قوى عالمية تسعى جاهدة لإثناء إسرائيل عن توجيه ضربة لإيران

وزير الخارجية البريطاني يقول إن إسرائيل عازمة على الردّ على الهجوم الإيراني.
الأربعاء 2024/04/17
إسرائيل سترد على الهجوم الإيراني لكن يبقى السؤوال متى وكيف

القدس  - تسعى القوى العالمية جاهدة إلى منع اندلاع صراع أوسع نطاقا في المنطقة بعد الهجمات الإيرانية مساء السبت بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة، وهي المرة الأولى التي تهاجم فيها طهران إسرائيل مباشرة بعد المواجهات بينهما على مدى عقود من خلال فصائل موالية لإيران.

قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارة لإسرائيل اليوم الأربعاء إنه من الواضح أن تل أبيب قررت الرد على الهجوم الإيراني، فيما يعتبر أقوى تحذير غربي حتى الآن من موجة أخرى من التصعيد في الشرق الأوسط.

وقال للصحفيين في مستهل زيارته للقدس "من الواضح أن الإسرائيليين يتخذون قرارا بالتحرك... نأمل أن يفعلوا ذلك بطريقة لا تؤدي إلا إلى أقل قدر ممكن من تصعيد الأمر".

وتابع "نحن حريصون جدا على تجنب التصعيد ونقول لأصدقائنا في إسرائيل، لقد حان الوقت للتفكير بالعقل والقلب وهذه هزيمة مزدوجة لإيران من نواح عديدة"، مضيفا لإذاعة راديو تايمز "لم يكن هجومهم فشلا ذريعا فحسب، بل يمكن لبقية العالم أيضا أن يرى مدى تأثيرهم الخبيث في المنطقة".

وواجهت إسرائيل الأربعاء ضغوطا من حلفائها للامتناع عن الرد على الهجوم الذي نفذته إيران بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، في الوقت الذي تعهدت فيه واشنطن وبروكسل بتشديد العقوبات على الجمهورية الإسلامية.

وخلال أول زيارة لوزيرين غربيين إليها منذ الهجوم الصاروخي الإيراني حث وزيرا خارجية بريطانيا وألمانيا إسرائيل على الهدوء، لكن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قال لهما، إن إسرائيل "تحتفظ بالحق في حماية نفسها".

وتفاقمت التوترات في الشرق الأوسط وخاصة بعد أن توعدت إيران بالرد إذا شنت عدوتها اللدود إسرائيل أي هجمات أخرى، في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة المحاصر منذ 7 أكتوبر من العام الماضي.

وشنت إيران الهجمات ردا على ما يشتبه بأنه غارة جوية إسرائيلية على مجمع سفارتها في دمشق في الأول من أبريل والتي أسفرت عن مقتل اثنين من كبار القادة وعدد من الضباط الإيرانيين الآخرين.

وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) المدعومة من إيران، والتي صاحبها تصاعد أعمال العنف في أنحاء المنطقة، يبحث الدبلوماسيون عن سبيل لتجنب معركة مباشرة بين إسرائيل وإيران.

وأسقطت إسرائيل وحلفاؤها معظم الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها طهران مطلع الأسبوع ولم تتسبب في أي وفيات ولم تحدث سوى أضرار طفيفة.

 لكن إسرائيل تقول إن عليها الرد للحفاظ على مصداقية وسائل الردع التي تمتلكها. وتقول إيران إنها تعتبر الأمر منتهيا في الوقت الحالي لكنها سترد مرة أخرى إذا أقدمت إسرائيل على شن هجوم جديد.

وتعهد قائد الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي "بالرد" على أول هجوم مباشر لإيران على الإطلاق، وشدد المتحدث العسكري دانييل هاغاري أيضا على أن إيران "لن تفلت من العقاب".

ولم يتضح كيف ومتى قد تضرب إسرائيل، وما إذا كانت ستستهدف إيران مباشرة أو تهاجم مصالحها أو حلفاءها في الخارج في أماكن مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن.

ومن المتوقع أن تناقش إسرائيل ردها على إيران في اجتماع لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي تضم أيضا منافسين من تيار الوسط جرى ضمهم إلى الحكومة في استعراض للوحدة بعد أن هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي.

وتأمل واشنطن وحكومات غربية أخرى أن تساعد العقوبات الاقتصادية الجديدة على إيران في إقناع إسرائيل بالحد من نطاق ردها على الهجوم الإيراني. وقال كاميرون إن بريطانيا تأمل في فرض عقوبات منسقة على إيران من دول مجموع السبع التي تجتمع هذا الأسبوع في إيطاليا، مضيفا أن الإيرانيين "بحاجة إلى رسالة واضحة لا لبس فيها من مجموعة السبع".

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في بيان أمس الثلاثاء إن واشنطن تعتزم فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ والطائرات المسيرة في الأيام المقبلة وتتوقع أن يحذو حلفاؤها حذوها.

وقالت واشنطن، الحليف الأكبر لإسرائيل، إنها لن تنضم إلى أي هجوم على إيران ودعت إلى وقف التصعيد، كما فعل عدد من الزعماء الغربيين والعرب الآخرين.

وبدلا من ذلك، تعهدت واشنطن بفرض مزيد من العقوبات التي تستهدف برنامج الصواريخ والطائرات المسيرة الإيراني والحرس الثوري الإسلامي ووزارة الدفاع الإيرانية.

وقال سوليفان إن الإجراءات الجديدة "ستواصل الضغط المستمر لاحتواء وإضعاف قدرة إيران العسكرية وفعاليتها والتصدي لمجمل سلوكياتها الإشكالية".

وفي وقت سابق قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين إن الولايات المتحدة ستستخدم العقوبات وستعمل مع حلفائها لمواصلة عرقلة "نشاط إيران الخبيث والمزعزع للاستقرار".

وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، متحدثا في بروكسل بعد مؤتمر طارئ عبر الفيديو لوزراء خارجية الاتحاد، إن بعض الدول الأعضاء طلبت توسيع العقوبات على إيران.

وأضاف بوريل أن الاقتراح سيوسع نظام العقوبات الذي يسعى إلى الحد من توريد الطائرات الإيرانية المسيرة إلى روسيا بحيث يشمل أيضا إمدادات الصواريخ، ويمكن أن يشمل كذلك عمليات التسليم إلى وكلاء إيران في الشرق الأوسط.

ومنذ أن اشتعلت الحرب في غزة بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل، مما أسفر وفقا للإحصائيات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، اندلعت مواجهات أيضا بين إسرائيل وجماعات متحالفة مع إيران متمركزة في لبنان وسوريا واليمن والعراق.

وداخل غزة شنت إسرائيل حربا جوية وبرية واسعة النطاق تأكد خلالها وفقا لوزارة الصحة في غزة مقتل ما يقرب من 34000 فلسطيني، ويخشى أن يكون آلاف آخرين قد لقوا حتفهم وما زالوا مفقودين بين الأنقاض.

وباستثناء أسبوع واحد في نوفمبر الماضي جرى خلاله وقف إطلاق النار، وتسنى خلاله إطلاق سراح نحو نصف الرهائن، لم تسفر الجهود الدبلوماسية إلى الآن عن التوصل إلى شروط لمجرد هدنة أطول أمدا، وليس إنهاء الحرب.

وسحبت إسرائيل هذا الشهر بشكل مفاجئ معظم قواتها من جنوب قطاع غزة، الذي شهد معظم المعارك العنيفة منذ بداية العام. وتركز القتال خلال الأيام الماضية في وسط غزة، في مخيم النصيرات شمالي دير البلح، وهي إحدى المناطق القليلة التي لم تقتحمها القوات الإسرائيلية بعد.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهو أحد الوسطاء في المحادثات الرامية إلى التوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة إن المفاوضات "متعثرة".

في الأثناء، قالت مصادر دبلوماسية إن مجلس الأمن الدولي يستعد الخميس للتصويت على مشروع قرار صاغته الجزائر بشأن العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.

وتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي قرارا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة لم يكن له أي تأثير على الأرض.