميع العقبات التي تحول دون عودة الظروف الطبيعية للعمل السياسي والنقابي والجمعوي”.

ولفت البيان إلى أن “الإغلاق التام للمجال السياسي والإعلامي يفتح الطريق أمام العنف كوسيلة للتعبير عن المطالب، كما أن هذا المسار الرجعي الذي يهمش القوى الحية للبلاد يشجع الانتهازية وهيمنة المصالح الخاصة، ويضعف في الواقع أي بناء لجبهة للدفاع عن السيادة الوطنية”.

ودق موقعو البيان أجراس الإنذار، حيال“التدهور المخيف للظروف المعيشية لشرائح واسعة جدا من السكان، بسبب مزيج من التضخم المستورد والمحلي، زيادة على فقدان السيطرة على السوق من قبل السلطات العمومية، ومن ثمة عجزها على إدارة الشؤون الاقتصادية للبلاد“، في إشارة إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تسود البلاد بسبب أزمة التضخم وارتفاع الأسعار وتوسع دائرة الفقر، على الرغم من العائدات المالية الكبيرة للغاز.

4