قوة دعم أفريقية لمساعدة موزمبيق في مواجهة الجهاديين

أذعنت حكومة موزمبيق في نهاية المطاف إلى الضغوط الإقليمية من أجل السماح لقوات أجنبية بالمشاركة في قمع التمرد الجهادي شمالي البلاد والذي يهدد الاستقرار الإقليمي بأسره. وحتى الأشهر القليلة الماضية رفضت مابوتو المساعدة العسكرية الأجنبية بسبب حسابات سياسية وعرقية.
مابوتو - أجبرت الهجمات الجهادية المتنامية والتي أدت إلى نزوح أكثر من 530 ألف نسمة، الحكومة الموزمبيقية على التخلي عن المحظورات السياسية والسماح بتواجد قوات عسكرية أجنبية على أراضيها من أجل مواجهة خطر جهادي يتهدد الاستقرار الإقليمي الهش.
وأعلن تجمع تنمية الجنوب الأفريقي (سادك) الذي يضم 16 دولة في بيان أنه سيرسل قوات إلى موزمبيق لمواجهة الهجمات الإرهابية المتزايدة. ولم يتم الكشف عن تفاصيل حول عدد القوات التي سيتم إرسالها، فيما تحدثت تقارير سابقة عن 3000 جندي.
وقررت الدول الأعضاء تقديم مساعدات إنسانية إلى جانب منظمات الإغاثة بالإضافة إلى الاستثمار في التعليم والاقتصاد.
ويفر الآلاف من الأشخاص بسبب العنف المتكرر ويعاني ما يقرب من مليون شخص حاليا من الجوع الشديد.
وفر نحو 50 ألف شخص بعد هجمات على مدينة بالما الساحلية بشمال موزمبيق في مارس. وأعلنت ميليشيا داعش الإرهابية مسؤوليتها عن الهجوم في وقت لاحق.
وفي المنطقة، تشارك شركة توتال الفرنسية للطاقة في مشروع للغاز السائل تبلغ قيمته نحو 17 مليار يورو (22.60 مليار دولار).
وازدادت وتيرة الدعوات للتدخل العسكري من قبل سادك والتحذيرات من انتشار الإرهاب في الدول المجاورة بعد الهجوم.
3000
جندي أفريقي سيتوجهون إلى موزمبيق قريبا لدعم القوات المحلية
ويشن المتمردون الإسلاميون هجمات وحشية في شمال موزمبيق منذ عام 2017. ووفقا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، فقد نزح أكثر من 530 ألف شخص.
وتعرف المجموعات الجهادية في المنطقة باسم “الشباب”، وهي تزرع الرعب منذ 2017 في مقاطعة كابو ديلغادو الحدودية مع تنزانيا ذات الغالبية المسلمة. ويعمد المسلحون خلال هجماتهم إلى إحراق قرى بكاملها وقطع رؤوس الرجال.
وتزايدت وتيرة هجماتهم منذ سنة. وكان الرئيس فيليب نيوسي مترددا في قبول مساعدة خارجية، مشددا على سيادة البلاد.
ويشعر الرئيس نيوسي بالقلق من أن التدخل في مكافحة الإرهاب قد يهدد مكانه في السلطة من خلال تفاقم التحديات الأمنية وتوازن القوى العرقية في الشمال. وقبل تفاقم الهجمات، كانت الحكومة تؤكد أن التهديد ليس كبيرا بما يكفي لتبرير الدعم الأجنبي.
وتكافح الحكومة الموزمبيقية، التي تعاني من ضائقة مالية شديدة، لتوسيع قدرات القوات المسلحة الدفاعية الموزمبيقية للتعامل مع التهديد دون تعريض قدرة الجيش للخطر، لكن القوات المسلحة أخفقت إلى حد كبير في عرقلة سيطرة الجهاديين على أجزاء واسعة في الشمال.
وسمحت سيطرة الجهاديين على مدينة بالما الاستراتيجية بالمزيد من الوصول غير المقيّد إلى الإمدادات، وكذلك الطرق المؤدية إلى شبه جزيرة أفونجي. لكن على الرغم من هذا التهديد المتزايد، استمر الرئيس نيوسي، في السعي للحصول على مساعدة عسكرية محدودة فقط بسبب مخاوف بشأن التعدي على السيادة.
ووقع نيوسي على صفقات مع دول فردية تتعلق بزيادة التدريب والتمويل للقوات المسلحة الدفاعية الموزمبيقية، بل إنه سمح بإمكانية الانتشار الأجنبي المحدود الذي ستكون مابوتو قادرة على التحكم فيه بشكل أفضل.
ويخشى نيوسي أن يمكّن الدعم الكبير المتعدد الأطراف المقاطعات من التدخل لتقديم مطالب سياسية لا ترغب موزمبيق في قبولها، مثل وضع ترتيب أكثر إنصافًا لتقاسم السلطة مع قوى المعارضة.
ويشعر حزب جبهة تحرير موزمبيق الحاكم بزعامة نيوسي بالقلق أيضًا من أن التدخل في مكافحة الإرهاب قد يهدد مكانه في السلطة من خلال تفاقم التحديات الأمنية وتوازن القوى العرقية في شمال موزمبيق.
وتدخلت (سادك) والدول المجاورة بشكل مكثف خلال الحرب الأهلية في موزمبيق في السبعينات، والتي شهدت وصول نيوسي إلى السلطة لأول مرة. وخلال هذا التدخل، دعمت روديسيا وجنوب أفريقيا حركة المقاومة الوطنية الموزمبيقية المتشددة، والتي تواصل حكومة موزمبيق بقيادة نيوسي القتال ضدها باعتبارها جماعة متمردة في وسط موزمبيق.
وفي الأشهر الأخيرة، أصبحت الجماعات الجهادية أكثر فتكًا من حيث نطاق وحجم هجماتها (بشكل أساسي الهجمات المسلحة التي تستهدف قوات الأمن أو المدنيين).
وعلى الرغم من أن الجماعات لم تظهر بعد قدرتها على ضرب أهداف مادية بشكل كبير، بما في ذلك مشروع توتال للغاز الطبيعي المسال، كما أنها لم تستخدم المتفجرات بشكل متكرر مثل العبوات الناسفة.
ومع ذلك، شنت الجماعات هجمات على جزر قبالة ساحل البر الرئيسي لموزمبيق. وبالتالي، من الممكن أن يحدث تطور مستقبلي لاستهداف السفن البحرية التي تعمل في المكونات البحرية لمشروع الغاز الطبيعي المسال.واستخدمت شركة توتال وشركات النفط الأخرى التي تعمل على تطوير منشأة الغاز الطبيعي المسال في كابو ديلغادو مقاولين عسكريين خاصين، وهم بشكل عام أفضل من حيث قدراتهم التدريبية والتجهيزية من القوات المسلحة الموزمبيقية، للمساعدة في حماية أصولهم.
وإلى جانب القيود اللوجستية، جعل المرفق أصعب وأكثر تكلفة لاستهدافه من قبل الجماعات الجهادية مقارنة بالقرى النائية في المنطقة.
ويرى محللون أن قبول مابوتو بالمساعدة العسكرية من الدول الأخرى جاء متأخرا وهو ما يجعل العملية بطيئة، مما يبقي الجماعات الجهادية خطرًا أمنيًا أكبر لمشاريع الغاز الطبيعي المسال في عام 2021.
ويشير هؤلاء إلى أن أي نوع من الدعم – سواء كان تدخلا أجنبيًا أو تزويد القوات المسلحة الموزمبيقية بالمزيد من وسائل التدريب والتمويل – سيستغرق شهورًا، إن لم يكن سنوات، للتنظيم والنشر الفعلي.