قوى عراقية تستعد للانتخابات بالاستثمار في العامل المناطقي بدلا من الطائفي

نواب أكراد ردا على نواب من الوسط والجنوب: أنتم فاشلون في مناطقكم ويحرككم الحسد والكراهية.
الاثنين 2025/01/27
الديمقراطي الكردستاني قرر عدم السكوت

قيام قوى سياسية عراقية بإضفاء بعد مناطقي على الخلافات المالية بين السـلطة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق يعكس رغبة تلك القوى في استثمار الخلافات انتخابيا ومحاولتها استمالة جمهور مناطق وسط البلاد وجنوبها، والذي لم تعد الشعارات الطائفية تغريه بعد أن وقف على عدم جدواها في حل مشاكله الحياتية وتحسين أوضاعه الاجتماعية.

بغداد - تتصاعد تحت قبة البرلمان العراقي معركة سياسية ذات أبعاد مناطقية فجرتها قوى ترفع شعار الدفاع عن مصالح محافظات الوسط والجنوب وذلك في توجه نحو استخدام الاعتبارات المناطقية كورقة لاستمالة جمهور يبدو أنّ الشعارات الطائفية لم تعد تغريه. وشرعت مجموعة من أعضاء مجلس النواب العراقي تطلق على نفسها “تجمّع نواب الوسط والجنوب” في توظيف الخلافات بين الحكومة الاتّحادية وسلطات إقليم كردستان العراق حول حصة الإقليم من موازنة الدولة ورواتب موظفيه وتصدير النفط المنتج في حقوله، استعدادا للانتخابات البرلمانية القادمة وذلك بتقديم نفسها لسكّان محافظات وسط البلاد وجنوبها كمدافعة عن مصالحهم المادية وحقوقهم المالية.

ومعروف عن سكّان تلك المحافظات أنّهم يمثّلون الخزّان الانتخابي للأحزاب الشيعية القائدة للعملية السياسية التي انطلقت في العراق بعد غزوه من قبل الولايات المتّحدة، حيث كانت تلك الأحزاب تستثمر في انتمائهم الطائفي الشيعي، لكنّ تفجّر انتفاضة سنة 2019 في مناطق الوسط والجنوب بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية وتردي الخدمات أظهرا أن الشعارات الطائفية لم تعد تغري السكان الذين وقفوا على فساد القوى التي ترفعها.

وأطلق التجمّع المذكور معركة جانبية أخرى تحت قبّة البرلمان ودخل على خطّ السجال الساخن الدائر حاليا بين سلطات إقليم كردستان المطالبة بحل مشكلة الرواتب وقضية الموازنة تصدير النفط، والسلطات الاتّحادية العراقية المتمسّكة بتشدّدها في تلك الملفات بدفع من الأحزاب الشيعية المتنفّذة في الدولة، موجّها اتهامات قاسية لحكومة الإقليم بـ”تسويق الأكاذيب من أجل التغطية على السرقات وهدر أموال العراق وتجويع الشعب العراقي في كردستان والمتاجرة برواتب الموظفين والمتقاعدين.”

◙ تساؤلات عن مصير 93.5 في المئة من موازنة الدولة ما دام إقليم كردستان لا يحصل منها سوى على ما نسبته 6.5 في المئة

كما اتهمها في بيان بتهريب النفط وبيعه بأسعار بخسة، محذّرا حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني من “إطلاق أي مبلغ لحكومة الإقليم،” ومهدّدا بـ”استجواب وزيرة المالية لمخالفتها قانون الموازنة بإطلاق الأموال للإقليم وامتناعها عن تمويل باقي المحافظات، وخصوصا محافظات الوسط والجنوب.”

وأثارت تلك الاتهامات حفيظة عدد من ممثّلي المكوّن الكردي في مجلس النواب. وردّت كتلة الحزب الديمقراطي القائد الرئيسي لحكومة إقليم كردستان بإصدارها بيانا وصفت فيه ما ورد في بيان تجمّع نواب الوسط والجنوب بإنّه “استهداف سافر لإقليم كردستان وشعبه، وتلويح بقطع الرواتب وقوت المواطنين.”

كما عكست كتلة الديمقراطي الهجوم على نواب التجمّع مؤكّدة أنّ ما جاء في بيانهم “يتناقض تماما مع الواقع المزري الذي تعانيه محافظات الوسط والجنوب، حيث يفتقر المواطنون لأبسط مقومات الحياة الكريمة من خدمات وطرق ومستشفيات.” ولفتت إلى أنّ “نحو 6.5 في المئة فقط من الموازنة الاتحادية يُرسل إلى الإقليم”، متسائلة “أين تُصرف نسبة الـ93.5 في المئة المتبقية من الموازنة”، ومعتبرة أن الأرقام “تدحض ادعاءات هذه المجموعة بتمثيلها لأهل تلك المناطق.”

وأضافت الكتلة في بيانها "في الوقت الذي تعتبرون كردستان ليس  جزءا من العراق، ولكنكم لا تكفون أيديكم عنه ولن تصلوا إلى مستوى تطوره وتقدمه . ولأنكم تخافون من العيش في باقي مناطق العراق، لذا تنقلون منازلكم إلى كردستان."

وعكست قسوة الخطاب الوارد في بيان نواب الديمقراطي الكردستاني حجم الغضب السائد في الإقليم من القوى العراقية الواقفة وراء تعقيد قضية الرواتب والنفط والموازنة، حيث خاطب نواب الحزب نواب التجمّع بالقول إنّ "الحسد والغيرة أعمتا بصيرتكم وحجبتا عنكم رؤية الحقيقة الجليّة"، مذكّرة بأن "إقليم كردستان إقليم اتحادي بموجب الدستور، ولا يحق لكم التدخل في شؤونه الداخلية، ولن نسمح لكم.”

واتجهت كتلة الحزب الديمقراطي دون مواربة نحو كشف الخلفيات السياسية والانتخابية لما أورده تجمّع النواب الذين خاطبهم البيان بالقول “لقد وصلتم إلى السلطة بفضل انسحاب بعض النواب وحتى 10 في المئة من أبناء محافظاتكم لم يصوتوا لكم، فبأي صفة تتحدثون باسم العراق. وكان الأولى بهذه المجموعة أن تطالب بحقوق أبناء الوسط والجنوب المهمشين الذين يئنون تحت وطأة الفقر والحرمان، بدلا من استهداف الإقليم ومواطنيه.”

وأضافت الكتلة في بيانها “في الوقت الذي تعتبرون كردستان ليس جزءا من العراق، ولكنكم لا تكفون أيديكم عنه ولن تصلوا إلى مستوى تطوره وتقدمه. ولأنكم تخافون من العيش في باقي مناطق العراق، لذا تنقلون منازلكم إلى كردستان.”

وعكست قسوة الخطاب الوارد في بيان نواب الديمقراطي الكردستاني حجم الغضب السائد في الإقليم من القوى العراقية الواقفة وراء تعقيد قضية الرواتب والنفط والموازنة، حيث خاطب نواب الحزب نواب التجمّع بالقول إنّ “الحسد والغيرة أعمتا بصيرتكم وحجبتا عنكم رؤية الحقيقة الجليّة،” مذكّرة بأن “إقليم كردستان إقليم اتحادي بموجب الدستور، ولا يحق لكم التدخل في شؤونه الداخلية، ولن نسمح لكم.”

وورد ضمن العبارات القاسية المضمّنة في بيان الكتلة “إنّ انتماءكم لفئة تتّسم بالكراهية والشوفينية المقيتة، لا يمنحكم الحق في تمثيل كلّ الشعب العراقي، ولستم بممثلي أهل الوسط والجنوب، فثمة علاقات تاريخية وطيدة بين شعب كردستان وأهلنا في الوسط والجنوب، وهذه الأباطيل والافتراءات لا تنطلي عليهم.” وورد أيضا “بسبب نهبكم وفسادكم وعدوانيّتكم وكراهيّتكم للقوميات والأديان والمذاهب المختلفة، لن تُفلحوا أبداً. احذروا مغبّة هذه المواقف العدائية، لأنّ مآلكم الفشل لا محالة.”

ويقوم استثمار قوى سياسية عراقية في الخلافات المالية بين الحكومة الاتّحادية وسلطات منطقة الحكم الذاتي لأكراد البلاد على فكرة واضحة لكنّها متناقضة مع المبدأ الاتحادي الذي تقوم عليه الدولة العراقية منذ سقوط نظام حزب البعث وتتمثّل في تفعيل ورقة استحقاقات محافظات الجنوب والوسط باعتبار أن النفط المنتج في بعض تلك المحافظات يمثّل أهم مورد مالي للدولة، وأنّ الأجدر أن يتمتّع سكانها بتلك الموارد قبل سكان مناطق أخرى في مقدمها محافظات إقليم كردستان. وأعلن مؤخرا عن تشكيل تجمع نيابي داخل مجلس النواب العراقي باسم “جبهة نواب الوسط والجنوب” قال مؤسسوه إنّه يتبنى مطالب سكان تلك المحافظات باستحقاقاتهم من موارد الدولة.

وتمثّل المحافظات المذكورة المعقل الرئيسي للطائفة الشيعية في العراق وتنظر إليها الأحزاب والفصائل الشيعية المسلّحة باعتبارها خزّانها الجماهيري. غير أنّ سكانها ينظرون إلى تلك القوى نفسها باعتبارها مسؤولة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها وذلك بفعل فسادها الذي تسبب بإهدار أموال ضخمة من عوائد النفط وأدى إلى استشراء الفقر والبطالة وتردّي الخدمات العامّة.

3