قوى سودانية توقّع وثيقة تقرّ باستئناف الشراكة مع العسكريين

الخرطوم - وقّعت أحزاب سودانية مساء الثلاثاء "وثيقة توافقية لإدارة الفترة الانتقالية" تهدف إلى تجاوز الأزمة السياسية الراهنة في البلاد والوصول إلى "الحكم المدني الديمقراطي".
وجاء التوقيع على الوثيقة السودانية التوافقية لإدارة الفترة الانتقالية بمبادرة من المركز الأفريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول الديمقراطي، ومركز دراسات السلام والتنمية بجامعة بحري.
وقال محمود زين العابدين محمود، مدير المركز الأفريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول الديمقراطي، إن الوثيقة عبارة عن مبادرة سودانية وطنية توافقية موحدة، وفق وكالة الأنباء الرسمية.
وأضاف أنها "تعبّر عن رؤى قوى سياسية ومجتمعية متعددة لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة، وتحقيق الانتقال الآمن للوصول إلى الحكم المدني الديمقراطي بالبلاد".
وأفاد بأن الدعوة إلى التوقيع على هذه الوثيقة "شملت جميع أصحاب المبادرات الوطنية، واستجابت معظمها، وهي تمثل منصة وطنية مفتوحة يشارك فيها الجميع دون شرط أو قيد".
وأكد محمود أنه توجد 76 مبادرة وطنية، وعدد المبادرات المشاركة حتى الآن (في الوثيقة) هي "32 ضمت قوى سياسية ومجتمعية وأكاديمية وأهلية وشخصيات قومية".
وهذه الوثيقة تحدد مهام الفترة الانتقالية والشراكة في إدارتها بين المكون المدني والمكون العسكري وأطراف العملية السلمية، وتؤكد الالتزام بما ورد في اتفاق سلام جوبا لعام 2020 بشأن نظام الحكم (الحكم الفيدرالي)، بحسب الوكالة.
وتقترح الوثيقة تشكيل حكومة من عشرين وزيرا يمثلون ولايات (محافظات) البلاد (18 محافظة)، مع تسمية رئيس وزراء من الكفاءات (بلا انتماء حزبي)، بالتشاور الواسع مع القوى السياسية، وفق الوكالة.
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن من أبرز الموقعين على الوثيقة أحزاب الأمة القومي، والاتحادي الديمقراطي الأصل، إلى جانب مجموعة التوافق الوطني بقوى الحرية والتغيير، إضافة إلى حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، وتجمع قوى تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة.
ولم يصدر حتى صباح الأربعاء أي تعقيب من مجلس السيادة الانتقالي بشأن موقفه من مقترحات هذه الوثيقة.
وكان رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان قد أشار في تصريحات الجمعة الماضي إلى خطوات لتهدئة التوتر في البلاد، بعد ستة أشهر من انقلاب عسكري.
وقال البرهان في تصريحات أدلى بها خلال إفطار رمضاني "نحن مقبلون على مرحلة صعبة، ويجب أن نقدم فيها جميعا تنازلات من أجل البلد"، مشيرا إلى تدهور الوضعين الاقتصادي والأمني في البلاد.
وأضاف "مستعدون لتقديم ما يمكن لتهيئة المناخ للحوار".
وذكرت وكالة "رويترز" في وقت سابق من الشهر الحالي، أن هناك اتفاقا قيد الدراسة، قدمته أحزاب متحالفة مع الجيش لتشكيل حكومة جديدة.
ويشهد السودان تحركات إقليمية ودولية مكثفة لمعالجة أزمته السياسية التي دخلت شهرها السادس.
وتوجد مبادرات خارجية بينها: مبادرة الأمم المتحدة، ومبادرة الهيئة الحكومية للتنمية بدول شرقي أفريقيا "إيغاد"، ومبادرة الاتحاد الأفريقي، ومبادرتان من دولتي جنوب السودان وإريتريا.
أما محليا، فطرحت قوى عديدة مبادرات منها: حزب الأمة القومي، والحزب الاتحادي الأصل، والجبهة الثورية، ومبادرة مدراء جامعات سودانية.
ويشهد السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، احتجاجات تطالب بحكم مدني وترفض إجراءات استثنائية أعلنها البرهان، أبرزها حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
ونفى البرهان صحة اتهامات له بتنفيذ انقلاب عسكري، وقال إنه اتخذ هذه الإجراءات لـ"تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، متعهدا بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.
وقبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ الحادي والعشرين من أغسطس 2019 فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، وكان من المفترض أن يتقاسم السلطة خلال تلك الفترة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.
وبالإضافة إلى الأزمة السياسية، يعاني السودان من أزمات اقتصادية متلاحقة وأزمات في غاز الطهي والكهرباء والمياه.
والثلاثاء، أظهرت بيانات رسمية ارتفاع معدل التضخم بالسودان في مارس الماضي إلى 263.16 في المئة، على أساس سنوي، مقارنة مع 258.40 في المئة في فبراير السابق له.