قوى عراقية تبحث عن تحالفات انتخابية خارج عائلاتها السياسية

تحالفات حزبية جديدة لا تخلو من تكتيك سياسي بهدف استمالة شرائح عراقية غير راضية عن تجربة الحكم القائم في البلاد.
الخميس 2025/04/24
صعوبة تكرار التجربة لا تمنع من المحاولة

بغداد- نشطت في العراق المشاورات والاتّصالات الهادفة إلى تشكيل التكتلات السياسية والتحالفات الحزبية استعدادا للانتخابات البرلمانية المقرّرة لشهر نوفمبر القادم والتي تثير اهتماما شديدا لدى مختلف الشخصيات والتيارات الموجودة على الساحة، كونها محطّة رئيسية بالنسبة إليها في ضمان مكان ودور لها في منظومة الحكم ومواقع السلطة.

وتتّخذ عمليات البحث عن حلفاء مظهر السباق كون بعض الجهات الوازنة مطلوبا التحالف معها بغض النظر عن درجة الاختلاف والتباين مع توجهاتها وبرامجها.

ووسعت قوى وشخصيات شيعية وأخرى سنية وثالثة توصف بالمدنية دائرة بحثها عن حلفاء من خارج عائلاتها السياسية ودائرتها الفكرية والأيديولوجية لخوض المعركة الانتخابية معها بشكل مشترك، ما يعكس الطابع المصلحي الظرفي للتحالفات التي يتم تشكيلها قبل كل موعد انتخابي في العراق.

◄ عدنان الزرفي أصبح من الناقدين البارزين لتجربة الحكم ولأبرز القوى والأحزاب القائدة لتلك التجربة

وظهر منذ سنوات توجّه لدى بعض قادة الأحزاب الشيعية نحو التحالف مع قوى من خارج عائلتها السياسية بما يخدم ترويجها لأحزابها باعتبارها قوى وطنية غير طائفية وعابرة لحدود الأديان والقوميات والطوائف.

ولا يخلو ذلك التكتيك السياسي من فوائد في استمالة شرائح عراقية غير راضية عن تجربة الحكم القائم في البلاد على تلك الأسس منذ أكثر من عقدين وما خلقته من مشاكل وعثرات على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية.

وشرعت القوى المدنية ومن ضمنها الحركة المدنية الوطنية والحزب الشيوعي العراقي بعقد لقاءات ومباحثات تشاورية مع قوى أخرى للوصول إلى مشروع تحالف واسع لخوض الانتخابات التشريعية القادمة، بحسب ما أوردته شبكة رووداو الإعلامية.

ونقلت الشبكة عن شروق العبايجي أمين عام الحركة المدنية الوطنية، ورائد فهمي سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي قولهما إن اللقاءات والاتصالات الهادفة إلى تشكيل التحالفات الانتخابية شملت قوى وشخصيات سياسية متعددة، حيث أشار فهمي إلى دخول كل من النائب عدنان الزرفي ورئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي على خطها بصورة مباشرة.

وسبق لاسم الزرفي أن برز بشكل كبير كمرشح لخلافة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي الذي أجبرته انتفاضة سنة 2019 على التنحي، لكنّ اختياره للمنصب من قبل رئيس الجمهورية آنذلك برهم صالح فجّر عاصفة من احتجاجات القوى السياسية على عدم دستورية الخطوة.

◄ بعض قادة الأحزاب الشيعية مهتمون بالترويج لأحزابهم باعتبارها قوى وطنية عابرة لحدود الأديان والقوميات والطوائف

ويقود الزرفي حركة الوفاء وقد أصبح من الناقدين البارزين لتجربة الحكم ولأبرز القوى والأحزاب القائدة لتلك التجربة.

أما العبادي فهو ابن أصلي للتشيع السياسي إذ إنّه سليل حزب الدعوة الإسلامية قبل أن يختلف جذريا مع قيادته ممثلة برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وينسحب منه ليقود تياره الخاص تحت مسمّى تحالف النصر في إحالة إلى الحرب ضد تنظيم داعش التي قادها من موقعه كرئيس للوزراء وقائد عام للقوات المسلّحة بين عامي 2014 و2018.

ويروّج العبادي لخطاب معتدل ويظهر اهتماما بالغا بنحت صورة له كرجل دولة مُتَسَام على الاعتبارات العرقية والطائفية، ما يجعله حليفا نموذجيا لبعض القوى المدنية.

رائد فهمي: نحن بصدد تكوين تحالف مدني وطني تشارك به قوى وشخصيات سياسية أخرى

وقالت العبايجي إنّ القوى المدنية الوطنية التي تنتمي إليها تعمل منذ مدّة على “إخراج مشروع يتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية وهو أن لا نكون ضمن الهوية المدنية فقط وإنما التركيز على الهوية الوطنية الأكثر سعة والتي من الممكن أن تستقطب شخصيات وقوى تسهم بخلق مشروع موسع ويكون بمستوى التحديات التي نمر بها كبلد ومنطقة وإقليم ومواكبتها.” وأرجعت تلك الجهود إلى أن “طبيعة هذه التحديات في هذه المرحلة تختلف نوعيا عن الانتخابات السابقة.”

ومن جهته قال فهمي “نحن بصدد تكوين تحالف مدني وطني تشارك به قوى وشخصيات سياسية أخرى وقد نظمنا لقاء لستة عشر طرفا.” وأوضح بالقول “أعددنا مسودة مشروع وطني ووزعناها على جميع الأطراف ووردتنا ملاحظات وناقشنا الورقة والموقف من الانتخابات وكانت هناك وجهات نظر مختلفة وكذلك مشتركات لمواصلة اللقاءات.”

وكشف سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي عن “وصول دعوات من النائب عدنان الزرفي ومثلها من حيدر العبادي للقاء من أجل بلورة المواقف لإقامة تحالفات انتخابية”، موضحا أنّ  “حتى الآن لم تحسم هذه الأمور ولكن سنصل خلال الأيام القادمة إلى تفاهمات.”

ومازال أمام التحالفات الانتخابية طريق طويلة لتتبلور وتكتمل وتأخذ شكلها النهائي لكنّ بعض الملامح الكبرى بدأت تتضح حيث تأكّد إلى حدّ الآن قرار القوى المشكلة للإطار التنسيقي الشيعي دخول الانتخابات بعدة قوائم على أمل أن يعاد لم شمل الإطار  بعد الانتخابات بهدف تكرار تجربة تشكيل الحكومة.

وبالتوازي مع ذلك راجت خلال الأيام الماضية أنباء عن توجّه رئيس الوزراء الحالي محمّد شياع السوداني نحو التحالف انتخابيا مع زعيم منظمة بدر هادي العامري ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، في خطوة بدت هادفة إلى مواجهة المنافس الأكبر للأطراف الثلاثة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

ولا تزال للقوى الكردية لاسيما الحزبين الكبيرين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وكذلك للقوى السنية العربية كلمة وازنة لم تقلها بعد في مجال تشكيل التحالفات الانتخابية.

 

اقرأ أيضا:

       • لماذا لا تُلغى الانتخابات التشريعية في العراق

3